اقتصاد

تقليص دعم غاز البوتان ينعش هوامش الميزانية وسط مخاوف من تكرار سيناريو تحرير المحروقات

أعاد قرار الحكومة القاضي بالزيادة في سعر غاز الطهي مخاوف من ارتفاع نسبة التضخم بعد تسجيله أدنى مستوياته خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية. إذ تباطأ معدل التضخم العام في أبريل الماضي إلى 0.2% على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات ما يؤشر على عودة التضخم إلى مستويات ما قبل 2022 حيث سجل آنذاك معدل 6.6% وكان الأعلى منذ تسعينيات القرن الماضي.

وقال الخبير الاقتصادي، محمد جدري، إن اصلاح صندوق المقاصة شر لابد منه، إذ لا يمكن للمملكة المغربية أن تدخل في أوراش من قبيل الحماية الاجتماعية الذي يهدف إلى تعميم التأمين الإجباري على المرض والذي سيكلف 9,5 مليار درهم سنويا، والتعويضات العائلية التي ستقفز من 23 مليار إلى 29 مليار درهم سنة 2026، ثم في مرحلة ثانية سيأتي تعميم منحة الشيخوخة ومنحة فقدان الشغل، دون اتخاذ هذا القرار.

وأضاف جدري في تصريح لجريدة العمق أنه لا يمكن للدولة أن تباشر هذه الأوراش والإبقاء على صندوق المقاصة الذي يستفيد منه ذوو القدرة الشرائية في القطاع الصناعي والفلاحي وذوي الدخل المرتفع، مشيرا إلى أن صندوق المقاضة تحمل 41 مليار درهم خلال سنة 2022، و26 مليار درهم في 2023، و 16 مليار درهم خلال السنة الجارية.

وأشار المتحدث إلى أن دعم غاز البوتان كلف الدولة خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2023،  111 مليار درهم، في حين أن الفقراء لا يستعملون أكثر من قنينتي غاز في الشهر، بالتالي فهذا القرار لابد منه، وفق تعبيره.

وفي الوقت نفسه حذر الخبير الاقتصادي ذاته من تكرار سيناريو تحرير سعر المحروقات الذي كانت الحكومة تعول فيه على المنافسة بين الفاعلين، مشددا على ضرورة حرص الحكومة على ان تكون منافسة حقيقية بين الفاعلين واتخاذ إجراءات موازية لتشديد المراقبة على الأسعار.

ومن ضمن الإجراءات، أضاف المتحدث، ضرورة العمل على محاربة الوسطاء والمضاربين والمحتكرين من المنظومة، ومحاربة المنظومة الريعية في أسواق الجملة، لأن الرفع التدريجي من سعر غاز البوتان سيرفع سعر مجموعة من السلع والمنتوجات خلال الأسابيع المقبلة، على حد قوله.

وقال إنه من المتوقع أن تعود نسبة التضخم إلى الارتفاع ليس بشكل سنة 2022 ولا بشكل فبراير 2023، مرجحا أن يكون الارتفاع بنصف نقطة إلى نقطة، وقال إن إصلاح صندوق المقاصة سيمنح هوامش مالية وميزانيات مهمة للحكومة، ولكن في المقابل يجب أن تتخذ مجموعة من الإجراءات الموازية التي بدونها سيجد المغاربة أنفسهم امام سيناريو المحروقات وامام أسعار قياسية للغاز، خاصة أن عدد شركات الغاز أقل من الشركات التي تعمل في مجال المحروقات.

وكانت الحكومة قد أعلنت قرارها القاضي بالشروع بشكل رسمي في إقرار، زيادة قدرها 10 دراهم في سعر قنينة الغاز من فئة 12 كلغ، ليبلغ بذلك سعر بيعها للعموم 50 درهما، و2,5 دراهم بالنسبة لقنينة غاز البوتان من فئة 3 كلغ، وذلك بعد مرور 5  أشهر عن بدء صرف الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة والمعوزة.

وقالت وزارة الاقتصاد والمالية إن إصلاح منظومة دعم أسعار غاز البوتان بشكل جزئي، جاء بعد رفع القدرة الشرائية لأكثر من 4 ملايين أسرة مغربية من خلال “تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر (3.6 مليون أسرة مستفيدة إلى غاية أبريل الماضي)، اعتمادا على مبدأ الاستهداف الأنجع للأسر المستحقة للدعم عبر السجل الاجتماعي، الموحد”.

وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية، أنه “ستتم مواصلة تنزيل الإصلاح الشامل لمنظومة الحماية الاجتماعية، وذلك عبر تنزيل القانون الإطار رقم 09.21. المتعلق بالحماية الاجتماعية، الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 مارس ،2021، والذي تنص مادته الثامنة على أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يتم تمويله من خلال تجميع وتعميم مختلف البرامج الاجتماعية”.

علاوة على ذلك أشارت وزارة الاقتصاد إلى  “الإصلاح الجزئي لصندوق المقاصة، حيث خصصت الحكومة 80 مليار درهم في أفق سنة 2026 لتمويل مختلف البرامج الاجتماعية، إضافة إلى تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، لاسيما الرفع من أجور الموظفين والأجراء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *