سياسة، مجتمع

مقترح قانون لتنظيم النقابات والهيئات المهنية على طاولة مكتب “المستشارين”

نص مقترح قانون بمجلس المستشارين، على وضع إطار قانوني ملائم لتنظيم المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين، وفق المبادئ الديمقراطية وقواعد الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور والقانون، على غرار الأحزاب السياسية.

يتعلق الأمر بمقترح قانون حول المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين، تقدم به المستشار البرلماني خالد السطي والمستشارة البرلمانية لبنى علوي، ممثلي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، لدى مكتب مجلس المستشارين.

ويروم هذا المقترح، وفق مذكرته التقديمية، “ضمان التقارب والانسجام التشريعي بين القوانين المنظمة للنقابات والمنظمات المهنية، وتلك المنظمة للأحزاب السياسية، بالنظر إلى المكانة التي خص بها الدستور هذه الهيئات”.

وأشار المقترح إلى أن المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين تشكل إطارا أساسيا لحماية وتعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، حيث ألزم الدستور في فصله الثامن السلطات العمومية بتشجيع المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية. وعلى وضع القواعد المتعلقة بتأسيس هذه المنظمات وأنشطتها، بالإضافة إلى معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها.

واعتبر أن مقترح هذا القانون “سيقوي من هذه المنظمات بمختلف الهيئات الاستشارية الوطنية والدستورية، وينمي قوتها الاقتراحية في إنعاش الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحمايتها، باعتبارها شريكا في صنع السياسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية، بما يعني ذلك بلورة هذه السياسات وتنفيذها وتقييمها”.

ويتكون هذا المقترح من سبعة أبواب، يتعلق الأول بأحكام عامة، ويضم الثاني تأسيس المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين والانخراط فيها، ويشمل الثالث مبادئ تنظيم هياكل المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية وتسييرها.

وفي الباب الرابع يتحدث المقترح على تمويل المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية وكيفيات مراقبته، فيما يطرح في بابه الخماس اتحادات المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية واندماجها، ثم الجزاءات في الباب السادس، مع ذكر الأحكام الانتقالية في الباب السابع والأخير.

أحكام وتأسيس النقابات

ويعرف مقترح القانون، المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين، بأنها منظمات مدنية تتمتع بالشخصية المعنوية، تؤسس، طبقا للقانون، بمقتضى اتفاق بين أشخاص ذاتيين أو معنويين، يتمتعون بالأهلية القانونية، وتسعى للدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها. ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون.

وأوضح أن كل تأسيس لمنظمة نقابية للأجراء أو منظمة مهنية للمشغلين يهدف إلى المساس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو المبادئ الدستورية أو الأسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة أو لحقوق الإنسان، أو يتضمن مظاهر للتمييز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، يعتبر باطلا، مشيرا إلى أن القصاء يقر هذا البطلان بطلب من كل ذي مصلحة.

ويشترط المقترح في الأعضاء المؤسسين والمسيرين للمنظمة النقابية للأجراء، أن يكونوا ذوي جنسية مغربية، ويسمح للأجراء الأجانب العاملين بالمغرب بطريقة قانونية منذ سنتين على الأقل بالمشاركة في تسيير المنظمات النقابية للأجراء دون أن تتجاوز نسبتهم عشر أعضاء الهيئة المسيرة.

كما يشترط أن يكونوا بالغين من العمر 18 سنة شمسية كاملة على الأقل، ومتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية؛ وأن ينتموا لإحدى فئات الأعضاء المؤهلين للانخراط في هذه المنظمة.

ونص المقترح على نفس الشروط فيما يخص المنظمة المهنية، إلى جانب أن يكونوا مسؤولين أو مسيرين لإحدى المقاولات أو المؤسسات التي تمارس إحدى المهن المصنفة ضمن اختصاص المنظمة المهنية المعنية.

وأشار المقترح إلى أن القضاء الإداري هو الذي يختص بالنظر في كل اعتراض على تأسيس المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية، ويحكم في هذه الدعاوي داخل أجل أقصاه شهر في كل مرحلة من مراحل التقاضي.

وبعد مصادقة الجمع العام التأسيسي على النظام الأساسي وانتخاب الهياكل المسيرة للمنظمة النقابية للأجراء أو للمنظمة المهنية بطريقة ديموقراطية ولولاية محددة في الزمن، وتحرير المحضر، نص المقترح على تسليم وصل مؤرخ ومختوم، فورا، بعد أن يتولى مسير منتخب إيداع ملف لدى السلطة الإدارية المحلية.

ويتضمن هذا الملف محضر الجمع العام التأسيسي؛ ولائحة أعضاء الأجهزة المسيرة للمنظمة؛ وثلاثة نظائر للنظام الأساسي، كما صادق عليه الجمع العام التأسيسي. تودع لدى كل هيئة مشغلة للأجراء المنخرطين في هذه المنظمة النقابية للأجراء نسخة من هذا الملف، كما يمكن تعزيز هذا الملف بوثائق إضافية يقرها الجمع العام.

وأشار المصدر ذاته، إلى أنه بعد انصرام أجل ثلاثين يوما يبتدئ من تاريخ إيداع الملف، يصير التأسيس قانونيا، ما عدا إذا قدمت السلطة الإدارية طلبا أمام المحكمة الإدارية المختصة، داخل نفس الأجل، من أجل إبطال هذا التأسيس.

ولفت المقترح إلى أن كل إحداث لفروع المنظمة النقابية للأجراء أو المنظمة المهنية، يجب أن يكون موضوع تصريح، يودع بمقر السلطة الإدارية المحلية المختصة، داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ هذا الإحداث، مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا.

الانتماء والمبادئ

وفيما يخص الانتماء النقابي والانخراط في المنظمات المهنية، ينص مقترح القانون المذكور، على حق لجميع المواطنات والمواطنين البالغين سن 18 سنة شمسية كاملة الانخراط بكل حرية في أي منظمة نقابية للأجراء، مؤسسة بصفة قانونية، شريطة احترام مقتضيات نظامها الأساسي.

كما يجوز للمتقاعدين الاستمرار في عضوية منظماتهم النقابية، إلى جانب الأجانب العاملين بالمغرب بصفة قانونية، الانتماء إلى المنظمات النقابية، فيما يمكن تقييد حق الانتماء النقابي في بعض المهن، بواسطة نصوص تشريعية أو تنظيمية خاصة، حسب المقترح ذاته.

وبالنسبة للمنظمة المهنية، نص المقترح على حق لجميع المواطنات والمواطنين البالغين سن 18 سنة شمسية كاملة الانخراط بكل حرية في أي منظمة مهنية مؤسسة بصفة قانونية، شريطة احترام مقتضيات نظامها الأساسي.

وأبرز أنه يجوز للأجانب المسيرين لمؤسسات مهنية مستقرة بالمغرب بصفة قانونية، الانتماء الى المنظمات المهنية، مقابل عدم جواز الانتماء الى أكثر من منظمة مهنية واحدة في نفس الصنف المهني.

كما أشار المقترح إلى اختصاص الأنظمة الأساسية للمنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية، بتحديد القواعد الضامنة لاحترام المبادئ الديمقراطية التي تسمح لأي عضو من أعضاء المنظمة بالمشاركة الفعلية في إدارة وتسيير مختلف هياكلها، وخاصة مبادئ الانتخاب الديموقراطي والتعددي وقواعد تحديد عدد ومدد الولايات الانتدابية، وقواعد اختيار مرشحي المنظمة للاستحقاقات الانتخابية.

وشدد على ضرورة أن تتضمن الأنظمة الأساسية لهذه المنظمات، كذلك قواعد الحكامة الجيدة وخاصة الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، حيث تعمل هذه المنظمات على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في هياكلها.

وأشار إلى أن النظام الأساسي للمنظمة النقابية أو المنظمة المهنية، يجب أن يتضمن على الخصوص، تسمية المنظمة وعنوان مقرها الأساسي؛ اختصاصات وتأليف مختلف هياكلها؛ حقوق وواجبات الأعضاء؛ دورات انعقاد اجتماعات الهياكل؛ مدة الانتداب الخاصة بالمسؤوليات داخل هياكلها، وعدد الانتدابات التي لا يجوز تجاوزها.

كما يجب أن تتضمن شروط انخراط الأعضاء وشروط إقالتهم أو استقالتهم؛ العقوبات التأديبية التي يمكن تطبيقها على الأعضاء، والأسباب التي تبرر اتخاذها؛ كيفيات الانضمام للاتحادات والانسحاب منها، وكيفيات الاندماج، إلى جانب التنصيص على هيئة مكلفة بالتأديب والوساطة والتحكيم؛ ولجنة المناصفة وتكافؤ الفرص؛ وهيئة مكلفة بالمراقبة المالية.

التمويل والمراقبة

بخصوص تمويل المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية وكيفيات مراقبته، نص المقترح على تمتع كل منظمة نقابية للأجراء وكل منظمة مهنية بحقوق التملك والتصرف بعوض وبغير عوض، كما تتمتع بحق التقاضي والانتصاب كطرف مدني.

وأشار إلى أن الموارد المالية للمنظمة النقابية للأجراء وللمنظمة المهنية، تشتمل على واجبات انخراط الأعضاء؛ الهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية؛ العائدات المرتبطة بالأنشطة المنصوص عليها في النظام الأساسي؛ الدعم السنوي الذي تقدمه الدولة؛ الدعم العمومي الخاص بتنظيم الجموع العامة؛ الدعم العمومي بمناسبة الحملات الانتخابية أو الاستفتائية.

وأرجع تحديد كيفيات تطبيق وتوزيع دعم الدولة على المنظمات النقابية والمنظمات المهنية للأجراء، إلى نص تنظيمي، فيما يحدد قانون المالية الإعفاءات من الضرائب والرسوم المطبقة على الممتلكات العقارية والمنقولة العائدة للمنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية، بينما مكن أن تستفيد المنظمات النقابية للأجراء من موظفين يوضعون رهن إشارتها ومقرات توضع رهن اشارتها، تحدد كيفيات تطبيق هذا المقتضى بنص تنظيمي.

ووفق المقترح ذاته، تدبر المحاسبة المالية للمنظمات المهنية للأجراء والمنظمات المهنية وفق نظام محاسباتي خاص بكل نوع من هذه المنظمات يصدر بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالمالية، حيث تحصر المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية حساباتها سنويا. ويشهد بصحتها محاسب معتمد أو خبير محاسب مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين.

وشدد المقترح على أنه يجب الاحتفاظ بجميع الوثائق والمستندات المحاسبية لمدة 10 سنوات تبتدئ من التاريخ الذي تحمله، مشيرا إلى أن مراقبة مالية المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية تخضع لولاية المجلس الأعلى للحسابات، كلما تعلق الأمر بمراقبة استخدام أموال عمومية.

واعتبر مقترح القانون ذاته، أن كل استخدام كلي أو جزئي للتمويل العمومي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير تلك التي منح من أجلها، يعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه بهذه الصفة طبقا للقانون.

ونص المقترح على حق المنظمات النقابية للأجراء أو المنظمات المهنية، المؤسسة بكيفية قانونية أن تنتظم في اتحادات، أن تتمتع بالشخصية المعنوية بهدف العمل جماعيا من أجل تحقيق غايات مشتركة، كما يمكنها أن تندمج بكل حرية في إطار منظمة نقابية للأجراء أو منظمة مهنية، وذلك وفق أنظمتها الأساسية.

وأشار المقترح إلى أن كل اندماج في نقابة قائمة أو نقابة جديدة يجب أن يكون موضوع تصريح يودع لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، خلال الثلاثين يوما الموالية لتاريخ هذا الاندماج، مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا.

كما يجب أن يكون التصريح حاملا لتوقيعات ممثلي المنظمات النقابية المعنية المؤهلين لهذه الغاية بموجب النظام الأساسي لكل نقابة. ويجب أن يبين في هذا التصريح تسمية النقابة القائمة أو الجديدة التي تم الاندماج فيها، والإشارة إلى مقرها ورمزها، وأن يكون مرفقا بمحضر الجمع العام الذي تمت فيه المصادقة على الاندماج بالنسبة لكل واحدة من النقابات المعنية أو المنظمات المهنية، مع 3 نظائر من كل من النظام الأساسي ولائحة المسيرين وصفاتهم داخل النقابة أو المنظمة المهنية.

وفيما يخص الجزاءات، تشير المادة 29 من المقترح على أن نفس العقوبات المطبقة على المخالفات والجنح الواردة في القانون التنظيمي للأحزاب السياسية على الجنح والمخالفات المماثلة المرتكبة، تسري بخصوص النقابات والمنظمات المهنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *