مجتمع

علم النفس والذكاء الاصطناعي.. خبير يحذر من الاستعمال المفرط للتكنولوجيا الرقمية

“تدريس علم النفس أمام تحديات الذكاء الاصطناعي”، عنوان ندوة علمية نظمت نهاية الأسبوع الماضي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط بتعاون مع فريق البحث في علم النفس.

الحدث المؤطر من طرف الأستاذة الجامعية مرية أوشلح، باحثة ومتخصصة في علم النفس الإكلينيكي والمرضي، تأتي انسجاما مع الأوراش ذات الأولوية، للمخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي، الهادفة إلى تأسيس نموذج بيداغوجي مبتكر وخلق دينامية جديدة في مجال البحث العلمي تتسم بالجدة والراهنية وتستجيب للحاجات المتجددة للمجتمع المغربي.

اللقاء العلمي شكل فرصة لإثارة وتعميق النقاش حول القضايا والإشكالات والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي فيما يخص عدد من القضايا التي ترتبط بالصحة العقلية، خاصة التشخيص والتكفل والوقاية من الاضطرابات النفسية، علاوة على عرض مجموعة من مواضيع البحث ذات الأهمية فيما يخص تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال السيكولوجيا بحثا وتدريسا وتأطيرا.

في هذا السياق أكد سفيان أزواغ، أستاذ علم النفس بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأحد المشاركين فالندوة، أن التكنولوجيات الرقمية أضحت تحتل مكانة أساسية في حياة الإنسان المعاصر في شتى المجالات سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، الإدارة، الصحة، التعليم، الأسرة وما إلى غير ذلك، معتبرا أن هذا التحول أحدث تحولات بارزة ليس على مستوى سلوكات الفرد فحسب، بل أيضا على المستوى الجماعي والمجتمعي والقيمي والتنظيمي.

وأشار المتحدث في تصريح خص به جريدة “العمق” إلى تطور ثقافة وأشكال جديدة من طرق العمل والاشتغال، والتي أضحت تطرح عدة تحديات وإشكاليات علمية وتطبيقية، خاصة في مجالات علم النفس الشغل وعلم النفس الإكلينيكي وعلم النفس التربوي، كالعمل الرقمي travail digitalisé والعمل عن بعد télétravail والعمل المشترك coworking والاستشارة عن بعد téléconsultation والتدريس عن بعد l’enseignement à distance.

وأوضح الباحث في علم النفس الشغل والتنظيمات، أن التكنولوجيا الرقمية توفر فرصًا لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية، لكن الاستعمال الأمثل من عدمه هو المحدد الأساس للآثار التي يمكن أن تترتب عن ذلك، وحسب منظمة الأمم المتحدة، ففي الوقت الذي يمكن فيه للتكنولوجيات الرقمية أن تساهم في رفع التحديات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإنها في المقابل قد تهدّد خصوصية الفرد والمجتمع وتنتج عنها تبعات وعواقب كثيرة.

وتحدث أزواغ، عن العديد من الدراسات العلمية في عدد من مجالات علم النفس التي اهتمت برصد تأثيرات التعرض للشاشات exposition aux écrans على المستوى النفسي والسلوكي، خاصة لدى الأطفال والشباب.موضحا أن الاستخدام المفرط للشاشات يؤثر سلبا على النوم وجودة الحياة ويتسبب في مشكل السمنة ويرفع من خطر الإصابة بالاكتئاب وظهور بعض الاضطرابات السلوكية والجنسية ويعرض لمواقف التحرش السيبراني cyberharcélement.

واتابع: “في المقابل، تؤكد بعض الأدبيات العلمية أن التكنولوجيا الرقمية، ولاسيما بعض ألعاب التدريب المعرفي أو البدني يمكن أن تنتج عنها آثار إيجابية فيما يتعلق بالتطور المعرفي والتعلم والقراءة والتفاعلات الاجتماعية والنشاط البدني لدى الأطفال”.

وفي معرض تصريحه، استعرض أستاذ علم النفس مجموعة من طرق الوقاية التي يمكن للفرد أن سيتعين بها لتجاوز المشاكل والتبعات النفسية التي قد تحدثها التكنولوجيات الرقمية، مشددا على وجوب تجنب الأطفال ما دون سن 3 سنوات التعرض للشاشات وتعزيز التواصل الفعلي والرابط العلائقي بين الوالدين والطفل، مع تخصيص أوقات للعب مع الأطفال، وعدم السماح لهم بمشاهدة التلفاز قبل ساعة من النوم.

وأردف أزواغ في ختام تصريحه أن تعزيز التواصل المباشر مع الأسرة والأصدقاء من بين أهم الطرق الواجب سلكها هذا مع طلب المساعدة والمشورة من أخصائيين نفسيين، مع العمل على التكوين والتدريب والتحسيس فيما يخص مزايا التكنولوجيات الرقمية والمخاطر المحتملة ذات الصلة.

جدير بالذكر أن هذه الندوة تطرقت أيضا إلى أهمية الذكاء الاصطناعي، عن طريق إبراز الإمكانات والمزايا التي يتيحها لتجديد مناهج التدريس، وتطوير الفعل البيداغوجي والبحث العلمي والممارسة المهنية في مختلف مجالات علم النفس، ولا سيما علم النفس الإكلينيكي والمرضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *