سياسة

الطالبي: الشرق الأوسط يتسع لفلسطين وإسرائيل.. وأوروبا تحتاج لكفاءات إفريقيا

أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أن الشراكة الأورومتوسطية حققت خلال العقود الثلاثة الماضية نتائج هامة في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة وحقوق الإنسان والديمقراطية، إلى جانب التعاون في العلوم على المستويات الثنائية ومتعددة الأطراف.

غير أنه شدد على أن ما تحقق لا يرقى إلى مستوى طموحات شعوب المنطقة التي تتطلع إلى الازدهار المشترك وإلى أن تنعم بالسلام والأمن والحرية، بعد أن أنهكتها الحروب وتبعاتها المؤلمة.

وأوضح الطالبي العلمي، خلال مشاركته في المنتدى الدولي حول مستقبل منطقة البحر الأبيض المتوسط، المنظم بمناسبة الرئاسة الإسبانية للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أن النزاعات، وفي مقدمتها النزاع المزمن في الشرق الأوسط، تمثل العقبة الرئيسية أمام بناء فضاء أورومتوسطي مزدهر وآمن، حيث تتدفق الاستثمارات وتزدهر المبادلات ويسود التفاهم بين الدول والشعوب.

وأكد أن العمل البرلماني ينبغي أن يركز على تحقيق تسوية عادلة ودائمة لهذا النزاع عبر تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه التاريخية في الاستقلال وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، مشددًا على أن الشرق الأوسط يتسع لدولتين، فلسطين وإسرائيل، باعتبار ذلك الحل الوحيد المقبول والممكن.

وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن الاجتماع بحث أيضًا أهم التحديات الأخرى التي تواجه المنطقة الأورومتوسطية، من بينها التغيرات المناخية، والهجرة، ومكانة النساء والشباب في السياسة والمؤسسات، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالإرهاب ونزعات الانفصال ومحاولات تفكيك الدول والنيل من وحدتها الترابية.

وفيما يتعلق بقضية الهجرة، شدد الطالبي العلمي على أهمية اعتماد المرجعية القانونية الدولية، وخاصة الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، الذي تمت المصادقة عليه في مراكش عام 2018، مع ضرورة التصدي لأسباب الهجرة غير النظامية وتدبيرها وفق قوانين مختلف الدول.

ولفت إلى أن أوروبا استفادت تاريخيًا من الهجرة الإفريقية، سواء في الحروب العالمية أو في إعادة البناء بعد الحربين، وهي اليوم تحتاج إلى الكفاءات الإفريقية في مجالات الطب والهندسة وغيرها.

وفي المقابل، أشار الطالبي العلمي إلى أن إفريقيا تحتاج إلى دعم حقيقي يساعدها على تجاوز مخلفات الاستعمار وبناء أنظمتها السياسية والاقتصادية، مؤكدًا أن ذلك هو السبيل الوحيد للحد من الاتجار بالبشر واستغلال معاناة الشباب المهاجر.

وأضاف أن أوروبا نفسها قامت على الهجرة عبر التاريخ، مشيرًا إلى أن التجربة المغربية-الإسبانية في تنظيم الهجرة تعد نموذجًا ناجحًا يمكن تعميمه.

وفي ما يتعلق بالتغيرات المناخية، دعا الطالبي العلمي إلى الوفاء بالالتزامات الدولية المنبثقة عن مؤتمرات الأطراف حول المناخ، وعدم الاكتفاء بإعلان المبادئ بل الانتقال إلى مرحلة التفعيل. وسلط الضوء على التجربة المغربية-الإسبانية في تحلية المياه باستخدام الطاقات المتجددة كنموذج ناجح لمواجهة أزمة الجفاف.

وشدد رئيس مجلس النواب على أهمية احترام القانون الدولي والالتزامات الدولية، مؤكدًا ضرورة التمسك بالوحدة الترابية للدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وأوضح أن على دول وشعوب ونخب ومؤسسات المنطقة المتوسطية أن تأخذ زمام المبادرة في تسوية النزاعات، بدلاً من ترك المجال للتدخلات الخارجية أو للتيارات المتطرفة.

كما أكد الطالبي العلمي أن منطقة المتوسط تمتلك من التاريخ والتقاليد والمؤسسات والثقافة السياسية ما يؤهلها لاستعادة دورها كفاعل رئيسي في القرارات الدولية، داعيًا إلى أن تكون المجموعة البرلمانية المتوسطية حاضرة في الدفاع عن السلم والتنمية والتعاون المتوازن، خاصة في ظل السياق الجيوسياسي الدولي الذي يتسم بالتعددية والاستقطاب.

وختم كلمته بتجديد التزام مجلس النواب المغربي بمواصلة الجهود لتعزيز التعاون الأورومتوسطي، مشيرًا إلى الإمكانيات الواعدة التي تمتلكها إفريقيا، والتي توفر فرصًا كبيرة للشراكة، ما يستدعي العمل على تقليص الفجوة بين الشمال والجنوب، خاصة وأن العديد من حلول مشاكل الشمال قد تكون في الجنوب، وتحديدًا في القارة الإفريقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *