سياسة

توالي الدعوات لاعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء.. ما الذي يؤخر لندن لاتخاذ القرار؟

تتوالى الضغوط على المملكة المتحدة من قبل برلمانيين بريطانيين من أجل الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء والخروج من المنطقة الرمادية، خاصة وأن المملكتين تجمعها علاقات اقتصادية قوية، ناهيك عن الاستثمارات البريطانية بالأقاليم الجنوبية التي تؤكد وجود اعتراف ضمني بمغربية الصحراء.

نقاش تأخر الاعتراف البريطاني عاد إلى الواجهة بعد أن طالبت رسالة موقعة من حوالي ثلاثين برلمانيا ولوردًا بريطانيًا، موجهة إلى وزير الخارجية ديفيد كاميرون، الحكومة البريطانية بدعم “رسميً ودون تأخير” لمخطط الحكم الذاتي المغربي.

وأكدت الرسالة، التي تمثل مبادرة ثنائية حزبية، أن مخطط الحكم الذاتي هو “الحل الوحيد” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

ولمعرفة أسباب تأخر هذا الاعتراف، أكد خبير العلاقات الدولية، حسن بلوان، أن الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء تحصيل حاصل، كونه ينتظر الوقت المناسبة من أجل الخروج لحيز الوجود، لكسب الدعم والزخم الذي يستحقه.

وأشار المتحدث إلى دخول المغرب وبريطانيا في شراكات متقدمة مع المملكة المغربية منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، علاوة على استثمارها في العديد من المجالات الاقتصادية على صعيد التراب المملكة المغربية إذ لم يتم أثناء الأقاليم الجنوبية للمملكة أيضا ما يؤكد وجود اعتراف ضمني بمغربية الصحراء.

وأوضح بلوان في تصريح لـ “العمق” أن توالي المطالب من داخل الأحزاب السياسية البريطانية من أجل الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء يمكن اعتباره معطى جديد، نهيك عن ذلك فإن هذه الجهات تطالب بالدخول في شراكات استراتيجية مع المغرب، ما يؤكد اقتناع جل النخب في بريطانيا سواء في حزب العمال أو المحافظين بأهمية الشراكة بالنظرة للأهمية الاستراتيجية التي يحتلها المغرب في الفضاء الإقليمي، والقاري.

وأكد المتحدث أن الاعتراف السياسي بمغربية الصحراء مجرد مسألة وقت، معتبرا أن العلاقات تسير في الاتجاه الصحيح نحو إعلان موقف قد يحمل من القوة ما حمله الإعلان الأمريكي والإسباني والألماني.

واستدرك خبير العلاقات الدولية قوله: “لكن تأخر هذا الإعلان يعود إلى العديد من العوامل الداخلية في بريطانيا وعلى رأسها إقبال الحكومات على الانتخابات بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي التي تشهده العديد من مناطق العالم”.

واعتبر لبوان أن هذه العوامل تأخر بشكل من الأشكال المضي قدما نحو الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء، خاصة مع توالي المناشدات من قبل النواب البرلمانيين البريطانيين على سلك نفس المسار الذي اتخذته مجموعة من الدول.

وشدد على أن السياسة الخارجية للمغرب لا تنبني على الضغوط لكنها في المقابل تلعب بمجموعة من الأوراق حسب مصالحها الاستراتيجية وتعاونها الثنائي المثمر، ما يؤكد سير العقيدة الدبلوماسية للمغرب في اتجاه المصالح المتبادلة والمبنية على القوة الهادئة والإقناع بلغة المصالح والموثوقية والمصداقية.

وفي معرض حديثه أضاف، المتحدث أن حجم الملف الإقتصادي بين الطرفين كفيل بأن يدفع بريطانيا إلى تبني موقف قوي من قضية الصحراء، وما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن بريطانيا حليف قوي لأمريكا وتتماشى مع سياستها الخارجية في الكثير من القضايا، وبالتالي فإن هذا التأخر ناجم عن الرغبة في تحقيق التوازنات الإقليمية الدولية والأوضاع السياسية الداخلية في المملكة المتحدة.

واعتبر خبير العلاقات الدولية أن الإعلان عن هذا الموقف قريب، نظرا للتراكمات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي تشكل العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى اقتناع النخب بأن التحالف الاستراتيجي مع المغرب هو السبيل الوحيد للحفاظ على المصالح البريطانية داخل الفضاء المتوسطي والقارة السمراء.

يذكر أنه في 11 ماي الجاري، أكد نواب بريطانيون، خلال نقاش بمجلس العموم، أن مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء هو “الخيار الأفضل” لمستقبل المنطقة.

وتأتي هذه الدعوات المتكررة في ظل تزايد الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي، الذي يعتبره العديد من المراقبين حلاً واقعيًا ودائمًا للنزاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *