
أكد مدير نشر جريدة “العمق”، محمد لغروس، أن الدور الأساسي للصحافة يكمن في نقل معاناة الناس وآمالهم إلى المسؤولين، مشددا على أن رد الفعل المطلوب من المسؤول هو التجاوب مع ما يتم طرحه ومعالجة المشاكل، وليس الانزعاج من التغطية الإعلامية، وأن “يخجل من تقصيره ويتدخل فورا لمعالجة الوضع” بدلا من أن “ينزعج من الصحافة”.
وشدد لغروس، خلال حلوله، اليوم الجمعة، ضيفا على برنامج “مجتمع التحدي” الذي تبثه قناة “ميدي 1 تي في”، والذي تقدمه الإعلامية خديجة الفحيصي، على أن الصحافة، حين تنقل مشاكل الطرق غير المعبدة، أو غياب النقل المدرسي، أو ارتفاع الأسعار، أو غياب الأدوية الأساسية في بعض المناطق، فإنها تنبه إلى اختلالات حقيقية.
وأشار مدير نشر جريدة “العمق”، أن تحديات الصحافة في المغرب لا يمكن فصلها عن السياق القانوني والمؤسساتي والممارسة المهنية اليومية، وعلى أن الجسم الصحفي يحتاج إلى “مزيد من الوضوح والشفافية”، خاصة في ظل المناقشات الجارية حول مراجعة القوانين المنظمة للمهنة، بما في ذلك قانون الصحافة والنشر، والنظام الأساس للصحافيين المهنيين، والقانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة.
ودعا لغروس، الذي حل ضيفا على برنامج “مجتمع التحدي” إلى جانب الخبير في التواصل والإعلام، أحمد الدافري، إلى أن تسير هذه التعديلات في اتجاه ترسيخ ممارسة مهنية تستجيب لتطلعات الملك محمد السادس، من خلال استلهام مضامين الرسالة الملكية لسنة 2002، التي أكدت على أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل فاعل أساسي في الحياة العامة الوطنية، و شريك لا محيد عنه في بناء الصرح الديمقراطي.
كما استحضر ما جاء في الرسالة المذكورة، الموجهة لأسرة الصحافة والاعلام سنة 2002، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، حول أنه “لاسبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون ممارسة لحرية التعبير. كما أن التأكيد على ملازمة المسوءولية للحرية مرده إلى اعتبار أنه لايمكن للإعلام أن يكتسب المصداقية الضرورية وأن ينهض بالدور المنوط به ويتبوأ المكانة الجديرة به في حياتنا العامة ما لم تمارس هذه الحرية في نطاق المسوءولية”.
وفي رده على سؤال حول الجهات التي ينبغي أن تتعاون مع الإعلام لتمكين الفئات الهشة من التعبير عن قضاياها، أكد لغروس، على أهمية التمايز في الأدوار بين العمل الصحافي والعمل الحكومي، مشددا على أن “الصحافي ينبغي أن يكون صحافيا، لا شيئا آخر، والسياسي والمسؤول ينبغي أن يقوم بدوره”.
وأضاف لغروس أن المطلوب هو نوع من التكامل والتعاون، مشيرا إلى أن الإشكال لا يقتصر على الجانب المهني فقط، بل يتجاوزه إلى البيئة القانونية والمزاج العام الذي ينبغي أن يتغير، إلى جانب عدد من الشروط الأخرى التي من شأنها تسهيل الاشتغال، لافتا الانتباه إلى أن عدم فتح نقاش حول هذه الأمور الذهنية يظل من العوائق الحقيقية التي تواجه تطور الإعلام.
وفي مستوى ثالث، تحدث لغروس عن التحديات المالية التي تواجه المؤسسات الصحافية، قائلا إن هناك إشكالات مرتبطة بسوق الإشهار والشراكات، وإن الاستقلالية – مع الأسف – جزء من الهشاشة الموجودة داخل الصحافة نفسها.
كما توقف محمد لغروس عند الفصلين 27 و28 من الدستور المغربي، واللذين ينصان على ضمان حرية الصحافة وحق المواطنين في الحصول على المعلومات، مؤكدا أن دعم الصحافة الحرة، كما ورد في الدستور، ليس امتيازا تمنحه السلطات، بل التزام دستوري يتعين على المسؤولين احترامه، مشدد على ضرورة اقتناع الفاعلين العموميين بأن الصحافة لا تشتغل ضدهم، بل تعمل لصالح المصلحة العامة، وتؤدي أدوارًا دستورية في التنبيه والتوجيه والرقابة، انسجامًا مع المبادئ التي أرساها الدستور.
وأوضح أن من بين المعضلات الكبرى التي تضعف الممارسة المهنية وجود مئات المواقع الإلكترونية غير القانونية، مشيرا إلى أن وزير الثقافة والاتصال الأسبق، محمد الأعرج، صرّح بوجود نحو 700 موقع غير مرخص، متسائلا عن دور النيابة العامة والجهات المختصة في مواجهة هذا الوضع، متسائلا عن جدية الالتزام بضبط المجال الرقمي والإعلامي.
وفي جوابه عن سؤال حول الأخلاقيات المهنية في التعامل مع الفئات الهشة، قال لغروس إن من يرتكب “مجازر مهنية” في حق هذه الفئات، غالبا ما يكون خارج القانون أو لا يُعير أي اهتمام لكرامة المهنة أو لقواعدها الأخلاقية، مؤكد أن من يلتزم بميثاق الصحافة لا يمكن أن يسهم في إعادة إنتاج الصور النمطية أو نقل البشاعة، بل يمارس دورا نبيلا في تنبيه السلطات والتأثير الإيجابي في الرأي العام.
وخلص إلى أن تحقيق الأهداف الكبرى التي ترفعها الدولة، كالوصول إلى مصاف الدول الصاعدة، لا يمكن أن يتم دون إعلام مستقل وفاعل، قادر على أداء وظائفه بصدق، وحرية، ومسؤولية.
اترك تعليقاً