خارج الحدود

تقرير أممي يدعو إلى محاسبة كل الأطراف على الانتهاكات في فلسطين المحتلة

دعا تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تحقيق المساءلة والعدالة بشأن الانتهاكات الخطيرة لقوانين الصراعات المسلحة وغيرها من التجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل كل الأطراف في غزة والضفة الغربية- بما فيها القدس الشرقية- وإسرائيل خلال فترة 12 شهرا حتى الحادي والثلاثين من أكتوبر.

وشدد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك على ضرورة عدم السماح باستمرار الإفلات من العقاب المترسخ الذي أبلغ عنه مكتب حقوق الإنسان لعقود، ومحاسبة كل الأطراف على الانتهاكات التي وقعت خلال 56 عاما من الاحتلال و16 عاما من الإغلاق الذي فُرض على غزة، وحتى اليوم.

وقال تورك إن العدالة شرط أساسي لإنهاء دورات العنف وليتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من اتخاذ خطوات ذات مغزى باتجاه السلام.

ويثير التقرير طائفة واسعة من المخاوف بشأن القتل غير المشروع، واحتجاز الرهائن، والتدمير المتعمد لممتلكات المدنيين، والعقاب الجماعي، والحرمان من الخدمات الأساسية، وقصف البنية التحتية المدنية، والتهجير القسري، والتحريض على الكراهية والعنف، والاعتداء الجنسي والتعذيب، وجميعها محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني.

وذكر أن هناك حاجة لإجراء مزيد من التحقيقات لتحديد النطاق الكامل للجرائم وفق القانون الدولي. 

قال التقرير إن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة ارتكبت- على نطاق واسع- انتهاكات خطيرة للقانون الدولي يومي 7 و8 أكتوبر 2023. شمل ذلك هجمات موجهة ضد المدنيين والقتل العمد وإساءة معاملة المدنيين والتدمير المتعمد للأعيان المدنية واحتجاز الرهائن، بما يصل إلى جرائم الحرب، وفق ما أورده المصدر

وشدد على ضرورة إجراء مزيد من التحقيقات وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، حول شهادات تفيد بأن أفرادا من جماعات فلسطينية مسلحة وآخرين ارتكبوا أعمال اغتصاب واعتداء جنسي وتعذيب. 

في المقابل، قال التقرير الأممي إن الرد العسكري الإسرائيلي اللاحق- واختياره لسبل وأساليب الحرب- أسفر عن معاناة هائلة للفلسطينيين بما في ذلك قتل المدنيين على نطاق واسع، والنزوح المتكرر وتدمير المنازل والحرمان من الطعام الكافي وغير ذلك من أساسيات الحياة. كما عانى الأطفال والنساء بشكل خاص، واُرتكبت انتهاكات واضحة للقانون الدولي.

وأشار التقرير الذي نشر موقع الأمم المتحدة تفاصيله إلى أن شبح المجاعة والجفاف وتفشي الأمراض يلوح في الأفق بسبب القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على توفير الخدمات الأساسية والإغاثة الإنسانية.

وقال إن الإغلاق والحصار المفروض على غزة يصل إلى مستوى العقاب الجماعي وقد يرقى إلى استخدام التجويع كوسيلة للحرب بما يعد جرائم حرب- واعتمادا على مزيد من التحقيقات- قد يصل إلى جرائم خطيرة أخرى بموجب القانون الدولي، يضيف التقرير.

ويحدد تقرير الأمم المتحدة 3 حوادث، من بين عدد كبير من الحوادث الأخرى، تثير القلق البالغ بشأن الامتثال للقانون الدولي الإنساني وهي: غارتان على مخيم جباليا وأخرى على اليرموك بمدينة غزة باستخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق المكاني في مواقع مكتظة بالسكان.

ووفق التقرير، أدت الغارات إلى وقوع دمار هائل. ووثـّق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل 153 شخصا في الهجمات، ولكن العدد قد يصل إلى 243. “ولم يصدر أي إنذار أو يُبذل جهد لإخلاء المباني السكنية قبل تلك الغارات” وفق التقرير.

مفوض حقوق الإنسان فولكر تورك قال إن استخدام مثل هذه الأسلحة في مناطق مكتظة بالسكان يثير المخاوف البالغة بشأن كيفية امتثال الهجمات لمبادئ التمييز (بين الأهداف) والتناسب واتخاذ الحيطة أثناء سير العمليات العسكرية، بالنظر إلى الآثار العشوائية لهذه الأسلحة في مثل هذه المناطق وتوقع حدوث خسائر كبيرة في أرواح المدنيين.

وقال المفوض السامي: “إن شن هجوم عشوائي، ينتج عنه موت أو إصابة مدنيين أو شن هجوم مع العلم بأنه سيؤدي إلى خسائر عرضية كبيرة في الأرواح وإصابات أو دمار للمدنيين، يعد جرائم حرب”.

كما ندد التقرير بالهجمات التي ألحقت أضرارا أو دمرت عددا كبيرا من المستشفيات بأنحاء غزة. وأشار إلى أن المنشآت الطبية هي بنية أساسية تتمتع بالحماية وفق القانون الدولي الإنساني.

ودعا التقرير أيضا إلى المساءلة فيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وأشار إلى الزيادة الكبيرة، منذ 7 أكتوبر، في القتل غير المشروع والاعتقالات الجماعية وإساءة المعاملة والقيود غير المتناسبة على الحركة.

وحث مفوض حقوق الإنسان كل الأطراف على الوقف الفوري لانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات عاجلة وشاملة ومحايدة وفعالة وشفافة حول جميع الانتهاكات المزعومة. وشدد على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات أمام محاكمات نزيهة. 

ودعا فولكر تورك كل الأطراف إلى التعاون مع آليات المحاسبة الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية وأيضا محكمة العدل الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *