أمناي: واقعة التحرش الجماعي بطنجة تكشف عن أزمة قيمية عميقة في المجتمع

أثارت واقعة التحرش الجماعي التي تعرضت لها فتاة في أحد شوارع مدينة طنجة، والتي وثقها مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، موجة من الغضب والاستياء في صفوف الرأي العام.

و في هذا السياق أرجع الأخصائي النفسي والباحث في علم النفس الاجتماعي، ياسين أمناي، أسباب هذا السلوك المشين إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، والتي تتجاوز كونها مجرد حادثة فردية، لتصل إلى مستوى أزمة قيمية عميقة تعصف بالمجتمع المغربي.

ويرى أمناي، في تصريح لجريدة “العمق”، أن الانحلال الأخلاقي وتآكل القيم المجتمعية يشكلان الخلفية الأساسية لهذا النوع من السلوكيات. فالتصور الخاطئ للمرأة الذي يرى أن المرأة مجرد كائن يستهدف إشباع الرغبات الجنسية، يساهم بشكل كبير في تبرير مثل هذه الأفعال. كما أن تحميل الضحية المسؤولية، بحجة اللباس أو المظهر، يعكس عمق الجهل والتحيز السائد في أوساط بعض أفراد المجتمع.

ولم يستبعد الأخصائي النفسي أن يكون مرتكبو هذه الجريمة يعانون من اضطرابات نفسية، تتمثل في غياب الضمير والوازع الأخلاقي، وعدم إدراك عواقب أفعالهم. فالتحرش الجنسي، بحسب أمناي، يعد سلوكا شاذا ينم عن اختلال في التكوين النفسي للشخص.

أما بالنسبة للضحية، فيؤكد الباحث أن هذه الواقعة ستترك آثارا نفسية عميقة، قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية وانهيار عصبي. فالتحرش الجنسي، وخاصة عندما يتم توثيقه ونشره على نطاق واسع، يمثل انتهاكا صارخا للخصوصية والكرامة الإنسانية.

ويرى أمناي أن هذه الواقعة تكشف عن أزمة قيمية حقيقية يعيشها المجتمع المغربي، حيث لا تزال الهيمنة الثقافية الذكورية تفرض نفسها بقوة، وتعتبر المرأة كائنا تابعا للرجل، ولا يحق لها التعبير عن نفسها أو الدفاع عن حقوقها، بحسب تعبيره.

ودعا المتحدث إلى ضرورة إعادة النظر في أساليب التربية والتوعية، والعمل على غرس القيم الأخلاقية السامية في نفوس الأجيال الشابة، وتعزيز احترام المرأة وكرامتها. كما شدد على أهمية تضافر جهود جميع الفاعلين، من أسرة ومدرسة وإعلام، لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.

وكانت ولاية أمن طنجة قد تفاعلت بسرعة مع شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق تعرض فتاة للتحرش الجنسي والعنف في الشارع العام.

وتمكنت عناصر الشرطة، أول أمس الأحد، من توقيف قاصر يبلغ من العمر 13 عامًا يُشتبه في تورطه في هذه الأفعال الإجرامية، التي شارك فيها برفقة آخرين.

ووفقًا لمصدر أمني، فإن المشتبه فيه، رفقة أشخاص آخرين، أقدم على تعنيف السيدة والتحرش بها، وهي الواقعة التي تم توثيقها في الفيديو المذكور.

وأضاف المصدر أن التحريات الميدانية الدقيقة مكنت من تحديد هوية باقي المتورطين، حيث جرى توقيف القاصر، فيما تتواصل الأبحاث لإلقاء القبض على باقي المشاركين في هذه الجريمة.