سياسة

28 سنة على توقيع أول اتفاق للحوار الاجتماعي .. تاريخ رحلة من الاحتجاجات إلى الحوار

في 1996، وتحديدا في فاتح غشت، تم توقيع أول اتفاق اجتماعي في المغرب بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات العمالية، بعد سلسلة من اللقاءات التي انطلقت قبل سنتين من ذلك التاريخ، وشكّلت علامة فارقة في مسار الحوار الاجتماعي بالمملكة.

لم يكن توقيع هذا الاتفاق حدثًا عابرًا، بل كان تتويجًا لسنوات من الاحتجاجات والانتفاضات التي عرفها المغرب، حيث استخدمت مختلف الفاعلين الملفات المطلبية الاجتماعية للتعبير عن مطالبهم.

سياق تاريخي خاص

في هذا الإطار، أشار محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، إلى أن الحديث عن الحوار الاجتماعي كان مرتبطًا بظرفية سياسية خاصة، تميزت بمشاورات حول حكومة التناوب والاتفاق على مشاركة المعارضة الاتحادية فيها.

وأضاف شقير في تصريح لجريدة “العمق” أن هذا الاتفاق جاء بعد أكثر من ثلاث عقود من الصراع السياسي، حيث تم استخدام المطالب الاجتماعية كأداة في هذا الصراع، مما خلف ضحايا في تظاهرات 23 مارس 1965، وانتفاضات 20 يونيو 1981، وانتفاضة الشمال ومراكش في 1984، وانتفاضة فاس في 1990.

من أهم فوائد هذا الحوار الاجتماعي، يقول شقير، هو تجنب تكرار مثل هذه الأحداث وتجنب سقوط ضحايا برصاص السلطة. وإلى جانب ذلك فقد تم اللجوء بشكل منتظم إلى جولات الحوار بين الحكومة والنقابات أسفرت عن اتفاقات حول إخراج مدونة الشغل والتفاهم حول بعض الزيادات في الأجور مما كان يؤدي إلى احتواء الاحتقانات الاجتماعية ويتماشى مع بعض المعايير الدولية التي تحث على الحوار الاجتماعي.

ولفت الباحث إلى أن جولات الحوار الاجتماعي كانت كثيرا ما يعتريها التوقف وعدم تطبيق بعض بنود الاتفاقات بين الحكومة والنقابات، مما يدفع النقابات إلى شن إضرابات في بعض القطاعات، خاصة التعليم والصحة.

وقال شقير إن ما يؤثر بشكل سلبي أحيانا على جولات الحوار هو غياب بعض التشريعات الوطنية الأساسية وعلى رأسها قانون الاضراب وقانون النقابات.

التزام بمأسسة الحوار الاجتماعي

وحول جولة الحوار التي انطلقت خلال الأيام الماضية، أبرز شقير أن حكومة أخنوش قد التزمت بمأسسة الحوار الاجتماعي من خلال تحديد شهري شتنبر وأبريل من كل سنة لإجراء الحوار الاجتماعي بين النقابات والحكومة إلا أن إجراء الحوار تم في ظرفية اجتماعية مكهربة بسبب الغلاء وارتفاع أسعار المحروقات وتداعياته والجفاف مما ولد احتقانا اجتماعيا انعكس من خلال طول مدة إضراب رجال التعليم والذي انتهى بالاتفاق على زيادة في أجورهم على دفعتين مما دفع بقطاعات أخرى كموظفي الداخلية والمتصرفين إلى شن اضرابات طلبا لتحسين اوضاعهم المالية.

من جهة أخرى أشار الباحث إلى أن تصريحات الحكومة وكذا تصريحات بعض القيادات النقابية من خلال الاجتماعات المنعقدة مؤخرا عكست نوعا من حسن النوايا والتفاؤل بنتائج مرضية للطرفين وذلك قبل فاتح ماي، مبرزا أن التفاوض سيتم بشأن إقرار زيادة في دخل موظفي القطاع العام مقابل التشاور بشأن الاتفاق على إخراج قانوني الإضراب والنقابات إلى جانب التباحث بشأن إصلاح صناديق التقاعد.

فيما يلي كرونولوجيا أهم الاتفاقات الموقعة بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات في إطار الحوار الاجتماعي الذي تم إطلاقه بالمغرب سنة 1994 تنفيذا لتوجيهات جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني المتضمنة في خطاب العرش والرسائل الملكية خلال نفس السنة.

كرونولوجيا الحوار الاجتماعي

اتفاق فاتح غشت 1996

اتفاق تاريخي توج سلسلة من اللقاءات خلال الفترة ما بين 3 يونيو وفاتح غشت 1996 بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات العمالية. وكانت هذه اللقاءات بمثابة أول حوار اجتماعي يجمع كافة الفاعلين المعنيين.

اتفاق 23 أبريل 2000

اتفاق مكن من تفادي خوض إضراب بالمغرب. وتم توقيعه بين الحكومة والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد العام لمقاولات المغرب.

اتفاق 30 أبريل 2003

اتفاق مكن من تسوية وضعية عدة فئات من العاملين في القطاعين العام وشبه العمومي .

اتفاق 26 أبريل 2011

توقيع محاضر الدورة الربيعية من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والأمناء العامين لخمس نقابات (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب).

اتفاق 25 أبريل 2019

اتفاق ثلاثي تم توقيعه من طرف الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب وثلاث مركزيات نقابية تتويجا لعدد من جلسات الحوار الاجتماعي، ويمتد على مدى ثلاث سنوات (2019 -2021).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *