وجهة نظر

حق قباج الحمراء في ميزان الإستثناء

حماد القباج عوض أن يكون ترشيحه تاجا فوق رأس الديموقراطية المغربية، أصبح ، بعد رفض طلب ترشيحه، وصمة عار على جبين الإستثناء المغربي.

ترشح هذا المواطن، من ذوي الإحتياجات الخاصة، ولربما دخوله قبة البرلمان صبيحة يوم الثامن من أكتوبر القادم، كان سيُحسَب للنظام السياسي المغربي و سيزيد من ربط شرائح أوسع من المواطنين بدستور بلدهم و هم يرونه يُنَزَّلُ على أرض الواقع، ومن بوابة المساواة و مكافحة التمييز التي نَصَّ عليها لحظة ميلاده في سنة 2011.

لا معلومات لدي حول عدد النواب من فئة ذوي الإحتياجات الخاصة (special need people ) ببرلمانات الدول الديموقراطية، لكن أعتقد أنها كانت ستكون سابقة بالعالم العربي على الأقل.

لا أجد مُبرراً في أن تكدس الدولة أميين بالمؤسسة التشريعية، التي يكون الإشتغال فيها بالعقل و الضمير و الرصيد العلمي، و تَحرمُ علاَّمة، مُقعدا على كرسي بعجلتين، لكنه منطلقا و ديناميكيا، فكرا و إنتاجا و تصورا.

فئة الأشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة، التي لا يجد المُتَفَقِّهون أدنى حرج بأن يصفونهم ب “أشخاص في وضعية إعاقة، أو بالأشخاص المعاقين” تحضى برعاية فائقة في الدول المتحضرة، بحيث تُكَيِّفُ تلك الدول بناياتها و وسائل نقلها مع الحاجيات الضرورية لهذه الشريحة الإجتماعية، و في مقاربتها تلك تكون قد حولت “إعاقتها” إلى “قوة و تمكين” (( to able / to disable/to enable / to empower / ability / disability)) .

المنتظم الدولي نفسه، مُقاداً بنور نفس الشعوب، فكر في تنظيم ألعاب باراأولمبية لذوي الإحتياجات الخاصة، مباشرة بعد نهاية المنافسات الأولمبية الرسمية، إيمانا منه بأن تلك الشريحة حباها الله بطاقات غير محدودة، و لربما خارقة. فلقد عاين المتتبع المغربي للشأن الرياضي الوطني كيف أن ممثلوه الأسوياء بألعاب ريو ديجانيرو الأخيرة حصدوا الأصفار رغم “مثالية أجسامهم”، في حين أهداه من يسميهم “بالمعاقين” ميداليات ذهبية !!

فإن ارتأت وزارة الداخلية أن ذوي الإحتياجات الخاصة لا يليق بهم أن يلجوا البرلمان الحالي، و لا أن يفوضوا أحدا لكي ينوب عنهم به، فما عليها سوى أن تبني لهم برلمانا خاصا بهم، تَأَسِّياً بمبادرة “برلمان الطفل” التي لاحت ثم اختفت وِفْقَ المزاج السياسي للبلد.

فكما رَدَّ أحدهم على حماره بالقول ” ليست الحيلة في لَيِّ العنق // تعواج القمومة”، نقول أن الحنكة الوظيفية أو السياسية ليست في “صب الملح على الجرح” أو ” وضع العربة أمام الحصان” و إنما فيمن يصنع الفارق، و يستطيع أن “يْزيدْ بنا القدَّام”..لقد عشنا متخلفين لقرون و لا نريد أن نورث لأبنائنا التخلف، لأننا وجدناه مُرّاً، محبطاً، مكلفاً، بل قاتلا بالفعل.