اقتصاد، سياسة

سندات طلب “وهمية”.. لجنة افتحاص تفجر اختلالات “مدوية” بمندوبية الكثيري

فجَّر تقرير افتحاص أعدته لجنة إدارية داخلية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، “اختلالات مالية وتدبيرية” في ملف سندات طلب لتجهيز فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بإطارات وصور تاريخية، وذلك برسم سنتي 2021 و2022.

وكشفت اللجنة عن وجود تسوية مالية لبعض سندات الطلب دون تسلم جميع التوريدات المرتبطة بها، ضمنها توريدات لم يتم تسلمها إلى حدود اللحظة، رغم مرور أزيد من 3 سنوات على تسويتها المالية مع الشركات المزودة، وهو ما اعتبرته اللجنة إخلالا بالمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وبلغ عدد سندات الطلب التي شملها تحقيق اللجنة، 13 سندا للطلب، ضمنها  سندات 7 برسم سنة 2021، و3 في 2022، ثم 3 سندات برسم سنة 2023 (هذه الأخيرة تم الاستئناس بها للمقارنة)، وهي السندات التي تناوبت على إنجازها 3 شركات فقط، 7 منها ظفرت بها شركة “L.C.O”، و3 ظفرت بها “U.L”، إلى جانب 3 سندات أخرى لصالح شركة “A.B”.

واللجنة الإدارية التي أُحدثت بقرار من المندوب الكثيري، تتكون مدير الأنظمة والدراسات التاريخية، كرئيس للجنة، إلى جانب رئيس المفتشية الإدارية والتقنية، ورئيس قسم الشؤون الإدارية، ورئيس قسم الشؤون الاجتماعية، حيث قامت بضبط ومراقبة العمليات المرتبطة بتنفيذ سندات الطلب المذكورة.

وجاء تحرك اللجنة الإدارية عقب تقرير أعده رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات، كشف فيه عن اختلالات شابت عمليات إعداد وتسلم إطارات مختلف الصور الموجهة إلى فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، وبنسخ هذه الصور، نسبها إلى رئيس قسم الدراسات التاريخية بالمندوبية.

وفي هذا الصدد، راسل المندوب السامي للمندوبية، مصطفى الكثيري، رئيس قسم الدراسات التاريخية، مطالبا إياه، إلى جانب رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات، بتسوية وتصحيح هذه الوضعية، والعمل على إحضار الإطارات والصور الناقصة، معتبرا أن إجابة رئيس قسم الدراسات لم تقدم التبرير الكافي واللازم حول النقص الحاصل.

“اختلالات”

رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات بالمندوبية، كشف في تقرير وجهه إلى إدارة المندوبية -والذي شكل موضوع الافتحاص-، عن عدة اختلالات” شابت عمليات إعداد وتسلم إطارات مختلف الصور الموجهة إلى فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير.

ويتعلق الأمر، بحسب الرئيس المذكور، بالتسوية المالية لمجموعة كبيرة من الصور وإطارات الصور دون تسلمها وفقا للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، وأداء فواتير عن نفس الخدمة مرتين أو ثلاث، مسجلا تباينا بين عدد الإطارات المفترض إنجازها وعدد الصور المقرر طبعها.

وبحسب التقرير ذاته، فإن الاختلالات شملت عدم تسلم الصور والملصقات المخصصة للطابق الثالث للفضاء الوطني للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير الخاصة بالذاكرة التاريخية المغربية المشتركة، بالرغم من التسوية المالية لها برسم سنة 2021.

اللجنة الإدارية المكلفة بالافتحاص، رصدت عدم تسلم أزيد من 1000 إطار للصور بأحجام مختلفة، ضمن سندات طلبة متنوعة شلمها الافتحاص، إلى جانب عدم تسلم عشرات الصور المعنية بسندات الطلب.

وفي هذا الصدد، كشف رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات، عن وجود عيوب في الحصص المتوصل بها من الإطارات والصور الموجهة إلى الفضاءات، مشيرا إلى أن عددا منها مكون من الجبص، وهو ما أدى إلى تعرض بعض الصور إلى التحلل نتيجة تسرب مائي حدث على مستوى الفضاء الوطني.

“تبريرات”

غير أن رئيس قسم الدراسات التاريخية، برر عدم تسلم الإطارات والصور الخاصة بالذاكرة المغربية المشتركة المخصصة للطابق الثالث بالفضاء الوطني للمقاومة والتحرير بالرباط، إلى كونها “تتطلب وقتا طويلا لإنجازها”، ضاربا المثال “بما تم إنجازه بفضاء الذاكرة بالدار البيضاء الذي استغرق أكثر من سنة ونصف”.

واعتبر أن “هذا العمل أنجز بفضل مجهوداته الخاصة لكونه الوحيد الذي يتولى البحث عن الصور والمادة الأدبية، وهو ما وفر على الإدارة مبالغ مالية مهمة، أخدا بعين الاعتبار التكلفة المالية التي انجزت بها العملية بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالدار البيضاء” وفق تعبيره.

كما برر التسوية المالية لسندي الطلب قبل تسلم الإطارات والصور بما اعتبره “حرص الإدارة على تفادي ضياع  الاعتمادات المالية الخاصة لهذه الغاية”.

وعند سؤاله حول كيفية إبرام سندات الطلب لمعرفة من يتولى إعداد عروض الأثمان وكذا التوقيع على الخدمة المنجزة، كشف رئيس قسم الدراسات التاريخية أن قسمه هو من يتولى ذلك بعد عرض الاقتراحات من أجل إعداد الإطارات للصور ونسخ الصور على أنظار المندوب السامي للمصادقة القبلية،

وأشار المسؤول ذاته، وفق تقرير اللجنة الإدارية للافتحاص، إلى أن عملية تسلم الإطارات المنجزة والصور المستنسخة وكذا توزيعها على الفضاءات المعنية، تدخل من صميم الاختصاصات الموكولة لرئيس المصلحة.

وكشف عن إحالة بعض الإطارات والصور إلى فضاءات أخرى غير التي أبرمت من أجلها سندات الطلب، مبررا ذلك بـ”الضرورة التي اقتضتها ضرورة المصلحة والطابع الاستعجالي لافتتاح بعض هذه  الفضاءات”، نافيا أي تكرار في الصور.

وبخصوص سندي الطلب المتعلقة بإعداد الإطارات والصور الخاصة بالذاكرة المغربية المشتركة بالطابق الثالث للفضاء الوطني، أوضح رئيس القسم المذكور أنه “نظرا لظروف كوفيد 19 وعدم توفر مادة الخشب بالسوق، وكذا أهمية وضرورة التحقق من محتوى التعاليق التي تحتويها الصور، نتج عنها تأخير في إتمام الأشغال”.

وأضاف أنه نظرا لإنجاز الإطارات منذ مدة، فقد تفادى إحضارها في غياب نسخ الصور مخافة تعرضها للكسر والإتلاف وفضل إبقاءها لدى المزود إلى حين إضافة الصور إليها، متعهدا ـ”القيام بالمتعين في أقرب الآجال الممكنة إن دعت الضرورة لإحضارها، كون الخدمة منجزة سلفا” وفق التقرير ذاته.

نتائج الافتحاص

تقرير لجنة الافتحاص الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه، خلص إلى غياب ضبط وضعية تسلم إطارات الصور التي تم إعدادها والصور التي تم نسخه، وكذا عملية توزيعها على الفضاءات.

واعتبرت اللجنة أن تولي القسم إعداد رسائل الاستشارة واستصدار عروض الأثمان بنفسه، مخالف للضوابط المعمول بها، ومن شأنه الاخلال بقواعد الحكامة الجيدة والشفافية في اختيار هذه العروض.

كما اعتبر التقرير أن تسلم التوريدات على شكل دفعات وعلى مراحل، خلف ارتباكا كبيرا في عملية ضبط الموجودات وتدبير عملية التوزيع على الفضاءات المعنية بها.

ورصد التقرير عدم تسلم الصور والملصقات الخاصة بسند الطلب 18 المبرم برسم السنة المالية 2021، والمخصص للطابق الثالث للفضاء الوطني للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، معتبرا أن ذلك مخالف للضوابط القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، وينبغي اتخاذ الترتيبات الضرورية الآنية لمعالجة الموضوع.

وأشار إلى أن تولي القسم إعداد رسائل الاستشارة واستصدار عروض الأثمان بنفسه، مخالف للضوابط المعمول بها ومن شأنه الاخلال بقواعد الحكامة الجيدة والشفافية في اختيار هذه العروض.

وسجل التقرير عدم توفر مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات على قاعدة معطيات واضحة من أجل تحديد الحاجيات وكذا توزيع التوريدات على المصالح الإدارية المعنية بها، مشيرا إلى غياب تام للتنسيق بين رئيس قسم الدراسات التاريخية ورئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات.

كما سجل غياب تام لرؤيا واضحة المعالم فيما يتعلق بجرد جميع الإطارات للصور المنجزة، وكذا الصور التي تم سحبها، كاشفا أن عملية تسليم المهام بين المعنيين بالأمر لم تتم بعد تعيين رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات في منصبه خلفا لرئيس قسم الدراسات التاريخية الذي كان يشغله سلفا.

بالمقابل، لفت التقرير ذاته إلى عدم وجود ازدواجية أو تكرار في التوريدات، كاشفا عدم الوقوف على أداء فواتير عن نفس الخدمة مرتين أو ثلاث، كما هو وارد بتقرير رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات.

وشدد التقرير على أن عملية إعداد رسائل الاستشارة واستصدار عروض الأثمان من لدن قسم الدراسات التاريخية، مخالف للضوابط القانونية والتنظيمية، معتبرا أنه ينبغي دعوة القسم للكف عن القيام بذلك والاكتفاء بتوجيه طلب التعبير عن الحاجيات المطلوبة ووجهتها إلى قسم الشؤون الإدارية الذي يعتبر الوحدة الإدارية المخول لها قانونا الشروع في الترتيبات المتعلقة بالطلبية العمومية.

ولفتت اللجنة إلى أنها لم تقم بالدراسة والتدقيق في الملفات المحاسباتية لسندات الطلب، وخاصة رسائل طلب عروض الأثمان وعروض الأثمان وسندات الطلب والاستلام والفواتير وأرقام وتواريخ هذه الوثائق.

وأوضحت أنها اقتصرت في دراستها على سنتي 2021 و2022، موضوع تقرير رئيس مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات، دون الرجوع إلى السنوات السابقة التي كان فيها  رئيس الدراسات التاريخية حاليا، مكلفا بتدبير وتسيير مصلحة التكوين وتنشيط الفضاءات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *