الطوزي: الدولة العميقة مفهوم خيالي للتنصل من المسؤولية والمغرب لا يدبر في خفاء
اعتبر الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، محمد الطوزي، أن “الدولة العميقة مفهوم خيالي يستعمل للتنصل من المسؤولية” رافضا إطلاق الدولة العميقة على المؤسسة الملكية بالمغرب، مبرزا من جهة أخرى الفرق بين تصوري الملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس خاصة في تعديل مدونة الأسرة.
ويرى الطوزي، في حوار أجراه الزميل إلياس العماري بإذاعة “كاب راديو”، أمس الخميس، أن “الدولة العميقة أو “المخزن” مفهوم خيالي يمنحك المبرر للتوقف عن الاشتغال وتتنصل به من المسؤولية”، رافضا إطلاق الدولة العميقة على الملكية على اعتبار أن هذه الأخيرة، على حد تعبيره، مؤسسة دستورية مؤطرة بقواعد وقوانين وأن الملك يمارس سلطات محددة وحريص على احترام المؤسسات”.
وأشار الطوزي إلى أن “مفهوم الدولة العميقة اتخذ في المغرب عدة أشكال من قبيل (العفاريت والتماسيح) قبل سنوات”، معتبرا أن ذلك “يبرر عدم القيام بالمسؤولية وعدم الوضوح في مسلسل اتخاذ القرار”، مذكرا بأن “دور الملك في المغرب هو إنتاج التصورات العامة للبلاد وليس تسيير الشأن اليومي حفاظا على هيبة الحكم”، على حد تعبيره.
وقال بهذا الخصوص: “لا توجد أي جهة تدبر المغرب في خفاء والمملكة دولة تحكمها المؤسسات مع وجود قوى سياسية متعددة وحاضرة في الحقل السياسي الرسمي من قبيل مستشاري الملك الذين يمارسون مهامهم وصلاحياتهم بشكل طبيعي وعلني، إضافة لمؤسسة “الجيش” التي تقوم بالأدوار المنوطة بها”.
وأشار الطوزي إلى أن مفهوم الدولة العميقة في بعض الدول هو “تحالف مصالح يؤثر على الحكم وإما تكون ممأسسة عبر (لوبيات) أو غير ممأسسة وتحكمها التشريعات الدولية”، غير أن هذا الأمر لا ينطبق على المغرب، وفق تعبيره، داعيا الدولة إلى تغيير أسلوب التدبير لتتماشى مع مفهوم الدولة الاجتماعية.
محمد السادس والحسن الثاني.. تصوران مختلفان
من جهة أخرى، تطرق الكاتب والأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، محمد الطوزي، للفرق بين تصوري الملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس في تعديل مدونة الأسرة، مشيرا إلى أن “الملك الحالي مقتنع بأهمية تغليب مفهوم الوفاء له عوض الطاعة والخضوع”.
وأبرز الطوزي أن “المغرب عرف تحولا في تصور الحكم بين عهدي الملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس، فالأول كانت له قناعة بأنه يعلم ماذا يريد للمغاربة ويدرك مصلحتهم قبل أن يعبروا عنها، لذلك كان يقرر بشكل فردي انطلاقا من هذه القناعة”، وفق تعبيره.
وأشار الطوزي أن “المرحلة الأولى لتعديل مدونة الأحوال الشخصية في تسعينيات القرن الماضي وخاصة معالجة قضايا المرأة كانت مستمدة من هذا التصور الذي كان ينهجه الملك الحسن الثاني، لدرجة أن اللجنة المكلفة بتعديلها كانت، حسب الطوزي، “شكلية”.
وحسب المتحدث ذاته، فإن اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية تخللتها عدة أخطاء على مستوى التعيينات في صيغتها الأولى، حيث كان ادريس الضكاك رئيسا لها قبل القيام بعدة تغييرات وتعيين محمد بوستة بدلا منه في عهد الملك محمد السادس، بمرجعيات مختلفة.
بالمقابل، يرى الطوزي أن “الملك محمد السادس، وعلى النقيض من والده، يمتلك قناعة بأنه لا يعلم ماذا يريد المغاربة”، مشيرا إلى أن “25 سنة الماضية أثبتت هذا التصور من خلال عدد من القضايا والملفات لذلك يتم التركيز، على حد قوله، على معرفة موازين القوى داخل المجتمع مع منح اللجنة المكلفة بالتعديل هامشا كبيرا من الاستقلالية”.
وأبرز عضو لجنة تعديل دستور 2011 أن مختلف اللجن التي سهرت سواء على تعديل الدستور أو مدونة الأسرة أو الجهوية المتقدمة أو الإنصاف والمصالحة أو النمودج التنموي تم منحها هامشا من الاستقلالية مع تشكلها من مختلف موازين القوى بالمجتمع وبنفس الهندسة المبنية على تصور الملك محمد السادس، مشددا في هذا الصدد أن “لجنة تعديل دستور 2011 اشتغلت بكامل الاستقلالية ولم يكن لها أي علاقة بأي لجنة أخرى”.
وأكد الطوزي أن “الملك محمد السادس مؤثر في ميزان القوى داخل المجتمع عبر قناعاته المعلنة وممارسات خاصة ولكن لا يتدخل، حسب تعبيره، في تغييره باستثناء تعديل مدونة الأسرة سنة 2004 والتي عرفت، حسب الباحث ذاته، صعود وسيطرة الفكر الإسلامي المحافظ على الشارع والمجتمع المغربي آنذاك”.
وشدد الطوزي على أن “هيئة الإنصاف والمصالحة دليل آخر على التصور الجديد الذي نهجه الملك محمد السادس مقارنة بسلفه الراحل، حيث يرى الملك الحالي أهمية تغليب مفهوم الوفاء والولاء الصادقين على الطاعة والخضوع”.
النخب والقضية الفلسطينية
إلى ذلك، اعتبر الباحث ذاته أن “سكوت وتراجع النخب إزاء ما يقع في فلسطين منذ أشهر هو أمر مخجل غير أنه ليس نتيجة تواطؤ بل نتيجة ضعف كبير”، بالمقابل يواجه عدد كبير من المتضامنين مع القضية، على حد قوله، “عنفا رمزيا وماديا” في مختلف دول العالم.
وأشار الطوزي إلى أنه “للمرة الأولى طيلة مساره المهني لـ44 سنة شعر بالخوف من إلقاء درس بفرنسا حول تدبير الشأن الديني في إسرائيل”، ملفتا أن عددا من الأساتذة والباحثين توصلوا، بعد أسبوعين من طوفان الأقصى بمراسلة من وزير العدل الفرنسي ودورية من وزيرة التعليم تهددهم بالاعتقال في حال تصنيف حماس في المحاضرات والدروس بأنها منظمة سياسية”.
وشدد الطوزي على أن الأحداث الحالية تؤشر على قرب تراجع الدولة الإسرائيلة وأن اليمين الإسرائيلي يسير بالدولة نحو الهاوية، منتقدا الكيل بمكيالين في هذه القضية في عدد من الدول، ومؤكدا أن مختلف هذه الأحداث قد تكون بداية جديدة للشعب الفلسطيني.
تعليقات الزوار
يبدو أن الطوزي متذبذب في مواقفه من طريقة التدبير في المغرب ؛ وجود سقف للإصلاحات والقرارات يحدده المخزن في الكواليس أمر لا يمكن نكرانه ؛ الطوري نفسه صرح بعد إصدار النسخة النهائية للدستور 2011 ، صرح أن تلك النسخة لا تطابق ما صاغته اللجنة التي كلفت بذلك .. !
انت تحلل دون موضوعية. انت منحاز. تحليلك غير موفق ابدا لانك تدخل ضمن الدولة العميقة وتستفيد من الريع من خلال التعويضات و الاجرة الشهرية الضخمة التي تستفيد منها. ماذا قدمت للوطن سوى الكلام الفارغ. اما المسألة الفلسطينية كبير عليك وعلى امثالك. الشعب اليهودي كان يعيش في تلك البلاد آلاف السنين حتى تم طردهم وتشريد هم من طرف المسلمين العرب والفرس. الشعب المغربي أصبح واعيا ومدركا للتوازنات داخل الدولة وأصبح أكثر سياسيا بامتياز والفضل يرجع للملك محمد السادس حامي الديموقراطية والحرية الفردية. وشجع العلم والعلوم الحديثة والمقاولات والاستثمار الوطني والأجنبي. ورعاية الصحية والاجتماعية في تحسن والتربية الوطنية كذلك. عاش الملك الهمام.
الدولة العميقة مفهوم ليس خاصا بالمغرب فقط وإنما بجل دول العالم وأكبرها الولايات المتحدة. وهي حقيقة لا يمكن نفيها!!!