مجتمع

رغم تعهد العمالة بـ”الصرامة”.. “باراصولات الكراء” تواصل غزو شواطئ المضيق-الفنيدق أمام أعين السلطات

عادت ظاهرة “احتلال” الملك العمومي بشواطئ عدد من مدن الشمال، إلى الواجهة من جديد، خاصة شواطئ عمالة المضيق-الفنيدق، وسط استمرار الانتقادات التي يوجهها المصطافون لهذه الظاهرة في ظل صمت السلطات المحلية وعدم تحركها بشكل صارم لمواجهتها.

وعلى غرار المواسم الماضية، يشتكي المصطافون من سكان وزوار المدن المذكورة، من عدم إيجاد مكان فارغ قريب من البحر لنصب مظلاتهم رفقة أسرهم بشواطئ الشريط الساحي “تمودة باي”، خاصة الشواطئ التابعة للمضيق ومرتيل والفنيدق، بسبب ظاهرة “كراء الباراصولات”.

وفي الوقت الذي تتعامل فيه السلطات المحلية بعمالة طنجة، بصرامة مع الظاهرة، وتشن حملات مستمرة لتحرير الشواطئ من احتلال “باراصولات الكراء”، فإن الأمر على عكس ذلك تماما بشواطئ عمالة المضيق-الفنيدق، وبدرجة أقل ببعض الشواطئ التابعة لإقليم تطوان.

وكانت عمالة المضيق-الفنيدق، قد تعهدت بتدبير شواطئ المنطقة “بشكل يوازن بين مجانية الولوج إلى الشاطئ، والتزام الأنشطة التجارية والترفيهية للضوابط الصارمة التي تحددها دفاتر الشروط والتحملات المعمول بها”، وأعلنت عن إقرار مجموعة من التدخلات على مستوى شواطئ العمالة.

جاء ذلك خلال اجتماع موسع عقدته العمالة، مع بداية شهر يونيو الماضي، لتنزيل البرنامج المندمج لتدبير الموسم الصيفي، ترأسه عامل عمالة المضيق، بحضور كل من رؤساء الجماعات الترابية ورؤساء المصالح الخارجية ومدراء الشركات المكلفة بالتدبير المفوض للماء والكهرباء و التطهير السائل، وكذا المكلفة بالنظافة وتدبير المساحات الخضراء بمختلف مدن العمالة.

غير أن واقع الحال يعاكس ما تم الاتفاق عليه، فبعد مرور أزيد من شهر على الاجتماع المذكور، عاينت جريدة “العمق”، أن أغلب الأماكن الاستراتيجية بشواطئ المنطقة “يحتلها” أشخاص ينصبون مظلات شمسية وكراسي وطاولات مخصصة للكراء، طيلة اليوم، حيث يتسبب هذا الوضع في مشاحنات ومشادات كلامية مع المصطافين، وتتطور أحيانا إلى عراك بالأيادي.

غضب واستياء

ويشتكي مصطافون من “سيطرة” أصحاب “الكراء” على مظلات مصنوعة من القش وضعتها السلطات المحلية والجماعات الترابية مجانا للمواطنين، حيث يعمدون إلى وضع طاولاتهم وكراسيهم تحت تلك المظلات من أجل كرائها، وبالتالي يصبح استعمالها بالمقابل.

وعبر عدد من المصطافين الذين تحدثت معهم جريدة “العمق”، عن استغرابهم من استمرار هذه الظاهرة أمام أنظار السلطات المحلية رغم كل النداءات والمناشدات التي تتم في هذا الصدد، مشددين على ضرورة التدخل من أجل تنظيم الشواطئ وإلزام مكتري المظلات باحترام دفتر التحملات.

وفي هذا الصدد، قال أحد المصطافين لجريدة “العمق”، إن استمرار تكرار هذه الظاهرة كل موسم صيف دون تدخل السلطات رغم الشكاوى والنداءات المتكررة، يثير تساؤلات حول الدواعي التي تدفع السلطات إلى الصمت في الموضوع.

واعتبر المتحدث أن الأمر تحول من عملية كراء المضلات إلى حيازة الشاطئ، مشددا على أن الأصل هو عدم نصب المظلات والكراسي إلا بعد طلب الزبون، وفق دفتر التحملات، داعيا الجهات المعنية إلى التدخل لوقف ما أسماه “تشويه صورة المنطقة”.

وكانت سلطات المضيق قد شرعت نهاية فصل الصيف الماضي، في التحرك لصد ظاهرة “احتلال” الملك العمومي بشواطئ المدينة، بعد الانتقادات الشديدة التي وجهها مصطافون ونشطاء بسبب صمتها على هذه الظاهرة في عز الصيف، فيما كان الملف قد وصل إلى قبة البرلمان حينها.

فخلال أيام متفرقة خلال شهر غشت من السنة الماضية، قامت لجان مكونة من السلطات المحلية والمصالح الجماعية ومدير الشواطئ، إلى جانب المصالح الأمنية والقوات المساعدة، بحجز مظلات واراسي وطاولات ومعدات ترفيه بشواطئ المضيق، قالت إنها “أصحابها لم يتقيدوا بمضمون التراخيص الممنوحة لهم ضمن دفتر تحملات خاص”.

وبحسب بلاغ سابق لجماعة المضيق، العام المنصرم، فقد رصدت تلك اللجان “انتشار مظاهر شاذة وغير مسؤولة من طرف بعض أصحاب التراخيص، والتي كانت موضوع العديد من الشكايات تقدم بها مواطنون ومواطنات وزوار هذه الشواطئ”.

وفي هذا الصدد، دعا نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عمالة المضيق الفنيدق، ورؤساء المجالس الجماعية، إلى التحرك عاجلا وتفعيل اللجان المذكورة من الآن دون انتظار نهاية الصيف، كما وقع الموسم المنصرم، محذرين من أن ما يقع حاليا يشوه صورة المنطقة ويدفع العديد من الزوار إلى النفور.

والشريط الساحلي الممتد ما بين الفنيدق إلى وادلاو، مرورا بالمضيق ومرتيل وتطوان، يضم عددا كبيرا من الشواطئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والتي تعرف إقبالا كبيرا جدا في فصل الصيف من طرف زوار الشمال من داخل المغرب وخارجه.

ضوابط الكراء

وكانت جريدة “العمق” قد اطلعت على دفتر تحملات متعلق بتحديد شروط عملية كراء المظلات الشمسية بشواطئ المضيق، والذي ينص على عدم إقامة ونصب المظلات على الشاطئ من طرف المستفيدين من رخصة الكراء، كما لا يحق لهم حرمان المواطنين من نصب المظلات، مع اتخاذ التدابير الملائمة لتجنب كل ما من شأنه إقلاق راحة المصطافين.

ويُلزِم الكناش أصحاب المظلات باحترام المصطافين وعدم مضايقتهم، وتعليق شارة تحمل هويتهم ورقم المجموعة، والاقتصار على عدد المظلات المرخصة وتوحيد لونها، مع ترك مسافة 3 أمتار بين مظلة وأخرى، وعدم كراء المظلة الواحدة لأكثر من 3 أشخاص، إلى جانب ارتداء لباس موحد وعدم المبيت بالشاطئ والحفاظ على جماليته وتنظيفه باستمرار، وإخلاء المكان عند نهاية مدة الترخيص.

وفي حالة وجود أي مخالفة أو الإضرار بالغير، ينص كناش التحملات في مادته السادسة على أن للإدارة الصلاحية التامة في سحب الرخصة كلما دعت الضرورية لذلك، بحيث لا يحق المطالبة بأي تعويض مادي، ويمنع صاحبها من الاستفادة مرة أخرى.

وإضافة إلى غزو “الباراصولات” للشواطئ، تبرز مظاهر أخرى لاحتلال الملك الشاطئي بالشمال، تتعلق أساسا بتركيب مطاعم ومقاهي خشبية وبلاستيكية فوق رمال الشواطئ “شاليهات”، وإقامة مُلاك عدد من التجمعات السكنية الفخمة لحواجز وأسلاك وحراسة أمنية لإغلاق ممرات عمومية مخصصة للشواطئ.

يُشار إلى أن البرلماني الاستقلالي عن إقليم تطوان، منصف الطوب، كان قد وجه سابقا سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حول “الفوضى التي تشهدها شواطئ إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق”.

وقال البرلماني إن المعنيين بالأمر يعمدون إلى نصب مظلاتهم على طول الشريط الساحلي، لدرجة لا يجد معها المصطاف وأفراد عائلته مكانا لنصب مظلته الخاصة أو حتى إيجاد مكان فارغ للإستمتاع بمياه البحر التي تعتبر ملكا للجميع.

وأشار البرلماني إلى أن إلة على مرأى ومسمع من عموم المصطافين، إلى جانب سوء المعاملة التي يتلقونها من طرف أصحاب هذه المظلات.

وتابع: “عوض أن يتم نصب المظلات والكراسي والطاولات بطلب من المصطافين، كما هو متفق عليه في دفتر التحملات، إلا أن ما يحصل هو العكس، حيث يتم نصب المظلات على طول الشاطئ وبالصفوف الأمامية وطيلة اليوم حتى ولو ظلت فارغة، الأمر الذي يسيء بشكل كبير لهذه الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزوار مغاربة وأجانب”.

ولتفادي كل ما من شأنه أن يخلق الفوضى ويؤثر بشكل سلبي على صورة شواطئ إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، يضيف البرلماني مخاطبا وزير الداخلية: “فإننا نسائلكم عن الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها في
هذا الشأن، كما نطلب منكم إيفاد لجنة للوقوف على حقيقة الوضع وعلى الإستغلال غير القانوني للملك البحري من طرف أصحاب المظلات الشمسية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • فاس والكل في فاس
    منذ سنة واحدة

    يجب تطبيق القانون.لان القانون فوق الجميع.لان هذا وطننا الغالي ونفتديه بالغالي والنفيس بدون شك المغرب أجمل واغلى من كل بقعة في العالم.انا مغربي وأفتخر

  • غير معروف
    منذ سنة واحدة

    يجب تطبيق القانون.لان القانون فوق الجميع.لان هذا وطننا الغالي ونفتديه بالغالي والنفيس بدون شك المغرب أجمل واغلى من كل بقعة في العالم.انا مغربي وأفتخر

  • الأمين
    منذ سنة واحدة

    شاطئ مرتيل محجوز بأكمله من قبل أصحاب المضلات و الكراسي إنها فوضى عضمى وصمت المسؤولين يثير الجدل والشكوك على هذه الظاهرة لماذا هذا السكوت ومن المستفيد لأنه لا حياة لمن تنادي لاحسيب و لا رقيب