اقتصاد، مجتمع

الكساد يهدد أشجار “الكركاع” بالموت.. ومزارعون مستاؤون من إغراق السوق بالمنتوج المستورد

يشتكي مزارعو الجوز “الكركاع” بالمناطق الجبلية من الانخفاظ الملحوظ في أسعار الجوز، مع حلول موسم جنيه.

وكشف رئيس جماعة تبانت بأزيلال خالد تكوكين في تصريح خص به جريدة “العمق”، أن هذا التراجع في أثمان “الكركاع” بات مشكلا يؤرق مالكي أشجار الجوز بالمناطق الجبلية في السنوات الأخيرة، بسبب “إغراق” السوق المغربية بالجوز المستورد من الخارج.

وتابع “تكوكين” حديثه قائلا، “ظاهرة كساد غلة الجوز بالمناطق الجبلية بدأت منذ ما يزيد عن أربع سنوات، لكن المشكل تفاقم هذه السنة، وأصبح الفلاح الصغير يجد صعوبة في تسويق محصوله السنوي”.

محمد الهادي رئيس تعاونية آيت بوكماز للمنتجين الفلاحيين، أكد بدوره على أن الجوز المحلي يتعرض إلى منافسة شديدة من الجوز المستورد من بلدان مثل الشيلي والصين. “تلك المنافسة تفضي، بالإضافة إلى الوسطاء في السوق، إلى انهيار الأسعار. الأمر الذي يصبح معه الفلاح الصغير عاجزا عن سد النفقات التي يتطلبها جني محصول الجوز” يضيف المتحدث.

وعن ثمن الجوز الحالي أوضح الهادي أن سعره لم يعد يتعدى 45 درهما للكيلو “المقشر”، بعدما كان سعره يصل إلى 100 درهما، موضحا أن “عائد محصول الجوز كان فيما مضى يسد كثير من حاجيات الساكنة في كل موسم، لكن في السنوات الأخيرة ومع تراجع مردودية المحصول، أصبحت شجرة الكركاع وما تتطلبه من عناية ونفقات، تثقل كاهل مالكها”.

وعن مجهودات الدولة للحفاظ على شجرة عمرت المناطق الجبلية لسنين، أفاد الهادي أن وزارة الفلاحة في السنوات الأخيرة انشأت بآيت بوكماز وحدة لتثمين المنتوج، لكن إغراق السوق الداخلية بالجوز المستورد حال دون ذلك.

و بلغ إجمالي واردات الجوز في المغرب السنة المنصرمة، حسب موقع “إيست فروت”، المتخصص، أكثر من 186 مليون دولار من حيث القيمة، مع الولايات المتحدة الأمريكية بصفته أكبر مورد للمملكة، بفضل مكانتها الرائدة في سوق الجوز العالمي، إلى جانب الموردين مهمين أخرين كالصين وتشيلي اللتين احتلتا المرتبة العاشرة والحادية عشرة في الترتيب العالمي لمصدري الجوز.

من جهة ثانية يرى محمد الحسين رئيس تعاونية “أسويك” بإمليل بالحوز، أنه بالاضافة إلى عامل إغراق السوق المغربية بالمنتوج المستورد، هناك عوامل أخرى تساهم في تراجع سعر الجوز، ذكر منها قلة المياه وشيخوخة أشجار الجوز التي لم تعد تعطي الثمار كما في السابق، مشددا على “جودة المنتوج المغربي رغم قلته مقارنة مع الجوز المستورد الذي يتميز بكبر حجمه ويميل لونه للبياض، فالأول مفضل لدى الأسر، غير أن تراجع العرض يدفعها إلى القبول بالمستورد رغم ارتفاع سعره وضعف جودته”، على حد تعبيره.

من جهته تأسف رئيس جماعة تبانت خالد تيكوكين لمستقبل شجرة الجوز المعمرة والمهددة بالانقراض، مبرزا “أنها أصبحت تشكل عبء على الفلاح ولم يعد يستطع تحمل نفقاتها، خاصة أنها تحتل مساحة كبيرة من الأرض الفلاحية لضخامتها وبالتالي عدم استغلال مالكها لتلك المساحة في مزروعات أخرى بسبب ظلها، مما يدفع الفلاح إلى قطعها واستبدالها بأشجار مثمرة أخرى”، يضيف المتحدث.

ولفت إلى أن ظاهرة الكساد الذي أصاب أشجار الجوز مؤخرا بالمناطق الجبلية أصبحت “تسيل” لعاب العديد من تجار الخشب الساعون الى الربح السريع، مما  تنامى معه قطع أشجار معمرة لما يزيد عن 800 سنة.

ويرى تيكوكين أن عملية استيراد الجوز المستورد يجب تقنينها بطريقة يتم فيها مراعات وضعية الإنتاج المحلي، مشددا على ضرورة حماية الفلاح بالمناطق الجبلية ومراعات القدرة الشرائية للمستهلك.

وفي السياق ذاته طالب رئيس تعاونية “أسويك” بإمليل من المسؤولين عن القطاع إلى تشجير المناطق الجبلية بأشجار الجوز، لمواجهة خطر انقراض أشجارا عمرت لمئات السنين مع ساكنة الجبل.

وتجدر الإشارة إلى أن الأسر المغربية تقبل على شراء الجوز بكثرة بالإضافة إلى فواكه جافة أخرى، في الأعياد ومناسبة عاشوراء وذكرى المولد النبوي وليلة القدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *