أنت أحق به ما لم تتزوجي

إن الناظر للمقترحات التي وافق عليها المجلس العلمي الأعلى بخصوص ورش تعديل مدونة الأسرة، يجد من أهمها الإبقاء على حضانة الأبناء رغم زواج الأم الحاضنة، وهو من المقترحات التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد تشاور واسع قامت به هذه الأخيرة مع مجموعة من الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية والدينية والأكاديمية…غير أن هذا المقترح يثير مجموعة من الإشكالات الشرعية والقانونية.
بداية الحضانة هي حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه، والأصل هو اسناد الحضانة للأم ما لم يعتري هذه الأخيرة عيب من العيوب الموجبة لعدم إسنادها لها، وقد نظم المشرع المغربي الحضانة في المواد من 163 إلى 186 من مدونة الأسرة، ونظرا لأن الأحوال الشخصية في المغرب تستمد من المرجعية الإسلامية عامة والفقه المالكي خاصة، فقد استمد المشرع المغربي مقتضى اسقاط حضانة الأم عند زواجها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه ” أنت أحق به، ما لم تنكحي”.
وبالرجوع إلى مقتضيات الحضانة المنصوص عليها في مدونة الأسرة وخصوصا المادة 175 نجدها تنص على أنه : ” زواج الحاضنة الأم، لا يسقط حضانتها في الأحوال الآتية:
1-إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز السبع سنوات، أو يلحقه ضررا من فراقها؛
2-إذا كان بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم؛
3-إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون؛
4-إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون؛
زواج الحاضنة الأم يعفي الأب من تكاليف سكن المحضون وأجرة الحضانة، وتبقى نفقة المحضون واجبة على الأب”.
يتضح على ضوء المادة المذكورة أعلاه، أن المشرع وازن بين حق الحاضنة ومصلحة المحضون، وهو ما كرسته محكمة النقض إذ جاء في قرار لها أنه: ” إن المحكمة لما ثبت لها في الدعوى الحالية تجاوز البنت سبع سنوات ولم يثبت لها من وثائق الملف أي علة أو عاهة تجعل حضانتها مستعصية على غير الأم، كما بالمادة 175 من مدونة الأسرة، وقضت بناء على قاعدة: “الحكم يدور مع علته وجودا وعدما”، بإلغاء الحكم المستأنف القاضي برفض الطلب، وتصدت وحكمت بإسقاط الحضانة عن الطاعنة وأسندتها للمطلوب، فإنها بذلك عللت قرارها بما فيه الكفاية”.
قرار محكمة النقض رقم 232 الصادر بتاريخ 09 ماي 2023 في الملف الشرعي رقم 64/2/1/2022
لكن المقترح الجديد التي اقترحته بعض الفعاليات المدنية والسياسية ووافق عليه المجلس العلمي الأعلى، هل سيعطي الحضانة للأم الحاضنة في جميع الحالات دون مرعاة المصلحة الفضلى للمحضون أم أنه سيوسع نطاق المادة 175 من مدون الأسرة بما لا يضر بالمصلحة الفضلى للمحضون؟ وهو ما ستجيب عليه الأيام القادمة عند صياغة هذا المقترح في نص تشريعي، وفي انتظار ذلك أقترح ما يلي:
– أنه يتعين عند صياغة النص القانوني الموازنة بين المصلحة الفضلى للمحضون وزواج الأم الحاضنة؛
– إسقاط النفقة كشرط لبقاء الأبناء مع الأم الحاضنة عند زواجها؛
– توسيع أيام الزيارة للأب بما لا يضر بمصلحة المحضون؛
– امكانية اشتراط الزوجين في عقد الزواج على مقتضيات متعلقة بالحضانة بعد الطلاق؛
وختاما يتضح أننا نسير من التخفيف من تواجد المرجعية الاسلامية في شؤون الأحوال الشخصية تحت مسمى الاجتهاد، وأعتقد أنه في المستقبل يتعين تبني نظام الاختيار بين نظام الأحوال الشخصية المستمد من المرجعية الإسلامية ونظام الأحوال الشخصية المدني، وبهذا نكون قد رفعنا الحرج عن المواطنين.
اترك تعليقاً