سياسة

نورالدين: موقف بريطانيا كان متوقعا ويؤكد التحالف الاستراتيجي مع المغرب ضد مناورات الجزائر

قال الخبير في العلاقات الدولية أحمد نورالدين، إن موقف بريطانيا الجديد تجاه قضية الصحراء المغربية، المعبر عنه في البيان المشترك الصادر عن المملكة المتحدة والمغرب يوم فاتح يونيو الجاري كان مرتقبا ومتوقعا، رغم أنه جاء متأخرا نسبيا. ويعزو هذا التأخر إلى حسابات بريطانية تتعلق بالتنسيق والتناسق مع المواقف الأوروبية إجمالا، بالإضافة إلى حسابات جيوسياسية وإقليمية لا تخفى على المتتبع لعلاقات بريطانيا بدول شمال إفريقيا.

وأوضح نورالدين أن الموقف البريطاني كان دائما في مجال السياسة الخارجية يصطف مع الموقف الأمريكي من القضايا الدولية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة كانت قد اعترفت في دجنبر 2020 بمغربية الصحراء، مما يجعل الموقف البريطاني، رغم تأخره، يندرج ضمن هذا التوجه العام.

وقال في تصريح لجريدة العمق إن ما يهم في هذا الموقف البريطاني هو أنه يندرج أولا ضمن المطالب التي عبر عنها البرلمان البريطاني في رسالة سابقة وقعها أكثر من 30 عضوا في مجلس العموم البريطاني. وهذا يعني أن الموقف البريطاني الجديد مؤسس على تقدير سياسي بريطاني تلتقي فيه وجهات نظر الخارجية البريطانية والحكومة البريطانية مع البرلمان البريطاني.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد هذا الموقف من قضية الصحراء المغربية خيار مؤسس وليس مجرد موقف عابر، ويتضح ذلك في الإعلان المشترك الذي تحدث عن علاقات دبلوماسية بعمق ثمانية قرون، وعن شراكة استراتيجية متجددة متجهة نحو المستقبل في ميادين حساسة مثل الصناعات العسكرية والبحرية والتعاون الأمني ومكافحة الجريمة السيبرانية.

ومن الأمثلة التي أوردها الإعلان المشترك، يشير المتحدث، إلى تأكيده على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامتها، وهو ما يصب مباشرة في التوجه المغربي لحماية وحدة وسلامة أراضي المملكة علاقة بنزاع الصحراء.

وأكد الخبير أنه لا يمكن لدولة مثل بريطانيا، أو لأي دولة أخرى، أن تدخل في شراكة استراتيجية الصناعات العسكرية وتنسيق السياسات الأمنية، ثم تكون في نفس الوقت مناهضة أو معاكسة لمصالح هذا البلد في أهم قضاياه وأكثرها قداسة، وهي قضية وحدته الترابية وسلامة أراضيه. وهذا ما يؤكد أن دعم بريطانيا للموقف المغربي يشكل تحولا استراتيجيا مبني على تصور واضح لمستقبل النظام الدولي الجديد ونوعية التحالفات الاقتصادية والعسكرية التي سترسم خارطة العالم لمرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية، وقد استطاع المغرب أن يحظى بثقة الدول الغربية كحليف موثوق وقوة صاعدة ستوكل إليها مهام استراتيجية ليس في شمال إفريقيا بل في القارة السمراء عموما والمحور الأطلسي على وجه التحديد.

وسلط نورالدين الضوء على رفض البلدين، كما جاء في نفس الإعلان، لاستعمال القوة في حل النزاعات،  واعتبر ذلك رسالة واضحة ومباشرة إلى الجزائر التي تدعو، منذ عام 2020 إلى عودة العمل المسلح وتدعم جبهة “البوليساريو” الانفصالية في القيام بأعمال مسلحة ضد المغرب انطلاقا من الأراضي، الجزائرية، بل إن الجزائر نفسها اختارت التصعيد العسكري مع المغرب عبر المناورات العسكرية على الحدود وعبر الميزانية الضخمة للجيش التي بلغت 25 مليار دولار، وعبر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب واغلاق الاجواء في وجه الطيران المدني. ومعلوم أن هذا الإجراء الاخير لا يتم اللجوء إليه إلا في حالات الحرب.

ومن أهم بنود الإعلان المشترك التزام بريطانيا، كعضو دائم في مجلس الأمن، بالدفع نحو الطي النهائي لهذا النزاع وبشكل استعجالي، وهو ما يتقاطع مع سعي المغرب لحسم هذا النزاع في أقرب وقت كما ورد في الخطابات الملكية الأخيرة. وأشار إلى أن البيان تضمن التوقيع على عدة بروتوكولات لبناء المستقبل في مجالات حساسة ودقيقة، سواء في الطاقات المتجددة أو الاستثمارات البريطانية الضخمة في الهيدروجين.

وفيما يتعلق بتأثير هذا الموقف على الجزائر، أكد الخبير في العلاقات الدولية أن هذا الموقف سيساهم في “إغلاق” آخر المنافذ على الجزائر، التي أصبحت محاصرة فعليا في محيطها المباشر، على مستوى دول الساحل وليبيا والمغرب، وحتى موريتانيا التي أغلقت مؤخرا أحد المعابر التي تربطها بالجزائر.

وعلى الساحة الدولية، يلاحظ تزايد مضطرد في عدد الدول التي تؤيد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية أو على الأقل تؤيد المقترح المغربي للحكم الذاتي، ومنها ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن والأغلبية الساحقة من الدول العربية والإسلامية والافريقية، ولا توجد دولة اوربية تعترف بالكيان الوهمي، وفق تعبيره.

واعتبر نورالدين أن الجزائر أصبحت “مكشوفة” و”تلعب في الأشواط الإضافية” في هذا النزاع الذي فرضته على المغرب منذ ما يقرب من نصف قرن، ضدا على الشرعية التاريخية والقانونية لمغربية الصحراء، واستطاع المغرب بسياسة الحزم والوضوح أن يزيل القناع عن وجه الجزائر ويبرهن للعالم أن الجارة الشرقية هي الخصم الحقيقي والمعادي للمغرب في نزاع الصحراء الاقليمي، وأن جبهة “البوليساريو” الانفصالية مجرد أداة تستعملها الجزائر لتصفية حساباتها الحدودية والتاريخية مع المغرب.

وفي ختام حديثه، أشار الخبير إلى أن الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء من القوى الدولية الكبرى يجب استثمارها من أجل “الضرب في المكان المناسب” لإنهاء هذا الملف نهائيا. وأوضح أن هذا المكان هو اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة. فمجلس الأمن، نظرا للتوازنات وحق الفيتو وتضارب المصالح، كان منذ نشأته مكانا “لإقبار الملفات وتجميدها”.

وأكد أن المكان المناسب والرئيسي لطي هذا الملف هو اللجنة الرابعة، وعلى الدبلوماسية المغربية أن تعمل بأقصى سرعة في هذه السنة على حشد الدعم لقرار داخل هذه اللجنة يوصي بإغلاق هذا الملف بشكل نهائي. لأن إغلاق الملف داخل اللجنة الرابعة يعني إغلاقه بشكل أوتوماتيكي في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدا على أن هذا هو المكان الذي يجب أن تركز عليه الجهود الدبلوماسية المغربية اليوم لاستثمار هذا المناخ الدولي المناسب والملائم والداعم لمغربية الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غزاوي
    منذ شهرين

    مجرد تساؤل. 1- هل غيرت هذه الاعترافات من طبيعة النزاع على مستوى المحاكم أو على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو لجنة 24 أو مجلس الأمن !!؟؟ 2- هل أحدا من هذه الدول قال أو يستطيع فرض الحكم الذاتي على الشعب الصحراوي !!؟؟ 3- هل أحدا من هذه الدول أنكر حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره !!؟؟ 4- هل أحدا استطاع أن يجبر البوليزاريو وقف الحرب والعودة إلى اتفاق 1991 رغم شكاوي بوريطة !!؟؟ لذلك فهي مجرد اعترافات صورية بدون فاعلية، غرض أصحابها مقايضة المغرب بتنازلات سيادية وسياسية واقتصادية وقد نجحوا. وجميعهم صوب مواقفه اتجاه الشرعية والقانون الدوليين. بدليل أن هذه الدول، لا سيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا الأعضاء في مجلس الأمن صادقوا على قرار مجلس الأمن الأخير الصادر بتاريخ:30/10/2024، وصادقوا على التقرير السنوي الذي حدد معالم حل النزاع وأزعج عمر هلال وجعله يشتكى إلى رئيس مجلس الأمن من التحيز لصالح البوليزاريو. أخيرا، انزعاج لأن النزاع يقع على حدودها ويتعلق بحق شعب استجار بها، وهدفه تذكير هذه الدول بـ "المنكر" الذي اقترفوه، مما جعلهم يصوبون مواقفهم. ترامب فور عدته عن طريق مستشاره بولس وسانشيز في خطابيه في الأمم المتحدة ولامي فور عودته لبلده ونشر البيان الختامي على موقع الحكومة البريطانية.

  • غزاوي
    منذ شهرين

    مجرد تساؤل. 1- هل غيرت هذه الاعترافات من طبيعة النزاع على مستوى المحاكم أو على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو لجنة 24 أو مجلس الأمن !!؟؟ 2- هل أحدا من هذه الدول قال أو يستطيع فرض الحكم الذاتي على الشعب الصحراوي !!؟؟ 1- هل أحدا من هذه الدول أنكر حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره !!؟؟ 2- هل أحدا استطاع أن يجبر البوليزاريو وقف الحرب والعودة إلى اتفاق 1991 رغم شكاوي بوريطة !!؟؟ لذلك فهي مجرد اعترافات صورية بدون فاعلية، غرض أصحابها مقايضة المغرب بتنازلات سيادية وسياسية واقتصادية وقد نجحوا. وجميعهم صوب مواقفه اتجاه الشرعية والقانون الدوليين. بدليل أن هذه الدول، لا سيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا الأعضاء في مجلس الأمن صادقوا على قرار مجلس الأمن الأخير الصادر بتاريخ:30/10/2024، وصادقوا على التقرير السنوي الذي حدد معالم حل النزاع وأزعج عمر هلال وجعله يشتكى إلى رئيس مجلس الأمن من التحيز لصالح البوليزاريو. أخيرا، انزعاج لأن النزاع يقع على حدودها ويتعلق بحق شعب استجار بها، وهدفه تذكير هذه الدول بـ "المنكر" الذي اقترفوه، مما جعلهم يصوبون مواقفهم. ترامب فور عدته عن طريق مستشاره بولس وسانشيز في خطابيه في الأمم المتحدة ولامي فور عودته لبلده ونشر البيان الختامي على موقع الحكومة البريطانية.