وجهة نظر

يحكى أن ..

يحكى أن في مملكة بجوار البحر ، و على قارعة مهد الحضارات، تعاقبت شعوب و شعوب انصهرت فيها الألوان و الأديان و الأعراق، منذ ما قبل التاريخ و إلى حدود هذا اليوم الذي اتخذ فيه الشعب من الأسماء “الشعب المغربي” و من المذاهب و الأنظمة ما اختارته إرادته و قناعاته. عاش الشعب على وقع الملاحم، و أرقاها كانت ملحمة الملك و الشعب التي تلتها محطات مهمة لتنظيم الحياة و توزيع الثروة و فق مبدأي الترشيد و العدالة الإجتماعية ، و التمرن على التداول على السلطة بشكل سلمي و ديموقراطي و فتح المجال لأبناء الشعب للمساهمة في قيادة التنمية…

في لحظة ما من تاريخ هذا الشعب الحديثِ، كثر الحديثُ عن ظهور معالم إفساد سيرورة هذه المملكة بالزج بها تحت رحمة خيارات سلطة الحزب الواحد القائم على التسلط و التخويف و استغلال إسم المؤسسة الملكية من أجل المتاجرة في خيرات و مقدرات البلد . حدث هذا في غفلة من وعي الشعب المغربي الحديث العهد بدهاليز السلطة التنفيذية و في غياب سلطة رابعة قادرة على التنوير و القيادة. نام الشعب ذات ليلة ليستيقظ في الصباح على وقع وافد جديد بدون خطوبة و لا مهر أو عقد زواج..

وجد الناس أن حياتهم السياسية تعيش على وقع السخرية و العبث بالقوانين المدنية و الإنتخابية : ظهر حزب يُخَوِّلُ لنفسه السيطرة على رئاسة المجالس الترابية و الإقليمية، و حتى البرلمانية، بسلطة المال و التخويف و الإكراه البدني (( حالة و جدة، طنجة ، الرباط..))

في أوج الربيع العربي اختارت الشعوب الإطاحة بالديكتاتوريات التي تختزل رسالة الحياة في تخزين الجواهر بالجدران و أسلوب الحياة الفاخر ( تونس، مصر..) ، في حين اختار المغاربة الأذكياء منذ نتائج الإنتخابات الجماعية لشتنبر 2009 ، و كلهم حُبّاً صادقا و تعلقا خالصا بمَلِكهم، أن يدافعوا عن مَلَكيتهم بإبعاد رؤوس التحكم عنها، و وإرجاع قطار نموذج الملكية الثالثة ما بعد الإستقلال، الذي انطلق في صيف 1999 مسرعا و مبشرا بالعديد من الإنتظارات، إلى سكته الأصلية وذلك بإبعاد تيار التحكم و المتاجرة باسم الملكية من أمام المغرب الذي اختارته القيادة و شعبها.

التقطت الملكية المغربية الرسالة بشكل تنفيذي يوم 09 مارس 2011 وخصت تلك اللحظة بخطاب أَسَّسَ لمرحلة ما بعد تيار التسلط و المتاجرة (بالقرب ) . و بالتقاط الملكية لذلك الخيط الفاصل تكون قد دخلت التاريخ من بابه الواسع.. وحجزت لنفسها صفحة ذهبية خاصة، سميت بالإستثناء المغربي.

خمس سنوات و بضعة شهور عن ذلك الخطاب أمضاها الشعب، مَعصُورَ القلب بين أهواء جبهة تقاوم الإصلاح و تكتفي بالعرقلة بعدما مات قلبها من شدة الفساد و المكائد السياسية، و بين نموذج ديموقراطيات الغرب و سلوكيات مواطنيه الي يتابعها عبر شاشات الإعلام الدولي، في وسط دولي أصبح،من شدة القرب و صغر القياسات، بحجم مدينة.

فأين نحن عشية استحقاق وطني مفصلي ل أكتوبر 2016؟

لا ينكر هذا أي عاقل: التحكم و تيار المتاجرة بالملكية و بأسطوانة “سنوات الجمر و الرصاص” بدأ يَتَمَلْملُ و يستعد للصعود للمنصة لكي يخاطب الشعب الذي قاومه لسنوات قائلا : ” ها أنا هنا، مرة أخرى، خرجت لك من الجنب، و جئتك من حيث تدري و لا تدري”. طبعا هذه رسالة ستكون واضحة و مفهومة بسرعة، لأن التحكم فعلها في الإنتخابات الجهوية الأخيرة.. حينما كان المواطن يترك رمز التحكم في ذيل القائمة، ليتفاجأ في الأخير بتصدره لرأس القائمة !! تماما كنتيجة سباق الأرنب و القنفذ المعروفة .

وسيبقى ما حصل لوكيل أحد الأحزاب الوطنية بدائرة تاونات—تيسة من ترهيب و ابتزاز أجبراه على الإنسحاب ،كما لو السنة ليست سنة 2016 و إنما هي قَبَسٌ من الزمن الحَمُّورابي، خير شهادة على أن التحكم استطاع أن يعود بنا من جديد لأجواء سنة 2009 و ما تلاها، مستغلا انشغال الطبقة المتنورة و الصادقة بجزئيات لا ترقى ،على أهميتها، لمستوى مصير الوطن، بعدما سقطت ضحية لفبركات التحكم ودباباته الإعلامية.

يحكى أن تفاصيل هذه القصة تجدونها مبعثرة على الطريق ما بين هذه الساعة و ساعة ليلة السهرة.