سياسة

“قرينة البراءة” تعسر ولادة مدونة أخلاقيات تبعد “الفاسدين” عن البرلمان

باتت ولادة مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية تواجه مخاضا عسيرا، بعدما تبين أنها تواجه تحديات كبيرة مرتبطة أساسًا بمدى توافقها مع الدستور، خاصة بعد تسرب مضامينها التي تنص صراحة على منع البرلمانيين المُتابعين أمام المحاكم من بعض الحقوق التي يكفلها لهم الدستور، دون احترام لقرينة البراءة.

وكشفت مصادر برلمانية، خلال حديثها مع جريدة “العمق”، أن السرعة في الاستجابة لتوجيهات الملك محمد السادس، التي وردت في الرسالة الموجهة إلى البرلمان في يناير الماضي بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه، والتي تُشدد على إصدار مدونة للأخلاقيات، كادت أن تتسبب في صياغة متسرعة لمدونة تتعارض مع الإرادة الملكيةو المقتضيات الدستورية، خاصة قرينة البراءة.

وقرر مكتب مجلس النواب، في اجتماع له الأسبوع الماضي، اعتماد مدونة للأخلاقيات مستقلة عن النظام الداخلي لمجلس النواب، كما تداول بشأن المقترحات التي تهم البرلمانيين المُتابعين أمام القضاء، بما يضمن احترام قرينة البراءة ويحقق التوازن بين مسؤولية و واجبات البرلماني وضمان حقوقه الدستورية.

في هذا الإطار، أوضحت مصادر جريدة “العمق” أن رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، دعا من جديد رؤساء الفرق والمجموعة النيابية إلى تقديم تعديلات جديدة على مدونة السلوك والأخلاقيات مغايرة للمسودة الأولى التي تستهدف منع أي نائب مُتابع بسبب جناية أو جنحة من الترشح أو المشاركة أو حضور لجلستي افتتاح البرلمان، أو ترؤس أو عضوية اللجان.

وليست هذه المرة الأولى التي يدعو فيها الملك محمد السادس البرلمان إلى إقرار مدونة للأخلاقيات، حيث سبق أن دعا في خطاب افتتاح البرلمان في 2014 إلى وضع مدونة للأخلاقيات، وهي جزء من النظام الداخلي لمجلس النواب، وأجازتها المحكمة الدستورية، وتركت لمكتب المجلس القيام اتخاذ الإجراءات المناسبة حسب الحالات.

وبحسب رئيس مجلس النواب، فإن الرسالة الملكية الأخيرة نصت على أن تكون مدونة الأخلاقيات ذات طابع قانوني ملزم، على اعتبار أن مكتب مجلس النواب في فترات معينة لم يقم بدوره، لذلك فإن التوجه هو توسيع المدونة لتكون الجزاءات جزءًا منها.

وأضاف الطالبي العلمي خلال مروره بقناة “ميدي 1” الأحد الماضي، أن جميع الفرق والمجموعة النيابية من الأغلبية والمعارضة متفقة على إخراج مدونة للأخلاقيات، وتمت صياغة 4 أو 5 مسودات ومناقشتها والتأكيد على ضرورة حماية الحقوق والحريات وقرينة البراءة المنصوص عليها في الدستور، ثم اتخاذ الإجراءات.

وأبرز رئيس مجلس النواب أن مدونة الأخلاقيات ستكون جاهزة في دورة أبريل وستتم المصادقة عليها لأن الجميع منخرط فيها دون استثناء، مشددًا على أن النواب المُتابعين أمام القضاء من حقهم الحضور إلى الجلسات وطرح الأسئلة والمناقشة وتقديم مقترحات القوانين والتعديلات، باستثناء المناصب كالدبلوماسية البرلمانية وترؤس اللجان.

يشار إلى أن المسودة الأولى من مدونة الأخلاقيات تستهدف منع أي عضو في مجلس النواب يكون موضوع متابعة قانونية أمام القضاء، بسبب جناية أو جنحة عمدية تمس بالشرف أو المروءة، من الترشح أو المشاركة أو حضور جلستي افتتاح البرلمان لدورتي أكتوبر وأبريل، والعضوية في مكتب المجلس ورئاسة لجنة من اللجان الدائمة.

كما تشمل القرارات الجديدة العضوية في مهام استطلاعية مؤقتة، والمشاركة في اللجان والفرق العمل الموضوعية المؤقتة، والمشاركة في أنشطة دبلوماسية أو تمثيل المجلس في الهيئات والمنظمات الإقليمية، والترشح للتعيينات الموكولة لرئيس المجلس في المؤسسات الدستورية وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والديمقراطية التشاركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *