وجهة نظر

مصطلح الردة و فتاوى التخلف‎

إن قضية الردة بدأت سياسية ثم أضحت تتأرجح مابين ماهو سياسي ومايعتقد أنه ديني،فالردة في اللغة هي التخلي عن الشيء،وفي التاريخ الإسلامي اقترنت الردة بحروب وقعت في حقبة معينة من التاريخ-أي حقبة تولي أبو بكر الصديق(ض) أول خلافة إسلامية-فقد كانت هذه الحقبة حاسمة بالنسبة للخلافة الإسلامية الفتية، حيث واجهت هذه الخلافة أول مؤامرة تهدف الى تحطيم الجبهة الداخلية للمسلمين،وزعزعة ثقتهم بدينهم الذي هو الأصل في وحدتهم وقوتهم، وهكذا تكالب على الدعوة الجديدة مااصطلح عليه ب”المرتدين”من المنافقين الذين أعلنوا إسلامهم نفاقا، من أجل حماية مصالحهم،والذين يدينون بغير الإسلام،بالإضافة إلى أولئك الذين لم يستسيغوا مساواتهم مع الذين لم يكونوا بدرجتهم قبل الإسلام، وكذلك من “المسلمين”الدين اعتبروا أن الزكاة فرضت عليهم كرها،وهكذا واجهت الدولة الإسلامية هذا التمرد بكل حزم وقوة،في حين كان يعيش داخل مختلف شرائح المجتمع الإسلامي ومنذ بداية الدعوة أناس معروفون بتخليهم عن الإسلام، دون إكراههم أو مضايقتهم ماداموا لايحاربون علنا المجتمع الإسلامي.

فحكم الردة في تلك الحقبة الحاسمة من التاريخ الإسلامي لايسري على مايحمله الشخص من عقيدة وأفكار، ولكن يسري على مايصدر منه من أفعال.”فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”الاية 29 سورة الكهف. فحكم الكفر والإيمان مرده إلى الله سبحانه وتعالى،كما أن القران الكريم لايحتوي على حد للردة أوعقوبة دنيوية لها،ولم يشر إلى ضرورة إكراه “المرتد”على العودة الى الإسلام،فمن يعتبره بعض “العلماء”مرتدا فإنما هو في الحقيقة لم يقتنع ولم يستوعب الإسلام أصلا وإلا لما ارتد عنه.

وفي هذا السياق فإن بعض العلماء”يفتون بفتاوى تسيء إلى الإسلام أكثر مما تخدمه كفتاوى عقوبة الردة والتكفير التي يلصقونها بأفراد وجماعات،فبدل هذه الفتاوى التي تؤدي الى النفور من كل ماهو اسلامي يجب على هؤلاء”العلماء”أن يدعوا إلى الحوار والانفتاح على المجتمعات المتقدمة التي تعاني من فراغ ديني ،خصوصا منها المجتمعات الأسيوية القوية بتقدمها الصناعي والاقتصادي من أجل تعريفها بالإسلام السمح،وجلبها الى اعتناقه،فالمجتمع المؤمن القوي خير من المجتمع المؤمن الضعيف.

كما أن الإسلام أصبح أكبر وأعظم من أن ينال منه أي كان، فبالأحرى أن تنال منه حالات شاذة تتعلق ب”الردة “.