مجتمع

التامني: نعيش انتكاسة حقوقية ونراهن على “العفو العام” لإحداث انفراج سياسي

قالت النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار إن المغرب يعرف مدا تراجعيا في الحقوق، موضحة أن حزبها يراهن على قانون للعفو العام لتجاوز الانحباس وإحداث انفراج سياسي، وهو ما دفعها لتتقدم بمقترح قانون في هذا الصدد.

اقترحت المبادرة التشريعية للتامني ، إصدار عفو عام شامل على كافة المعتقلين على خلفية أفعال مرتبطة باحتجاجات جماعية، لتحقيق انفراج جديد بالمملكة.

وعلى رأس هذه الاحتجاجات، تقول المبادرة التشريعية، احتجاجات الريف، وكل التدوينات والأفعال التي أدرجت ضمن المس بالنظام العام أو ضمن جرائم الحق العام المنسوبة إلى صحفيين ومدونين ونشطاء، والتي كانت موضوع متابعات أو توقيفات أواعتقالات أو أحكام قضائية، وذلك منذ فاتح يناير 1916 إلى فاتح يناير 2024.

وهؤلاء المعتقلين المعنيين بالعفو العام، بحسب مقترح القانون، من الذين رجحت المنظمات الحقوقية الدولية والآليات الأممية فرضية وجود علاقة بين التهم الموجهة لهؤلاء الأفراد وطبيعة مواقفهم وأنشطتهم، مقترحا إلغاء جميع الأحكام الصادرة بحقهم واعتبار العفو بمثابة حكم بالبراءة.

وبخصوص سياق ودوافع طرح هذا المقترح، قالت فاطمة التامني، إن حزبها يستشعر دقة اللحظة السياسية التي يعرفها المغرب، والتي في حاجة إلى بناء الثقة بين المجتمع والدولة، كما في حاجة إلى تجاوز الانحباس السياسي الذي تعرفه البلاد.

وأضافت التامني، في تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب يعلن انتماءه إلى منظومة حقوق الإنسان، وهذا يستلزم إحداث انفراج سياسي، موضحة أن تقديم مقترح للعفو العام يأتي في إطار وضع مؤسسة البرلمان أمام المسؤولية التي يتيحها لها الدستور.

كما يأتي أيضا، تضيف البرلمانية، لوضع البرلمان أمام مسؤوليته إزاء الرأي العام في ما يتعلق بالدفع نحو انفراج سياسي من شأنه أن يساهم في “تجاوز الانحباس الذي تعرفه البلاد.. نعيش اليوم مدا تراجعيا في الحقوق، من خلال المتابعات والمحاكمات والتضييق على الرأي”.

وأشارت المبادرة التشريعية إلى أن “السلطة الملكية دأبت على استعمال العفو الخاص للإفراج عن جزء ممن نطالب اليوم بتعميم استفادتهم من إجراء السراح وتمتيعهم بالحرية، وطي صفحة مرحلة تغلب فيها منطق الخوف من الحرية”، مطالبة بخلق تكامل بين آلية العفو الخاص وآلية العفو العام لتحقيق انفراج جديد.

وشدد المصدر ذاته على أن وجود تعايش الرأي والرأي المخالف أساس المشروع الديمقراطي، و”لا يجب أن يعتبر صاحب الرأي المخالف عدوا يتعين تحييده من ساحة الحوار ومنعه من التعبير عن الرأي وتعريض حياته للمضايقة وإخضاعه لأي صنف من صنوف الضغط والإيذاء والاضطهاد”.

ومن واجب الدولة المغربية، بحسب ما ورد في مقترح القانون، توفير “جو من الإطمئنان والأمان الذي يشجع على تحرير الطاقات وإذكاء روح النقاش البناء والتنبيه إلى المخاطر والانزلاقات حتى لا تضطر بلادنا ككل إلى تحمل نتائج أخطاء لم يتم التنبيه إليها في الوقت المناسب”.

ولفت المصدر ذاته إلى أن المملكة المغربية عرفت منذ حصولها على الاستقلال، تواتر لحظات انفراج لمحاولة تبديد الغيوم المتراكمة في سماء العلاقات بين الأطراف السياسية، والتخلص من آثار لحظات التشدد والتضييق على الحريات؛ إذ “سمحت لحظات المصالحات بتجنب استمرار احتقانات كان يمكن أن تؤدي إلى انفجارات كبرى لا تبقي ولا تذر”.

كما عاش المغرب، لحظات صدام قاسية، بين السلطة وقطاعات واسعة من الفاعلين السياسيين، و”لكننا لم نسقط في القطيعة الدائمة والنهائية”، تضيف المبادرة التشريعية لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

ومن شأن هذا المقترح، بحسب ما يوضح واضعوه، أن يقنع الآخرين بتطور مسار حقوق الإنسان في البلاد، باعتباره إجراءا ملموسا، يمكن تضمينه في التقارير الرسمية عن الجهود المبذولة لحماية الحقوق بالبلاد، إذ “لا يكفي أن يردد ممثلو السلطات العمومية المغربية، في كل المناسبات، أنهم متشبثون باحترام حقوق الإنسان وأن هذه الأخيرة لا تتعرض لأي خرق”.

ونبه المصدر ذاته إلى أن المغرب عاش في الآونة الأخيرة “خصاصا كبيرا على مستوى انفتاح الإعلام العمومي ونقصا صارخا على مستوى واجب احتضان وتقبل مختلف الآراء ووجهات النظر”.

وسجلت المنظمات الحقوقية العالمية في السنوات الأخيرة “كثيراً من مظاهر التراجع والارتداد، واعتبرت أن المحاكمات التي طالت نشطاء الحراكات الاجتماعية والصحفيين والمدونين وبعض الشخصيات السياسية قد لابستها اختلالات مسطرية بينة، وأن بعض التهم المنسوبة للمعتقلين لا يمكن فصلها عن مواقفهم والنبرة النقدية لخطاباتهم”، تقول المبادرة التشريعية.

فيدرالية اليسار نبهت أيضا إلى خلق معارضين منفيين في الخارج، حيث دفع اعتقال عدد من المدونين والصحفيين والفاعلين في وسائل الاتصال الاجتماعي والأحكام التي صدرت في حقهم، البعض إلى البقاء في الخارج “تجنبا للاعتقال بتهمة من التهم”.

وأصبح جزء من هؤلاء المعارضين أكثر سخطا على السياسات العمومية القائمة كما اعتبروا أنفسهم معفيين في خطابههم من الالتزام بأي قدر من اللياقة، بحسب ما ورد في ديباجة المبادرة التشريعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *