مجتمع

ما دلالات حرص الملك على المرجعية الإسلامية والاجتهاد المنفتح في تعديل مدونة الأسرة؟

أصدر الملك محمد السادس، الجمعة، توجيهاته إلى المجلس العلمي الأعلى قصد دراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، ورفع فتوى بشأنها له.

ودعا الملك المجلس العلمي الأعلى باعتباره الجهة الوحيد والرسمية المخول لها إصدار الفتاوى، وفق ما نص عليه الفصل 41 من الدستور إلى استحضار فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، وعدم السماح بتحليل حرام ولا بتحريم حلال، وهو يصدر فتوى شرعية في مقترحات محددة مرتبطة بالنص الديني من بين المقترحات التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة إلى النظر الملكي.

وتعليقا على التوجيهات الملكية للمجلس العلمي الأعلى، قال المحامي، نوفل البعمري، إن الملك استعمل صفته كأمير للمؤمنين للحرص على أن تكون التعديلات المقترحة متوافقة مع التوجهات الدينية للمغرب وهي توجهات تستند على مبادئ الاعتدال و الوسطية، وفق تعبيره.

وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن الملك سبق له في الرسالة التي وجهها للهيئة أن شدد على ضرورة أن تقوم بتقديم مقترحاتها من منطلقين، التجديد والاجتهاد دون المساس بجوهر الدين الإسلامي أي لا يُحلل ما هو محرم و لا يُحرم ما هو حلال، مع ضرورة إعمال الاجتهاد.

وأوضح المحامي في هيئة تطوان أن الملك يدفع في اتجاه تعديل المدونة دون أن يكون هناك مساس بالأسس التي تقوم عليها المملكة المغربية وهو الثابت المرتبط بالدين الإسلامي، لكن دون السقوط في الغلو والتشدد وهو ما ظل يميز الإسلام المغربي، وما طبع أيضا عدة سوابق على رأسها التعديلات التي شملت مدونة الاسرة سنة 2003 التي كان فيها للملك الدور الحاسم لإصدارها بالشكل المتقدم في سياق النقاش الذي كان تلك السنة.

وخلص المصدر ذاته إلى أن وجود إشكالات عديدة تحتاج للاجتهاد وهو ما حرص عليه التوجيه الملكي من خلال الدعوة إلى إعمال الاجتهاد لما يخدم الأسرة المغربية باعتبارها لبنة أساسية في بناء الدولة والمجتمع المغربيين.

من جانبه أوضح الجامعي، الفرفار العياشي، أن هذه التوجيهات تحمل الكثير من الدلالات أولها يكمن في يوم إصدارها الذي هو يوم الجمعة بما له من دلالة ورمزية وعمق في بناء المنحى الذي ينبغي أن تتخذه هذه التعديلات، وثانيها مضمون التعديل الذي ينبغي أن يكون منسجما في إطار ضوابط المملكة المرتبطة باحترام أحكام الدستور لا سيما الدين الإسلامي، ومرجعياته ونصوصه ومقاصد الإسلام السمحاء والمنفتحة، وهو ما يفرض التقيد بالخصوصية المغربية المتميزة بالوسطية والاعتدال والاجتهاد المنفتح القادر على استيعاب تحولات الحاضر  والمستقبل.

وقال المتحدث إن هذا يؤكد على سعي المغرب للحصول على مدونة أسرة محترمة للنصوص المقدسة ولمبادئ الإسلام، وتكون قادرة على بناء سلوك تديني يتسم بالتسامح والاعتدال والانفتاح على قضايا العصر والمستقبل، مدونة لا تنغلق في الماضي ولا تخاصم الحاضر ولا المستقبل، وفق تعبير المصدر.

وختم العياشي تصريحه لجريدة العمق بالقول: “إن الرهان الأساسي اليوم هو مدونة قادرة على تقديم إجابات للمشاكل والتعقيدات وللتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتسارعة والمستجدة، وهو ما يدفع إلى العمل على جعل النصوص الدينية حية وقادرة على التفاعل واستيعاب المتغيرات وتقديم إجابات بما يساهم في بناء أسرة مغربية بروافد متعددة قادرة على تحقيق المطالب والأهداف المرتبطة بوظيفة الأسرة”.

وفي شتنبر من العام المنصرم، كلف الملك محمد السادس، رئيس الحكومة بالإشراف على إعادة النظر في مدونة الأسرة، مع رفع المقترحات أمام أنظار الملك، في أجل أقصاه 6 أشهر، وأشار بلاغ للديوان الملكي آنذاك إلى أن الرسالة الملكية تأتي تفعيلا للقرار الذي أعلن عنه الملك في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية التي ما فتئ يوليها للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام.

وبموازاة مع تكليف الملك لرئيس الحكومة، من خلال هذه الرسالة، فقد أسند الملك الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.

وتسلم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في نهاية مارس الماضي، التقرير النهائي للهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، خلال استقبالها، قصد رفعه إلى الملك محمد السادس. وقال في تصريح على هامش استقبال الهيئة، إن استقباله لها تم داخل الأجل المحدد لها في الرسالة التي وجهها له الملك محمد السادس بهذا الشأن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ouane
    منذ يوم واحد

    لن يترك المجال ومصير أمة وهويتها للعلمانيين وخدام الصهيونية العالمية والماسونية يعبثون بهم.

  • امازيغي حر
    منذ يومين

    هذا هو المسار الذي كان يجب أن يؤخذ من الوهلة الأولى في تشكيل اللجنة لأن محامي أو رئيسة مجلس حقوق الإنسان لايمكن أن يحددا مصير امة عمرها قرون وتعتز بدينها وقيمها ولها عاداتها وتقاليدها ونظام يستمد مشروعيته من الدين منذ ادريس الأول ويأتي محام ليقرا في مصيرها باستيراده لاخلاق فاسدة ومفسدة فهذا وطننا وندافع عن ثوابتنا ومن لم يعجبه الأمر فليهاجر إلى اسياده الذين أوروبا له بالقيم الفاسدة والمنحلة باسم الحداثة .