اقتصاد

شركات عالمية غيرت مسارها.. ما تأثير أزمة البحر الأحمر على الاقتصاد المغربي؟

وضع جيو-سياسي متقلب ذلك الذي تعيشه الملاحة بالبحر الأحمر، سببه توالي اعتراض سفن الشحن البحرية وناقلات النفط من قبل الحوثيين، ما أدى إلى حدوث أزمة بمضيق “باب المندب”، وعطل عملية المبادلات التجارية بين مختلف الدول الآسيوية ونظيرتها بالقارة الأوروبية والأمريكية وحتى الإفريقية منها. 

هجمات الحوثيين، حسب ما تناقلته مجموعة من الصحف الأوروبية، أجبرت الشركات البحرية العالمية على استخدام الطريق البحري “رأس الرجاء الصالح” ومضيق “جبل طارق”، بدلا من استخدام قناة السويس، كما تأثرت 15 بالمئة من حركة المرور البحرية العالمية.

وحسب المتتبعين للشأن الدولي والاقتصادي من المرجح أن الوضع، سيشجع الشركات العاملة في السوق الأوروبية على إعادة مواقع إنتاجها، والتوجه نحو الدول المجاورة لتجنب انقطاع سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف وأوقات النقل. 

تغيرات لم تستثني المغرب، فالعديد من التساؤلات أضحت تطرح مؤخرا حول انعكاسات هذا التشنج على المبادلات التجارية المتعلقة بالمملكة، خاصة وأن البعض يرى أن المغرب يمتلك قدرات مهمة لجذب الاستثمارات بفضل ما يتوفر عليه من مناطق حرة وموانئ مؤهلة. 

تعليقا على هذا الموضوع، اعتبر المحلل الاقتصادي، بدر زاهر الأزرق، أن أزمة البحر الأحمر بسبب حركة الحوثيين بمضيق المندب، ستكون لها انعكاسات على المغرب والتجارة العالمية ككل، معتبرا أن الوضع أدى إلى الرفع من قيمة التأمينات البحرية كما رفع كلفة النقل البحري.

وأوضح المتحدث في تصريح لـ “العمق”، أن المغرب يعتمد في استيراد منتجاته بشكل كبير على جنوب شرق آسيا، ما يجعل مرور الخطوط القادمة من الصين عبر باب المندب وقناة السويس واقعا لا مفر منه، ما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الواردات، والأمر عينه ينطبق على واردات المملكة من المحروقات القادمة من الشرق الأوسط. 

وأضاف المحلل الاقتصادي، أن ارتفاع كلفة الاستيراد من الممكن أن تكون له انعكاسات سلبية على مجموعة من المنتجات المستوردة، ما يحيي مخاوف ارتفاع نسب التضخم، موضحا أن الأمر نفسه ينطبق على صادرات المغرب الذي يعد من أكبر البلدان المصدرة داخل القارة، خاصة وأنه يستعمل نفس هذه الخطوط البحرية لتصدير مختلف منتجاته، ما سيؤثر على أثمنة المواد المصدرة وينعكس سلبا على قوته التنافسية. 

وفيما يتعلق باستفادة المغرب من هذه الأزمة ومدى إمكانية استقطابه لاستثمارات جديدة، شدد الأزرق على أن الإشكال يرتبط بالطرق البحرية، وهو ما يطرح إشكال البحث عن طرق جديدة سواء تعلق الأمر باستخدام الطريق البحري “رأس الرجاء الصالح”، وصولا إلى المغرب وأوروبا، وهو طريق مكلف.

وتابع الإشكال المطروح أيضا يتجلى في مدى إمكانية التأمين العسكري لهذه الخطوط، متسائلا حول إمكانية توفير الأساطيل الموجهة لحماية الناقلات الأميركية والفرنسية وغيرها، الحماية اللازمة للسفن المتوجهة نحو إفريقيا والمغرب، أم أنها ستبقى عرضة للهجمات.

وفي ختام حديثه أوضح المحلل الاقتصادي، بدر زاهر الأزرق، أن التوتر في الشرق الأوسط، من المحتمل أن يؤدي إلى ارتفاع التكلفة ونسب التضخم، بالإضافة إلى تراجع الطلب العالمي، رغم وجود مؤشرات تؤكد ارتفاعه ما سيؤدي إلى حدوث دينامية اقتصادية على المستوى العالمي، واستدرك المتحدث بالقول إن “التحكم في الوضع والأحداث والعمل على تأمين المعابر والمضايق البحرية من المفترض أن يبقي التأثيرات مؤقتة وليست دائمة.

جدير بالذكر أن مجموعة من شركات النقل البحري العالمية مثل “MSC” و”Maersk” و”Hapag-Lloyd”، أعلنت في وقت سابق عن تفادي مضيق البحر الأحمر، ما يضع مصر في وضع حساس، على اعتبار أن الأخيرة تعتمد بشكل كبير على الإيرادات القادمة من قناة السويس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *