اقتصاد

تحلية مياه البحر.. المغرب يعول على الطاقات المتجددة لتجنيب المغاربة أزمة العطش

يشهد المغرب تحولًا هامًا في مجال تحلية مياه البحر، حيث أكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، التزام المملكة بتبني حلول مستدامة تعتمد على الطاقات المتجددة لتشغيل محطات تحلية المياه الجديدة. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى ضمان أمن مائي مستدام في ظل تزايد الطلب على المياه وتحديات التغيرات المناخية.

تُعدّ محطة تحلية مياه الدار البيضاء، التي تبلغ طاقتها 200 مليون متر مكعب سنويًا، خير مثال على هذا التوجه الجديد. ومن المقرر أن يتم تشغيل هذه المحطة العملاقة في أواخر عام 2026، لتُساهم بشكل كبير في تعزيز قدرة المغرب على توفير مياه الشرب والري والصناعة.

عبد العالي دقينة، الخبير في الطاقة المتجددة والتغير المناخي، أكد أن المغرب على غرار باقي دول العالم يشهد تغيرات مناخية كبيرة، ومن أبرز تجلياتها تصاعد حدة الجفاف ما جعل التساقطات المائية غير منتظمة خاصة في السنوات القليلة الماضية. ما يؤكد ضرورة تعبئة موارد مائية أخرى لتجاوز المشكلة، مسجلاً أن المملكة سلكت هذا النهج منذ سنوات، حيث تعمل على إعادة تدوير الموارد المائية العادمة من أجل سقي المناطق الخضراء في مجموعة من المدن كالرباط، سلا، طنجة، وتطوان.

وأوضح المتحدث أن المغرب يسير اليوم في اتجاه تحلية المياه المالحة التي تختلف ملوحتها، بحيث يوجد نوع من المياه في الفرشة المائية تحتوي على أقل من 5 غرامات من الملح في اللتر الواحد، فيما تبلغ هذه النسبة ما بين 35 و36 غرامًا في اللتر الواحد بمياه البحر، ما عدا مياه البحر الميت التي تحتوي على نسب أكبر تفوق 250 غرامًا من الملح في اللتر.

واعتبر الخبير الطاقي أن لجوء المغرب لتحلية مياه البحر عن طريق استعمال الطاقات المتجددة يعتبر مهمًا، وهو أمر فرضته التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، ما استوجب التوجه نحو الطاقات المتجددة والحياد الكربوني في مجموعة من المجالات بهدف الحصول على منتج خالٍ من الكربون.

وشدد دقينة على أن التحلية بالولوج للطاقات المتجددة أمر حتمي وجيد، خاصة وأن المغرب لا يتوفر على موارد أحفورية، ما يؤكد ضرورة تطوير الطاقات المتجددة.

وأشار الخبير المغربي إلى أن المغرب اهتم بمجال الطاقات المتجددة منذ الثمانينيات، وكان سباقًا في هذا المجال، حيث أنشأ سنة 1982 ما يسمى بمركز الطاقات المتجددة بالمغرب، وهو أمر تم قبل أن تنشأ فرنسا وتونس مراكزهما، ما يؤكد أن المغرب كان له السبق في هذا المجال.

وحسب المتحدث، مر المغرب بمراحل عديدة من أجل تطوير هذا المجال، وبالتالي فهو يتوفر على مكامن هائلة فيما يخص الطاقات المتجددة، خاصة وأنه يتوفر على العديد من المناطق المشمسة، ناهيك عن وجود مناطق ريحية كبيرة جدًا.

“ونتيجة لهذه القدرات التي يتوفر عليها المغرب، التزم هذا الأخير بإنتاج 52 بالمئة من القدرة الإنتاجية للطاقات المتجددة في أفق 2030″، يقول عبد العالي دقينة.

وأضاف الخبير الطاقي أن كلفة الإنتاج عن طريق الطاقات المتجددة تظل جد منخفضة، بحيث أن إنتاج كيلووات ساعة عبر الطاقات المتجددة أقل بأربع مرات من إنتاج كيلووات ساعة من خلال مصادر أخرى كالفحم.

وشدد المتحدث في معرض تصريحه على أن الصناعات اليوم تحاول جاهدة استعمال الطاقات المتجددة في إنتاجها، خاصة عند الحديث عن الهيدروجين الأخضر والفوسفاط وصناعة الأمونيا، أو الطاقات الأخرى كالشمسية والريحية.

وخلص عبد العالي دقينة، الخبير في الطاقة المتجددة والتغير المناخي، بالتأكيد على أن كيلووات ساعة منتجة عن طريق الطاقات المتجددة أفضل سواء من ناحية القيمة أو التكلفة، وبالتالي اللجوء إلى هذا المجال من أجل الحصول على منتجات خالية من الكربون.

من جانبه، أوضح الخبير في المجال الاقتصادي، محمد جدري، أن المغرب أضحى يعاني من جفاف هيكلي وبنيوي يؤثر بدرجة كبيرة على الاقتصاد الوطني، سواء تعلق الأمر بتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب أو تزويد الفلاحين بمياه السقي.

وحسب المتحدث، فإن المغرب لا يمكنه أن يظل رهينًا بسخاء السماء، ما استوجب القيام بخارطة طريق للماء تحت إشراف عاهل المملكة، وقدر غلافها المالي بحوالي 143 مليار درهم. كما تشمل هذه الخارطة أربعة محاور أساسية: أولها يتعلق بربط الأحواض المائية، والثاني بناء مجموعة من محطات تحلية مياه البحر بهدف الوصول إلى 36 محطة في أفق 2026 و2027، والمحور الثالث يتعلق بتحلية المياه العادمة المعالجة، فيما يشمل المحور الرابع مواصلة بناء السدود الصغيرة والمتوسطة.

وأشار المتحدث إلى أن الهدف من تحلية مياه البحر هو تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب والفلاحين أيضًا، من أجل ضمان المحافظة على الإنتاج الفلاحي الموجه نحو السوق المحلي والدولي.

وحسب الخبير الاقتصادي، فإن كلفة الإنتاج تظل مهمة، كون المغرب لا يمكنه السير في اتجاه استعمال الطاقات الأحفورية من أجل إنتاج المياه المحلاة، مبرزًا أن الأمر يجب أن يتم بواسطة الطاقات المتجددة من أجل خفض كلفة الإنتاج بدرجة أساسية عند الفلاحين والمصانع.

وختم الخبير الاقتصادي، محمد جدري، قوله بالتأكيد على أن استعمال الطاقات المتجددة أمر لا بد منه من أجل مواصلة العمل المتعلق بخارطة الطريق الخاصة بالماء، حيث يجب بيع هذه المياه بكلفة منخفضة للمواطنين وأيضًا للمصنعين والفلاحين، وهو ما لن يتم إلا من خلال استعمال الطاقات المتجددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Mohamed
    منذ يومين

    Renewable must include nuclear, sorry!!