اقتصاد

التصدير والجفاف يرفعان أسعار الطماطم ومهني يرجح استمرار الغلاء طيلة رمضان

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يجد المستهلك المغربي نفسه أمام “واقع اقتصادي جديد” أبرز سماته الارتفاع الكبير في أسعار الطماطم، أحد المواد الأساسية الأكثر استهلاكا في الشهر الفضيل، وبينما كان المواطن ينتظر استقرار الأسعار خلال هذه الفترة فإن السوق يشهد اليوم قفزة “جنونية”، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد بين 10 و 12 درهما.

خلل العرض والطلب

هذا الارتفاع المفاجئ حسب المهنيين ليس مجرد زيادة عابرة، بل هو مؤشر على وجود خلل في معادلة العرض والطلب، وربما يكشف عن تحديات اقتصادية ولوجستية أعمق، فهل هي تقلبات الإنتاج الزراعي نتيجة أزمة الجفاف، أم ضغوط التصدير، أم عوامل أخرى خفية تقف وراء هذا الارتفاع؟

في هذا السياق، أوضح خبير المجال الفلاحي، رياض وحتيتا، أن ارتفاع أسعار الطماطم داخل الأسواق المغربية خلال الفترة الأخيرة يعود لثلاثة أسباب رئيسية وراء هذا الارتفاع، الذي تزامن مع نفس الفترة من العام الماضي، وأولها الظروف الجوية، حيث شهدت البلاد موجات برد استمرت لفترة طويلة.

وأشار المتحدث ذاته في تصريح لـ “العمق” إلى أن هذه الموجات تؤثر بشكل مباشر على نضج الطماطم، ما يؤدي إلى تأخر حصاد المحصول، كما يعرف أن الطماطم من المحاصيل الحساسة للطقس، وهو ما ينعكس على أسعارها في السوق.

أما السبب الثاني، فيتعلق بالجوانب اللوجستية، حيث يعتمد إنتاج الطماطم على الفلاحة التصديرية، وبالنسبة للسبب الثالث، أشار حتيتا إلى تأثير عامل العرض والطلب، فمع اقتراب شهر رمضان، يرتفع الطلب بشكل كبير على الطماطم والخضراوات الأخرى مثل الفلفل بأنواعه، وهذا الارتفاع في الطلب يتسبب في ضغط إضافي على السوق، مما يزيد من تكاليف الشراء.

احتكار الأسواق

وأكد الخبير الفلاحي أن الطماطم تعد من المواد الأساسية في الثقافة الغذائية للمغاربة، فهي تدخل في تحضير العديد من الأطباق الشهيرة، سواء خلال شهر رمضان أو في باقي أشهر السنة، إلا أن الطلب على هذه المادة يزيد بشكل ملحوظ في الشهر الكريم، مما يجعلها أحد المنتجات الحيوية في الموائد المغربية.

أما بالنسبة للتأخر الذي شهدته الأسواق في توفر الطماطم، فأرجع حتيتا ذلك إلى تأثيرات موجات البرد التي عطلت عملية نضج الطماطم وزيادة عرضها في الأسواق. ومع ذلك، توقع الخبير أن يبدأ الإنتاج الوفير من الطماطم بالظهور ابتداء من شهر أبريل، ما يساهم في توازن الأسعار وعودة توفر المنتج بكميات أكبر.

وفيما يتعلق بمسألة الاحتكار، أكد حتيتا أنه يمكن التحكم في الإنتاج داخل البيوت البلاستيكية، حيث يتسنى للفلاحين تأخير زراعة الطماطم أو تعديل مواعيد السقي لتلبية احتياجات السوق، وخاصة مع اقتراب رمضان، مسجلا أن تخزين الطماطم يعد أمرا صعبا، بسبب سرعة تلفها، مما يعقد مسألة الاحتفاظ بها لفترات طويلة.

وحسب المهنيين، فإن الطلب المرتفع من الأسواق الخارجية يدفع المنتجين إلى التركيز على التصدير، حيث تكون الأسعار في هذه الأسواق أكثر ربحا من تلك الموجودة في السوق المحلي، كما أن الزيادة الكبيرة في الصادرات تؤدي إلى تقليص العرض المحلي، مما يساهم في رفع الأسعار داخل السوق الداخلي.

جدير بالذكر أن صادرات الطماطم المغربية إلى الاتحاد الأوروبي شهدت نموا كبيرا بنسبة 47.18% منذ عام 2016، محتلا المركز الثاني السنة الماضية خلف هولندا، متفوقا بذلك على إسبانيا، بحجم صادرات بلغ 579.79 مليون كيلوغرام، مسجلا زيادة ملحوظة قدرها 185.85 مليون كيلوغرام مقارنة بعام 2016.

وحسب تقرير لـ “Hartoinfo”، فإن إجمالي مشتريات دول الاتحاد الأوروبي من الطماطم بلغ العام الماضي 2,875.37 مليون كيلوغرام، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 7.18% مقارنة بعام 2016، فيما بلغت القيمة الإجمالية لهذه المشتريات 4,972.64 مليون يورو، بمتوسط سعر 1.73 يورو للكيلوغرام.

ووفقا للمصدر ذاته، شهدت سوق الطماطم الأوروبية تغيرات ملحوظة منذ عام 2016، العام الذي سجلت فيه إسبانيا أعلى حجم مبيعات، موضحا أنه ومن بين أكبر أربعة موردين للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي، حقق المغرب وتركيا فقط نموا في حصتهما السوقية، بتسجيل المغرب ارتفاع ملحوظ نسبته 47.18%، بينما حققت تركيا قفزة كبيرة بنسبة 171.35%، ومقابل هذا الارتفاع أكد التقرير تراجع حصة كل من إسبانيا بنسبة -34.2% وهولندا بنسبة -21.11%.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • سعيد
    منذ 5 أشهر

    دائما يبررون الزيادة والسرقة التصدير ياتي بعد ملء السوق المحلي

  • ولد البلاد المواطن
    منذ 5 أشهر

    الوسطاء والسماسرة هم السبب الاول للغلاء، أما الجفاف والتصدير مجرد شماعة

  • Abdellah
    منذ 5 أشهر

    ليس التصدير بل إطلاق العنان للمضاربين والسماسرة وسكوت الحكومة وخير دليل ضجة الشاب بائع السمك بمراكش