سياسة

بعد الجفاف والحرائق.. “المستثمرون الكبار” يعمقون أزمة واحات درعة تافيلالت

الجفاف والحرائق وهيمنة الفلاحين الكبار، ثالوث أضحى يؤرق ساكنة مناطق الواحات بالرشيدية وأرفود والريصاني والنواحي، حيث تأثر إنتاج التمور هذا العام بشكل كبير. فبعد الجفاف القاسي الذي نزل بلا رحمة على تلك الأراضي وجعل أحلام الفلاحين تنضب ومعها مياه الآبار، تأتي الحرائق لتدمر هي الأخرى مئات أشجار النخيل، فيما زاد من تعقيد الأزمة أصحاب الضيعات الكبيرة، الذين ركبوا موجة الزراعة العصرية واعتمدوا أنظمة السقي الحديثة، مستفيدين بشكل كبير من دعم الدولة.

وسجل فلاحون التقت بهم جريدة “العمق” خلال الملتقى الدولي للتمور بأرفود، تراجع إنتاج الواحات من التمور هذه السنة بـ80 بالمائة، بسبب الجفاف والحرائق والأمراض، في حين لوحظ ارتفاع الإنتاج بالضيعات العصرية، المنتشرة بالرشيدية وأوفوس والريصاني، والتي تعود ملكيتها لمستثمرين كبار.

في هذا الإطار، قال لحسن أكمان، وهو عضو بتعاونية “تمور واحة درعة”، إن الجهود التي تقوم بها الدولة في الواحات يذهب غالبيته لأصحاب الضيعات العصرية، أم فلاحي الواحة “فكاين الله سبحانه وتعالى”، وفق تعبيره، مشددا على ضرورة أن تنصب الجهود على بناء السدود التلية، لأنها الكفيلة بحل مشكل ندرة المياه.

وأضاف أكمال في حديث مع “العمق”، أن التمور هي مصدر رزق الأسر بالواحة، وقلة الإنتاج أثر عليها بشكل كبير، وهو ما دفع ببعض العائلات إلى هجرة دواويرها نحو المدن الكبرى، لأنه لم يعد لديها ما تنتج، لا تمور ولا مواشي، وليس لديها الإمكانيات المادية من أجل التنقيب على المياه، خصوصا وأن مستوى المياه في الآبار تراجع بعمق 100 و200 متر.

المتحدث ذاته، قال إن الأمطار التي تشهدها مناطق الواحات وعلى قلتها لا يتم استغلالها بتجميعها عن طريق سدود تلية، على الأقل لإنعاش الفرش المائية، مسجلا أن السدود الموجودة بجهة درعة تافيلالت غير كافية، وأغلب مياه الأمطار تذهب إلى الجزائر، ولا يستفيد منها المغرب.

من جانبه، قال إدريس الأنصاري، وهو مسير تعاونية “الأنصاري” بقصر “تمعاكيت” بواحة “أوفوس”، إنه إلى جانب الجفاف والحرائق، يتسبب مرض “البيوض” في خسائر كبيرة لفلاحي الواحة، خصوصا تمر “المجهول”، مسجلا أن الواحة فقدت عدة أنواع بفعل الحرائق مثل تمر “بيض الدجاج”، و”الخلط”، و”بوسكري”.

ولفت الأنصاري في تصريح لجريدة “العمق”، أن الحرائق دمرت ربع الواحة، وأثرت بشكل كبير على معيش الساكنة، خصوصا بـ”زاوية أوفوس”، و”قصر الزريقات”، مبرزا أنه بعض أشجار النخيل رغم احتراقها إلا أنها لازال تقوى على الإنتاج، ويتطلب منها الأمر عامين إلى 3 سنوات لاسترجاع إنتاجها العادي.

ويرى عبد الإله صابر، وهو فلاح بالريصاني، أن هذه العوامل كلها انعكست بشكل كبير على الأسعار، والتي ارتفعت بـ20 بالمائة، مشيرا إلى أن تمر المجهول انتقل ثمنه من 60 و70 درهم إلى 90 و120 درهما، و”الفكوس” الذي كان يباع بـ30 درهم انتقل ثمنه إلى 50 و60 درهما.

وأبرز صابر في حديث مع “العمق”، أن المنتوج الواحي لم يعد يقوى على منافسة المنتوج الأجنبي، الذي يباع في الأسواق المغربية بأسعار منخفضة، خصوصا القادم من السعودية ومصر وقطر، وليبيا والجزائر.

وتعد جهة درعة-تافيلالت الجهة الرئيسية لإنتاج نخيل التمر، حيث تساهم بأكثر من 79% من الإنتاج الوطني للتمور بحجم 91 ألف طن. أما جهات سوس-ماسة والشرق وكلميم -واد نون، فتساهم معا بنسبة 21% من الإنتاج، أي 24 ألف طن.

ويطمح المغرب في تحسين إنتاجه من التمور ليصل بحلول 2030 إلى 300 ألف طن، غير أن استمرار الجفاف في المناطق المنتجة واندلاع الحرائق بين الفينة والأخرى، خصوصا بواحات درعة تافيلالت التي تساهم بأكثر من 79% من الإنتاج الوطني بحجم 91 ألف طن، من شأنه أن يعقد من الوصول إلى هذه النتائج.

ووفقا معطيات وفرتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن الإنتاج المتوقع للتمور برسم الموسم الفلاحي 2023-2024، يقدر بـ115 ألف طن من التمور بزيادة 6,5 بالمائة مقارنة بالموسم السابق. ويأتي هذا الإنتاج على الرغم من مساحة منتجة قدرها 50,9 ألف هكتار.

وأشارت المعطيات التي حصلت عليها جريدة “العمق”، إلى أنه على الرغم من الظروف المناخية الصعبة التي سادت خلال المراحل الرئيسية لنمو نخيل التمر فإن الزيادة في الإنتاج تتحقق بفضل بداية الإنتاج في الحقول الجديدة، لا سيما بجهة الشرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *