وجهة نظر

التليدي يكتب: في نقد برنامج “البام”.. الحلقة الثانية

برنامج البام نقل حرفي وتحريفي لإجراءات الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين ورؤية جد متخلفة للتكوين المهني.

تكشف تدابير برنامج البام مستويات ضعيفة من التفاعل مع السياسات العمومية، وضعف التتبع للسياسات والاستراتيجيات والمخططات الحكومية، هذا فضلا عن محدودية استيعاب عدد من الملفات، وسنقتصر في حلقة اليوم على مجال التربية والتكوين المرتبط بتثمين الرأسمال البشري:

مجال التربية والتكوين

اكتفى برنامج البام ضمن إجراءاته 11 الخاصة بالتربية والتكوين بالدعوة لأجرأة الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030، دون أي إبداع يذكر، بل لجأ إلى تحريف مضمون بعضها كما هو الشأن بإجراء مراجعة وتجديد المناهج والبرامج الدراسية مع تدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية. ففضلا عن عدم توضيح الإجراء المتعلق بمضمون هذه المراجعة وطبيعتها كما فعلت الرؤية الاستراتيجية حين حددت ربطت المراجعة بتخفيف البرامج والمناهج وتنويعها، وتوجيهها نحو البناء الفكري للمتعلم والمتعلمة، وتنمية مهارات الملاحظة والتحليل والاستدلال والتفكري النقدي لديهما، فإن برنامج “البام” لم يكتف بالتعميم، بل حرف الإجراء الخاص بالهندسة اللغوية، فالرؤية الاستراتيجية تنص على مبدأ التناوب اللغوي، وتدريس بعض المضامين والمجزوءات في بعض المواد، باللغة الفرنسية ابتداء من التعليم الثانوي التأهيلي في المدى القريب ومن الإعدادي في المدى المتوسط وبالإنجليزية ابتداء من الثانوي التأهيلي في المدى ً المتوسط، في حين اقترح برنامج “البام” باسم أجرأة الرؤية الاستراتيجية “تدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية” دون مراعاة لمبدأ التناوب اللغوي وللمديات المنصوص عليها في هذه الرؤية.

على أن المثير في الموضوع، هو عدم الإشارة للقانون الإطار الذي أنجزته الحكومة، وطلبت من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إبداء راي استشاري مستعجل فيه قبل عرضه على المؤسسة التشريعية، إذ المفروض أن يتضمن برنامج البام إجراءات بخصوص القانون الإطار تتعلق بإخراجه أو اقتراح إجراءاته ضمنه.

مجال التكوين المهني

قدم برنامج البام في هذا المجال أربع تدابير تتعلق بتوحيد نظام قيادة التكوين المهني على المستوى الوطني، وإصلاح المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، وإشراك الفيدراليات في برامج التكوين ومنح الأولوية في التكوين المهني للشباب المحروم من التعليم والشغل والتغطية الاجتماعية. ولئن الإجراء الأول والثاني عامان وغير واضحين لأنهما يتوقفان على تحديد مفهوم نظام القيادة ومضمون الإصلاح المقترح، فسنقتصر على مناقشة الإجراء الرابع الذي يختصر نظرة الحزب للتكوين المهني. فاقتراح منح الأولوية في التكوين المهني للشباب المحروم من التعليم والشغل والتغطية الصحية يستضمر تصورا سلبيا عن هذا التكوين، هذا فضلا عن كونه لا يتلاءم مع متطلبات السوق والقطاع الخاص من أطر كفؤة وذات تأهيل عالي، فالرؤية التي يحملها برنامج البام جد تقليدية، ترى أن أولوية التكوين المهني هو امتصاص الفاشلين دراسيا ، في حين أن متطلبات السوق، وحاجة المهن العالمية المتوطنة بالمغرب تتطلب أن تكون مخرجات مؤسسات التكوين المهني ذات كفاءة عالية هذا فضلا عن تملكها للغات الأجنبية، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه إذا ما منحت الأولوية في التكوين المهني للشباب المحروم من التعليم.