سياسة

“قضية الصحراء طالت كثيرا”.. العروي يرسم صورة قاتمة عن العلاقات المغربية الجزائرية

رسم المفكر والمؤرخ المغربي، عبد الله العروي، صورة قاتمة عن العلاقات المغربية الجزائرية حيث لم يعد يؤمن بحل دبلوماسي بين البلدين حول قضية الصحراء المغربية التي اعتبرها “طالت كثيرا”، مشيرا إلى أن كل جهد الرباط في هذا الاتجاه يذهب سدى، لأن الجارة الشرقية لم ترد يوما التفاوض.

جاء ذلك في كتاب المفكر المغربي عبد الله العروي، “دفاتر كوفيد”، الصادر حديثا باللغة الفرنسية عن المركز الثقافي للكتاب بالدار البيضاء، الذي تطرق فيه لقضايا مرتبطة بالصحراء والفلسفة والإسلام والفكر العربي، وذلك على شكل يوميات وخواطر خلال فترة كورونا.

ويرى العروي أن “الحرب جارية بالفعل بالنسبة للجزائر” حيث لم يعد المفكر والمؤرخ المغربي يؤمن بحل دبلوماسي بين البلدين حول قضية  الصحراء المغربية، في ظل “عدم رغبة الجزائر يوما ما في التفاوض والنقاش”، وفق تعبيره.

ويعتبر المتحدث ذاته أن العلاقات بين المغرب والجزائر لن تتطور في المدى القريب، مشيرا إلى أنه “ليس من المعقول الاعتقاد بأن هذا التطور ممكن حتى وإن جاءت مبادرة من شخص على رأس الدولة”، منتقدا طرح العلاقة الوطيدة بين الشعبين المغربي الجزائري بالقول: ” نواصل القول إننا شعب واحد، ولكن الحقيقة أننا في مواجهة شعب آخر”.

وتابع: “لا نعرف ماذا يَدرس الشباب الجزائري في أقسام الدراسة حول ماضيهم، وماضي الجيران، لا نعرف ماذا يُدرس بمدارس الإدارة والثانويات العسكرية، ما يتعلمه الموظفون والدبلوماسيون والضباط، وغيرهم، طوال سنوات، ويواصلون قراءته في المنشورات الرسمية، لن يمحى من عقولهم بين ليلة وضحاها”.

كما يعتقد الكاتب المغربي أن المملكة المغربية وجارتها الشرقية لا يتكلمان نفس اللغة: “على الرغم من المظاهر، فنحن لا نتكلم نفس اللغة، حتى وإن كنا نستعمل نفس اللهجة”، وأضاف متسائلا: ” ما هي إيديولوجيا النخبة الجزائرية، سواء كانت في السلطة، اليوم أو لا”.

أراضي مغربية بالجزائر

أكد عبد الله العروي أن عددا من الأراضي على التراب الجزائري هي مغربية في الأصل، كانت تابعة للنفوذ المغربي وأن هذه الأراضي تم إلحاقها شيئا فشيئا بالمستعمرة الفرنسية.

وأضاف: ” ينظرون إلى المغرب باعتباره “الإمبراطورية الشريفة التي ترغب في استرجاع كامل التراب الذي فقدته على مدى القرون الأربعة الماضية علينا أن نقول إننا لا نفعل شيئا لثنيهم عن ذلك”.

ويضيف العروي أننا “حين نتحدث عن الدولة التاريخية، والحدود الأصلية، والولاء، وغيرها، يكفيهم أن يأخذوا هذه التصريحات الرسمية وعرضها أمام حلفائهم في إفريقيا وأميركا اللاتينية، وحتى العرب، لتبرير تحليلهم”.

واستطرد العروي: “هم يعرفون أن ثلاثة أرباع الجزائر الحالية لم تكن جزءا من الجزائر التركية، وأن هذه الأراضي تم إلحاقها شيئا فشيئا بالمستعمرة الفرنسية”، ويتساءل العروي قائلا: “خلال كل هذا التاريخ، لمن كانت تتبع هذه الأراضي؟”.

وتابع: “علينا أن نعرف أن هذه الأراضي كانت بها ساكنة مسلمة، لم يكن لها أن تبقى من دون بيعة، وإلا بإسم من كان يرفع الدعاء خلال خطبة صلاة الجمعة؟ البيعة لا يمكن أن تكون إلا للسلطان المسلم الأقرب، وهذا السلطان المسلم كان ملك المغرب”.

وشدد العروي على أن “المغرب لا يطالب بأراضي كانت تابعة له في الماضي البعيد، ولكن تلك التي كانت تابعة له عن طواعية، عن طريق البيعة، قبل أن تسقط في يد الهيمنة الاستعمارية، قبل 60 سنة، كما هو حال تندوف”، مضيفاً، “توسعي، هو الذي يريد أخذ أرض ليست له، بالقوة. وحْدوي هو الذي يواصل المطالبة بحق شرعي في تراب انتزع منه بالقوة”.

وزاد المفكر المغربي قائلا: “الجزائريين لا ينفون هذه الحقائق، وليس بإمكانهم ذلك، غير أنه يقولون إن كل ذلك عفى عنه الزمن، مع النظام العالمي الجديد حيث أغلبية الدول شبيهة بالجزائر لا المغرب، فبالنسبة للجزائريين، ما دام أن المغرب لم يصرح بشكل رسمي بتخليه عن كل شكل من أشكال المطالب الترابية، فسيبقى يُنظر إليه كبلد توسعي، وبالتالي خطرا على الوحدة الترابية للجزائر كما تم تحديدها خلال اتفاقية إيفيان”.

قضية الصحراء.. طالت كثيرا

يقول عبد الله العروي في “دفاتر كوفيد” عن الصحراء المغربية: “ينطلق الخطأ في قضية الصحراء من تأمل وضعها كما هي عليه اليوم. علينا أن نعود حينما كانت إسبانيا موجودة، وكان عدد السكان رسميا 70 ألف نسمة، لا أحد كان يفكر في إمكانية وجود دولة في مثل هذه المنطقة”.

واعتبر العروي أن قضية الصحراء المغربية طالت كثيرا إلى درجة أن الأغلبية، بمن فيهم الدبلوماسيون، تبدو كما لو أنها نسيت مقدماتها، لذلك صار من السهل اليوم، وفقت تعبيره، بالنسبة لدبلوماسي جزائري شاب أن يقول بحسن نية أن القضية تتعلق بشعب مقموع، لا يطالب أكثر من حقه، مطالباً الأمم المتحدة بأن تلزم المغرب بقبول تنظيم استفتاء تقرير المصير.

وأضاف متسائلا: “لماذا عليه أن يذهب للبحث بعيدا؟، هذه بالنسبة إليه هي الحقيقة التاريخية الوحيدة، إذا كان قد رأى النور قبل أربعين أو خمسين سنة. بالنسبة إليه، فما نقوله نحن هو التلفيق الخالص، ومع ذلك فالحقيقة هي شيء آخر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *