مجتمع

بطء الإيواء يفاقم معاناة منكوبي الزلزال وتجاهل المنصوري يثير غضب متضررين

فاطمة الزهراء المنصوري وزيرة إعداد التراب الوطني والإسكان والتعمير وسياسة المدينة

وجدت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أمام امتحان عسير، بسبب استمرار مسلسل معاناة منكوبي زالزال 8 شتنبر طيلة تسعة أشهر،  والتي لم تفلح خطط وتدابير وزارة التعمير والإسكان في التخفيف من معاناة المتضررين الذين يعيشون  في خيام تستر ولا تحمي في منطقة تعرف أجواء مناخية صعبة.

لم تنس أجواء عيد الأضحى ساكنة أمزميز بإقليم الحوز آلام الزلزال الذي ضرب منطقتهم ومناطق متفرقة من المملكة في الثامن من شتبنر الماضي، وهو أحد أسوأ الزلازل التي عرفها المغرب، حيث خلف ما يقارب 3000 قتيل، وآلاف الجرحى، فضلا عن الخسائر الجسيمة التي لحقت ممتلكات المواطنين.

وفي تصريحات لجريدة “العمق المغربي” عبر متضررون من الزلزال عن حجم معاناتهم بعد الزلزال المدمر، وقالوا إنهم استقبلوا عيد الأضحى في ظروف مزرية بعيدا عن منازلهم التي سويت بالأرض نتيجة قوة الزلزال الذي أفقدهم لذة الحياة بالرغم من مرور أزيد من تسعة أشهر على الحادث.

خرجت المنصوري بعد طول غياب عن البرلمان، لتقول من داخل المؤسسة التشريعية، إنه بإمكان منكوبي زلزال الحوز اكتراء منازل لتفادي معاناتهم مع الخيام، وهي الخرجة التي وصفت بـ”غير الموفقة”. ولم تقف المنصوري عند هذا الحد بعدما حاصرها نواب الأمة بوابل من الانتقادات، بل زادت الطينة بلة بعدما صرحت بأنه “لا يمكن التحكم في أحوال الطقس”.

الفاعلة المدنية بمنطقة أمزميز، ومنسقة الاتلاف الوطني من أجل الجبل بالحوز، نجية أيت محند، في حديثها عن مستجدات الإعمار بمناطق الزلزال، قالت إن وتيرة التعمير “بطيئة جدا ولم تراوح مرحلة إزالة الأنقاض في عدد كبير من الدواوير”.

كما سجلت نجية في تصريح لجريدة “العمق” ارتباكا ملحوظا في تدبير ملف الزلزال على مستوى التعمير، مشيرة إلى أن هناك عددا من الدواوير، خاصة التي سجلت فيها وفيات كبيرة، لم يقرر فيها بعد المكان الذي ستشيد فيه المنازل”.

في المقابل، تضيف نجية، أن هناك دواوير أخرى شرعت في البناء بعد توصلها بالدعم المخصص لذلك، معتبرة أن هذا التمييز الحاصل ينم عن ارتباك في تنزيل القرارات.

أما بخصوص تصريحات المنصوري المثيرة للجدل، فقد اعتبرتها أيت محند، “دليلا على عدم تتبع المسؤولين للوضع الذي تعاني معه ساكنة الجبل المتضررة من الزلزال”، مؤكدة على أن “الغالبية لم تستفد من دعم 2500 شهريا، وبالتالي فإن إمكانية الكراء غير متوفرة حتى إذا أراد الضحايا ذلك”.

وتساءلت نجية بالقول: حتى إذا أرادت الساكنة كراء منازل، أين يمكن ذلك؟ خاصة أن الزلزال دمر كل المباني؟ هل في مراكش؟ هل سيترك هؤلاء أراضيهم وممتلكاتهم؟ وهل سيكون الكراء متوفرا بالقدر الذي يسع الجميع؟ وهل سيكون بمبلغ معقول؟ قبل أن تختم أسئلتها بالقول: “أظن أن هذا لن يكون متوفرا”.

وتابعت المتحدثة ذاتها: “من يعيش في الفيلات الفخمة لا يمكن أن يفهم ويحس بما يعيشه ضحايا الزلزال مهما ادعى ذلك، ونحن لم نقل للوزيرة أن تتحكم في الظروف الجوية، بل نريد منها التحكم فقط في مجال اختصاصات وزارتها لتخفف من معاناة الضحايا، وتوفر وتسرع وثيرة البناء والإجابة على تساؤلات الناس”.

وأردفت نجية، أن ما يفهم من تصريحات المنصوري، هي “أن الحكومة قامت بكل ما تملك، وأن الباقي على ضحايا الزلزال وان يتقبلو مصيرهم أو يجدوا حلولا لأنفسهم”. مشيرة إلى أن عملية البناء تحتاج للكثير من الجدية والسرعة، وهذا مع الأسف ما لم نلمسه، وما يبين بالواضح أن الوضع سيستمر لسنوات أخرى، وفق تعبيرها.

من جهته، قال منسق المرصد الوطني لحماية المال العام ومحاربة الرشوة، محمد الهروالي، إن ادعاء المنصوري بأن العالم تفاجأ بتدبير المغرب لمرحلة الزلزال، “مردود عليها”. وأوضح كلامه بالقول: إذا كان خبراء العالم تفاجؤوا بطريقة تدبير المغرب للكارثة، فإن المقصود بذلك هو المجتمع المدني والدولة والمواطنين العاديين البسطاء الذين دبروا الكارثة، وليس الحكومة.

وأضاف الهروالي في تصريح “للعمق” أن المنتخبين أقفلوا هواتفهم لحظة الزلزال، بل حتى القنوات الأجنبية لم تجد مع من تتواصل من أجل أخذ الرأي والرأي الآخر حول الفاجعة،  لذلك لا حاجة للقول إن العالم تفاجأ بتدبير المغرب للزلزال، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تضامن وتكافل المجتمع المغربي فيما بينه هي المفاجأة الحقيقية، على حد تعبير الهروالي.

وعن دعوة المنصوري منكوبي الزلزال للتوجه للكراء حتى انتهاء أشغال البناء، قال الهروالي، إن تكلفة الكراء ارتفعت وتضاعفت بعد الزلزال، خاصة بمدينة مراكش. مضيفا أن الحديث عن تعرض ضحايا الزلزال لعمليات النصب يعني بشكل مباشر غياب النزاهة في التدبير، وهو ما يكرس انعدام ثقة المواطنين في المؤسسات.

وتابع بالقول: “إن وزيرة التعمير والاسكان حاولت أن تتنصل من المسؤولية بطريقة “فظيعة وبتعالي” خلال حديثها عن عدم القدرة في التحكم في الطقس، مردفا بأنه لو كان مناخنا شبيها بمناخ الدول الغربية والأسيوية لانقرضنا من الخريطة، على حد قوله.

وسبق لفاطمة الزهراء المنصوري، أن قالت في جلسة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، إن الملك محمد السادس أعطى، مباشرة بعد الزلزال، تعليماته وتوجيهاته، لمنح كل أسرة 2500 درهم شهريا. وأضافت: “من حق كل أسرة أن تختار بين كراء من منزل، والكراء موجود وأنا ابنة المنطقة، أو تبقى في عين المكان، وإذا بقيت بعين المكان فالخيام تبقى خياما ونحن لا نتحكم في الطقس، ونحاول فقط تسهيل ظروف العيش للمواطنين في فترة صعبة”.

كما لخصت المتحدثة مشاكل المنكوبين طيلة تسعة أشهر الماضية في “عدم وجود الموارد البشرية لإعادة البناء، لذلك يتأخر قليلا البناء”. وأشارت إلى أن السلطات المعنية توصلت بـ53 ألف طلب بناء، 51 ألف منهم أخذوا الترخيص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *