اقتصاد

مجلس المنافسة يعدد الاختلالات أسواق الجملة.. وظروفها الصحية “تنذر بالقلق”

سوق الجملة للخضر والفواكه الدار البيضاء

أكد مجلس المنافسة أن الشبكة الوطنية لأسواق الجملة بالمغرب تعاني من العديد من التفاوتات الملحوظة، سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث الإدارة والتشغيل والموقع، وتظهر هذه التفاوتات أيضًا من حيث البنية التحتية والخدمات المقدمة، مما يثير تحديات كبيرة في تحديث هذه الشبكة وتطويرها.

وحسب تقرير لمجلس المنافسة متعلق بـ “رأي مجلس المنافسة حول وضعية المنافسة في أسواق الخضر والفواكه بالمغرب” فإن أسواق الجملة تطبعها اختلافات كبيرة في تواجد هذه الأسواق حسب الجهات، حيث تتركز في مناطق معينة وتغيب عن مناطق أخرى. ويمكن أن يكون لهذا التفاوت الجغرافي انعكاسات على إمكانية وصول مختلف الجهات الفاعلة في سلسلة التوريد إلى المنتجات الطازجة، وكذا على القدرة التنافسية للأسواق المحلية.

تباين الموقع الجغرافي

وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه الأسواق تتمركز بشكل كبير في الجهة الشمالية الغربية، مما يؤدي إلى تغطية مجالية غير متكافئة تمثل %32 فقط من التراب الوطني، ومن السمات اللافتة للنظر لهذا الهيكل عدم المساواة في الحجم بين الأسواق، إذ يهيمن ثمانية منهم إلى حد كبير على المشهد، حيث يساهمون بما يقرب من %80 من إجمالي الحمولات المتبادلة عبر الشبكة بأكملها. وتمثل الدار البيضاء وحدها التي تعتبر منصة رئيسية لتجميع وتوزيع الفواكه والخضر، ثلث الإنتاج العابر للشبكة.

ومن أوجه القصور الرئيسية الأخرى ضعف التنسيق بين أسواق الجملة وأحواض الإنتاج من جهة، وأحواض الاستهلاك من جهة ثانية، ويضر هذا الأمر بفعالية تدفقات المنتجات، مما يؤدي إلى حدوث تأخيرات وخسائر وتكاليف لوجستية إضافية.

وشدد المجلس على وجود تركيز مفرط لأسواق الجملة في مناطق جغرافية محدودة للغاية، إذ يخلق هذا الوضع منافسة مباشرة بين هذه الأسواق ويتسبب في هدر للموارد، وفي الوقت ذاته لا تزال بعض المناطق الأقل كثافة سكانية بعيدة جدا عن أي سوق للجملة، خاصة في النصف الجنوبي والشرقي من المغرب.

نموذج تدبيري عقيم

وأوضحت الوثيقة التي اطلعت عليها جريدة “العمق المغربي” أن نموذج تدبير سوق الجملة في المغرب الموروث من إطار تنظيمي يعود تاريخه إلى سنة 1962 والذي تم تصميمه في البداية للجماعات الحضرية، أصبح اليوم عقيما إلى حد كبير ويقوض جاذبية هذه الأسواق وسلاسة أدائها.

وحسب المصدر ذاته يوجد اعتراض شديد على تطبيق ضريبة محددة في نسبة %7 على المبلغ الإجمالي لمبيعات الجملة، إذ تعتبر هذه الضريبة مبالغ فيها، لا سيما في ظل انخفاض مستوى الخدمات المقدمة في المقابل. وعلاوة على ذلك، فإن تطبيقها يختلف من سوق إلى آخر، مما يخلق اختلالات بين هذه الأسواق وغموضًا في إدارتها، كما يشجع هذا الوضع على ممارسة ادعاءات مضللة ويشجع على استخدام القنوات البديلة، مما يضر بشفافية السوق.

كما يثير الحضور الإجباري للوكلاء من أجل تسيير عملية شراء وبيع الفواكه والخضر مشكلة عويصة، إذ يتم دفع أجور هؤلاء بنسبة مئوية من ضريبة المبيعات، لكن مع توقف مبيعات البيع بالمزاد العلني في أسواق الجملة والدور المحدود للوكلاء في تحصيل الضرائب تصبح هذه الضريبة غير مبررة، ولم تعد تتوافق واحتياجات السوق الحالية.

ويسفر الالتزام بالمرور عبر الأسواق الجملة عن الازدواج الضريبي عندما تمر المنتجات عبر عدة مدن قبل إعادة بيعها لتجار التقسيط وهذه الممارسة ليست عقيمة من الناحية الاقتصادية فحسب، بل إنها تثقل كاهل الفاعلين في القطاع بكثرة المساطر.

واعتبر التقرير أن واقع تطبيق الإطار التنظيمي ليس موحدا في جميع أسواق الجملة، بحيث لا تمتثل ثمانية أسواق، متمركزة في الأوساط القروية، للقوانين التنظيمية السارية، كما لا يوجد في هذه الأسواق وكلاء وقد استبدلت ضريبة المبيعات برسوم الدخول ورسوم الإشغال المؤقت للمتاجر، وهي عملية مماثلة للإيجار.

بنية تحتية مشوهة

ويرى المجلس أن تقادم البنية التحتية لأسواق الجملة يمثل تحديا كبيراً، حيث أن الأسواق الحالية تفتقر بشدة إلى الهياكل الأساسية والخدمات المقدمة، والتي تكون معداتها، في معظم الحالات، بدائية وسيئة الصيانة. كما أن الخدمات المقدمة في هذه الأسواق، وفقاً للمخطط الوطني لتوجيه أسواق الجملة الخاصة بالفواكه والخضر تعاني من مجموعة من المشاكل، إذ أن 20% من الأسواق “7” أسواق لا تتوفر على بنية تحتية (أراضي البور/في أحسن ما يقرب من الأحوال أكواخ القصب).

كما أن 45% من الأسواق، تقتصر البنية التحتية على بلاط المبيعات المغطاة، 63% من الأسواق لا يوجد بها متاجر فعلية لتجار الجملة و269 فقط من الأسواق تحتوي على مستودع أو ثلاجات، ناهيك عن قلة الخدمات الإضافية، مع وجود المرافق الأساسية في حالة سيئة وعلى رأسها (المراحيض والمسجد والمقهى).

وحسب المجلس فإن الظروف الصحية داخل أسواق الجملة تنذر بالقلق، مما يساهم في تدهور صارخ لجودة المنتجات المتبادلة هناك كما تتعرض صيانة المرافق للإهمال بسبب المباني المتداعية والمتدهورة الناجمة عن نقص الصيانة، إذ غالبا ما تعاني من مشاكل إدارة النفايات.

وانعدام الغرف الباردة يؤدي إلى تخزين المنتجات في الهواء الطلق، وبالتالي تعريضها لتغيرات درجات الحرارة والملوثات الخارجية، وغالبا ما تتم تعبئة المنتجات بطريقة بدائية، حيث يجري تكديسها إما بكميات كبيرة أو في صناديق خشبية غير نظيفة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الممارسة الشائعة المتمثلة في إخفاء المنتجات الرديئة تحت المنتجات الجيدة يمكن أن يزيد من تعريض سلامة المنتج للخطر.

جدير بالذكر أن الشبكة الوطنية الحالية تتكون من 38 سوقاً مهيكلاً للجملة خاص بـ الفواكه والخضر، مما يضمن تسويق أزيد عن 3.5 مليون طن حوالي 30% من الإنتاج الوطني من الفواكه والخضر سنويا، ويشتغل في هذه الأسواق ما يقرب من 4600 تاجر جملة و 3700 منتج و 374 وكيل، كما أنها تشغل حوالي 20000 شخص، الموظفون البلديون والوكلاء وتجار الجملة وغيرهم.

وللإشارة فإن هذه الأسواق تضخ مبيعات سنوية تزيد عن 7 مليار درهم وإيرادات جماعية سنوية تبلغ حوالي 350 مليون درهم من ضريبة المبيعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *