وجهة نظر

مخاطر التغلغل الصهيوني في المحيط العربي الإفريقي

-الأهمية الإستراتيجية لإفريقيا

تهدف السيطرة الصهيونية على دول إفريقيا لتسديد ضربة للأمن القومي العربي وجعل دول إفريقيا على عداء مع الدول العربية، وعن أهمية إفريقيا بالنسبة للكيان الصهيوني يقول “تسفي مزال” نائب المدير العام لشئون إفريقيا في وزارة الخارجية: “إن العالم صغير، وان ما يحدث في أي مكان يؤثر على المكان الآخر، وخاصة لما يحدث في إفريقيا التي نعتبرها جارة لـلكيان، من الناحية الجغرافية، وإذا ما تفشى الإسلام هناك فان الكيان سيتضرر كثيراً.

ويقيم الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية مع 46 دولة من أصل 53 دولة هي مجموع الدول الإفريقية، ويعتبر التغلغل الصهيوني في إفريقيا جزء من معادلة الصراع الصهيوني العربي، وساحة مواجهة من اجل مد النفوذ والتحكم في مجريات العالم العربي، وهو ضمن مخطط صهيوني لتفتيت العالم العربي تم وضعه منذ أكثر من نصف قرن، ويأتي هذا التمدد الصهيوني في ظل انحسار النفوذ العربي، حتى أن إيران تدخل إلى عمق إفريقيا عبر البوابة السودانية مستغلة حالة الفقر في إفريقيا وتحت عنوان “مساعدة الأفارقة على التقدم الزراعي والصناعي والتكنولوجي” وذلك بسبب حالات الرفض العربي لتوجهات إيران التوسعية.

ويتبنى الكيان الصهيوني دوما سياسة تهدف إلى إشعال الفتن والصراعات بين الأقليات وأنظمتها، وتقديم الدعم والتدريبات والسلاح للجماعات المتمردة التي تثير القلاقل في دول الحوض ودعمها لإقامة تحالفات معها ومناوئة للدول العربية وعلى رأسها مصر، أيضا حيث تقدم الدعم للدول الموالية ودعم الجهات الموالية لها ومحاصرة الجهات الموالية للدول العربية. فقد دعمت “جون قارنج” في جنوب السودان، و “ميليس زيناوي” في إثيوبيا، و “أسياسي أفورقي” في اريتريا، و “يوري موسفيني” في أوغندا.

اختراق السودان وتقسيمه:

ويعتبر تقسيم السودان من بين ابرز علامات النجاح للمخطط الصهيوني في تفتيت الأمة الإسلامية والعربية، حيث شخصت الأنظار إلى موقعه الجيواستراتيجي وأهمية كبر حجم مساحاته منذ أواخر الخمسينيات، وكونه سلة غذائية للعالم العربي ولإستراتيجية الاكتفاء الذاتي، وتحت ذريعة الحرص على الإنسانية وحقوق الإنسان دأبت الولايات المتحدة الأمريكية التي يسيطر اللوبي الصهيوني على مركز اتخاذ قراراها المتمثل في (الكونجرس)، ودول غربية أخرى في كيل التهم للسودان بأنه يرتكب مجازر وإبادة جماعية لبعض القبائل، مستخدمين أداة الحصار والعقوبات والضغوطات عبر محكمة الجنايات الدولية، تزامن ذلك مع حراكات نشطة للكيان الصهيوني لاستمالة بعض القبائل ودعم المعارضين والمتمردين في الجنوب بالسلاح والمال والاستشارات والتدريب، وصل هذا الدعم لحد الاشتراك في القتال إلى جانب الانفصاليين ضد الجيش السوداني في حالات كثيرة. وقد كانت أول زيارة لرئيس جنوب السودان “سلفا كير” للخارج إلى الكيان الصهيوني لتكشف عن طبيعة عمق العلاقات وحجم التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي بينهم، وفي الزيارة قدم “سلفا كير” أسمى آيات الشكر والعرفان لــ “شمعون بيريز” قائلاً: “بدونكم ما كنا لنكون موجودين، قاتلتم معنا للسماح بإنشاء جمهورية جنوب السودان”.!!

وقد ورد في صحيفة “الأهرام” بتاريخ 14-3-2012م تحت عنوان ” سلفا كير سافر إلى (الكيان الصهيوني).. محمولاً فوق أكتاف العرب” قول أفي ديختر “إن جميع رؤساء حكومات الكيان… تبنوا الخط الاستراتيجي في التعاطي مع السودان الذي يرتكز على تفجير بؤرة أزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفي أعقاب ذلك دارفور”.

وعلى مستوى التنسيق الأمني والمعلوماتي والاستخباراتي، فهذا الجنوب أصبح غرفة عمليات لجميع مخابرات العالم، كما أن هذه الدولة المسيحية ستعمل ضد انتشار الإسلام في إفريقيا سوف تقف حجر عثرة أمام تواصل المسلمين مع جنوب إفريقيا ووسطها.

وسيظل الجنوب يمثل صداعاً مزمناً لمصر والسودان، وربما يتحول إلى سرطان كبير كونه أصبح بؤرة توتر في المحيط العربي وقاعدة للتحركات الصهيونية، وتهديد كبير للعمق المصري الاستراتيجي، وقد ألقى كثير من المسئولين السودانيين اللوم على مصر لأنها لم تستخدم ثقلها لترجيح كفة الوحدة، وقد سارعت بأمر التسليم بالانفصال.

ومن بين أهم تأثيراته السلبية أنه سيكون غرفة عمليات لجميع مخابرات العالم، كما أن هذه الدولة المسيحية ستعمل ضد انتشار الإسلام في إفريقيا وسوف تقف حجر عثرة أمام تواصل المسلمين مع جنوب إفريقيا ووسطها.

الجزء الثاني وقبل الأخير من دراسة “مظاهر ومخاطر التغلغل الصهيوني في المحيط العربي الإفريقي”.

ـــــــــــ

أكاديمي- كاتب ومحلل سياسي . فلسطين- غزة