مجتمع

جدل “عقود الإذعان” بالمدارس الخاصة.. هل تضبط العلاقة مع أسر التلاميذ أم تسهم في التوتر؟

تزامنا مع انطلاق عمليات إعادة تسجيل التلاميذ بالموسم الدراسي المقبل بمؤسسات التعليم الخاص، عاد النقاش والجدل حول الشروط التي تجمع بين المدرسة والأسرة إلى الواجهة، في ظل حديث البعض عن لجوء بعد المؤسسات التعليمية لفرض “عقود إذعان” تتضمن شروطا تعسفية.

هذا النقاش يأتي بعد ما أثير سابقا حول ضرورة إقرار عقد واضح يجمع بين أولياء التلاميذ وإدارة المؤسسة التعليمية بعدما تم تسجيله من توتر واحتجاج خلال فترة الجائحة بسبب اعتماد العلاقة بين الطرفين طيلة السنوات الماضية على “شروط عرفية”.

عبد السلام عمور، رئيس رابطة التعليم الخصوصي بالمغرب، أكد في نفس الإطار أن الرأي العام والبرلمان خلال فترة جائحة كورونا اعتبر بأن غياب عقد واضح بين المدرسة والأسرة هو الذي خلق التوتر الذي شهده القطاع آنذاك، وبناء عليه بدأت المؤسسات تمتثل للمذكرة الوزارية التي طالبتهم باحترام مخرجات العقد، كما تم تشكيل لجنة وساطة على مستوى الأكاديميات والمديريات الإقليمية تتدخل في حالات النزاع.

وأوضح المتحدث في تصريح للعمق، أن العقد لا يتضمن أمورا غريبة، وإنما شروطا عادية من أهمها احترام مواعيد التسجيل، ومنح الأولوية للتلاميذ القدامى في التسجيل خلال المواسم الدراسية المتعاقبة، واعتبار العقد وثيقة رسمية أساسية ضمن ملف التلميذ، كما نض كذلك على ضرورة الإشارة بوضوح للخدمات التي تقدمها المؤسسة، و ألا يتم إقرار أية زيادة في الرسوم خلال منتصف الموسم الدراسي، وغيرها من الشروط التي اعتبرها في صالح آباء وأولياء التلاميذ.

وفيما يتعلق بالشروط التي تضمنتها بعض العقود التي وصفها البعض بـ”عقود إدعان”، ومن ضمنها تحديد آجال معينة لتأدية واجبات التمدرس الشهرية، تحت طائلة توقيف التلميذ في حال عدم الإلتزام بها، قال عمور إن هذا الشرط تم إقراره من أجل ضبط بعض الحالات التي يتم فيها التملص من أداء واجبات التمدرس.

وأوضح أن هذا  الأمر يأتي بعد تسجيل حالات في السابق لآباء يحتجون لدى مصالح الوزارة بسبب عدم تمكينهم من شواهد المغادرة نظرا لعدم استكمال أداء رسوم التمدرس، حيث تم التنسيق مع الوزارة في هذا الإطار من أجل أن تقر إدارات المؤسسات التعليمية إجراء يقضي باتخاذ الإجراءات اللازمة في حال إخلال الأسر بأداء واجبات التمدرس لمدة شهرين متواليين.

كما أشار إلى أن هذا الإجراء لا يهم الحالات التي تحدث فيها وفاة للأب أو المعيل، أو بعض الحالات القاهرة كتوقف المعيل عن العمل، مضيفا “نادرا ما تلجأ المدارس لتوقيف تلاميذ أسر توجد تحت ظرفية قاهرة مؤقتة، وإنما الإجراء يستهدف المتملص من الأداء إما إهمالا أو لأسباب مشابهة”، كما أشار إلى أن بعض الحالات التي يستعصى عليها الاستمرار في أداء الرسوم، يتم تحويلها مباشرة للمدرسة العمومية.

من جهته نبه نورد الدين عكوري، رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات التلاميذ، إلى أن العلاقة التي تجمع بين الأسر والمدارس الخاصة يؤطرها القانون، والالتزامات التي اتفق حولها الطرفان الموقعان على العقد، ما لم تكن مضامينه تعسفية، كأن يتم إلزام الأسر بالتوقيع على إقرار زيادات متوالية في رسوم التمدرس بشكل تعسفي وإجبار الأسر على أدائها مع بداية كل موسم.

من جهة أخرى قال عكوري في تصريح للعمق، إن العقد وشروطه تتم بالتراضي بين المؤسسة والأسرة، خاصة فيما يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة، وبآجال التسجيل وحدود آجال أداء الواجبات الشهرية، والاتفاق حول الإجراءات الممكنة في حالات تأخر الأداء دون أن يتضرر أي طرف، وخاصة مصلحة التلميذ.

وفي شتنبر من السنة الماضية، جرى، التوقيع بالرباط على عقد يؤطر العلاقة بين الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في المغرب. ويعتبر هذا العقد، وثيقة مرجعية أساسية في تأطير وتنظيم العلاقة بين الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، تحصينا لحقوق جميع الأطراف وضمانا لها.

ويهدف هذا العقد، الذي ترأس مراسم توقيعه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إلى تأطير العلاقة بين الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، وخاصة تقنين وتنظيم شكل التعاقد بين الجانبين، لاسيما من خلال تحديد واجبات وحقوق الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي المادية والتربوية، وضمان حق الأسر في الاطلاع على مرافق المؤسسة ومشروعها التربوي، فضلا عن نتائج الامتحانات الإشهادية المحصل عليها من طرف التلميذات والتلاميذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *