اقتصاد، سياسة

ديناميكية في العلاقات المغربية الليبية.. ديبلوماسية الرباط تنشد تكاملا اقتصاديا مع طرابلس

دماء جديد تسري في شريان العلاقات المغربية الليبية، في ظل توجه طرابلس نحو تجاوز ما تعيشه البلاد من مشاكل سياسية وتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية عن طريق العمل على تطوير علاقاتها الاقتصادية مع مختلف الشركاء، خاصة المنتمية منها إلى المنطقة المغاربية، وعلى رأسها المملكة المغربية.

ولعل من أبرز المؤشرات على ذلك، الاستعدادات لاستئناف الرحلات الجوية بين المغرب وليبيا بعد أن تم تعليقها لأسباب أمنية، إذ قام وفد تابع للخطوط الملكية المغربية، الأربعاء الماضي، بزيارة مطار معيتيقة، للاطلاع على الإجراءات المتبعة في العملية التشغيلية وتدابير السلامة والأمن المعمول بها في المطار.

وعبر وزير المواصلات الليبي، سالم الشهوبي، في وقت سابق، عن رغبة بلاده في إعادة الربط الجوي مع المغرب، بهدف تشجيع وتقوية المبادلات الاقتصادية بين البلدين، والمساهمة في تطوير التعاون الثنائي بين الطرفين في شتى المجالات، مع التعبير عن رغبة طرابلس في الانضمام إلى مبادرة الأطلسي.

اقتصادان متكاملان

هذه التطورات تطرح العديد من التساؤلات حول العلاقات الاقتصادية بين المغرب وليبيا، وكيف يمكن للطرفين الاستفادة من بعضهم البعض، قصد تحقيق النمو الاقتصادي، وهل يمكن الانفتاح على السوق الأسواق الليبية خاصة وأن الأوضاع الأمنية داخل البلاد غير مستقرة بشكل كامل.

حديثا عن هذا الموضوع، أوضح المحلل الاقتصادي، محمد جدري، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وليبيا، متميزة منذ سنوات، مضيفا أنه وخلال السنوات المقبلة يمكنها تتطور أكثر خاصة مع الربط البحري بين البلدين.

وأشار المتحدث إلى توفر البلدان على اقتصادين متكاملين، خاصة أن ليبيا تتوفر على مدخرات نفطية ورساميل مالية مهمة، كما أن المملكة تتوفر على جاذبية للاستثمارات الأجنبية ورأس مال بشري مهم، وبالتالي فهي بحاجة للرساميل الليبية.

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن هذا التكامل سيعود بالنفع على الطرفين سواء عن طريق خلق الثروة وفرص الشغل، وهو ما سيعود بالشيء الإيجابي على الدولتين، خاصة أن ليبيا ترغب في العودة إلى الواجهة من خلال دعم استقرارها وخلق مجموعة من فرص الشغل بالنسبة للشباب الليبي ونفس الأمر بالنسبة للمملكة المغربية.

وبالعودة إلى العلاقات الاقتصادية بين المغرب وليبيا، فإن الطرفان تربطهما اتفاقية للتبادل الحر منذ عام 2001، إلا أن حجم المبادلات لا يتجاوز 3 مليار درهم، وهو رقم ضعيف مقارنة بحجم المبادلات التي تربط المملكة مع مختلف شركائها الاستراتيجيين. إضافة إلى أن البلدان تجمعهما عدة اتفاقيات في قطاعات اقتصادية مختلفة.

الوحدة المغاربية

من جانبه، أكد المحلل السياسي، عباس الوردي، أن التوجه الليبي يفند مجموعة من الادعاءات الهادفة إلى تعكير صفو العلاقات المغربية الليبية، سواء تعلق الأمر بقيادة عملية السلام وتحقيق المصالحة بين الإخوة، أو عبر بناء صرح كفيل بالنهوض بالمنطقة المغاربية.

التقارب الحالي اعتبره أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق الرباط-السويسي، يقدم رسالة مفادها أن الوحدة المغاربية شرط أساسي للاستجابة لمتطلبات التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي والقاري والدولي، والرهان الحالي والمقبل لا يكتمل إلا بوجود المغرب الذي يشكل بوصلة التوجيه والتدبير المبني على البراغماتية.

وشدد المتحدث على أن ليبيا تؤكد رغبته في الاستفادة من التجربة المغربية، وتريد توطيد التدبير المشترك لمجموعة من القضايا الاقتصادية والأمنية والتنموية، وبالتالي فالدولة الليبية ترغب في تحقيق التعاون المشترك مع المغرب، والنهل من تجربته من أجل تجاوز مجموعة من الإكراهات التي تعيق التنمية داخل الدول العربية، كالإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

وتابع الوردي: “نحن أمام رسالة واضحة من طرف ليبيا تشير إلى أن الاقتصاد الليبية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التجربة المغربية والشراكة المغربية الرابحة التي تنبني على ميزان أداء بنيوي، ومنطق يقوم على مبدأ رابح-رابح المساهم في بناء مستقبل الأجيال وتجاوز العقبات التي تكرسها المنظومة الدولية الجديدة التي أصبحت مثقلة بالإشكالات العريضة، سواء تعلق الأمر بالمجال السياسي أو الاقتصادي أو الأمني”.

وفي ختام حديثه، شدد المحلل السياسي ذاته على أن المملكة تشكل نموذجا أبان عن نجاعته وفعاليته، وعن عدم تخليه عن قربه الجغرافي والجيوسياسي، فالمغرب دائما لعب دور كبير في تقريب وجهات النظر بين الأشقاء الليبيين من أجل العمل على استثبات الأمن داخل هذا البلد، وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *