فاجعة داخل مصنع لتصبير الفواكه بأزمور تكشف خروقات قانونية تهدد حياة العمال

اهتزت مدينة أزمور، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع حادثة مأساوية داخل مصنع متخصص في تصبير الفواكه، أودت بحياة أحد العمال، فيما يرقد زميله في قسم العناية المركزة بالمستشفى المحلي للمدينة، بعد تعرضهما لصعقة كهربائية مميتة.
هذه الواقعة المؤلمة أعادت إلى الواجهة تساؤلات كثيرة حول ظروف اشتغال العمال داخل هذا المصنع، والذي تتهمه الساكنة ومسؤولون محليون بالاشتغال في “ظروف غامضة وغير قانونية”، دون احترام أدنى شروط السلامة المهنية المنصوص عليها في قانون الشغل المغربي.
بحسب ما صرح به عدد من سكان المنطقة ومسؤولين بجماعة أزمور لجريدة “العمق المغربي”، فإن الحادث نجم عن تماس كهربائي سببه وجود أسلاك عارية داخل الوحدة الصناعية، دون أي تغطية أو حماية، مما جعلها تشكل خطرا مباشرا على حياة المستخدمين.
وأكدت التصريحات أن المصنع لم يلتزم بالقوانين المنظمة للسلامة المهنية، حيث يتهم بالإهمال الواضح لوسائل الوقاية والاحتياط التي من شأنها تجنيب العمال مثل هذه الكوارث، وهو ما اعتبر السبب المباشر وراء الفاجعة التي اهتزت لها المدينة.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر من جماعة أزمور إلى أن العديد من عمال المصنع يعيشون في حالة خوف دائم من فقدان مصدر رزقهم، ما يمنعهم من التعبير عن معاناتهم أو المطالبة بحقوقهم.
الحادث خلف حالة من الغضب والاستياء في صفوف المواطنين والهيئات المدنية، حيث تعالت الأصوات المطالبة بتدخل السلطات المختصة، وعلى رأسها وزارة الشغل والنيابة العامة، من أجل فتح تحقيق دقيق وشامل في هذه الفاجعة، وكشف ملابساتها الحقيقية، ومعرفة مدى التزام المصنع بشروط الصحة والسلامة في أماكن العمل.
كما طالب ناشطون بضرورة تكثيف حملات المراقبة على الوحدات الصناعية بالمنطقة، خاصة تلك التي تشغل عددا كبيرا من العمال في ظروف غير شفافة، والعمل على تفعيل المقتضيات القانونية التي تضمن بيئة عمل آمنة وكريمة.
وتعكس هذه الحادثة، بحسب عدد من المراقبين، صورة من التناقضات التي تعيشها مدينة أزمور، التي تسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية عبر استقطاب الاستثمارات الصناعية، لكنها في المقابل، تواجه تحديات حقيقية في ما يتعلق بحماية حقوق العمال وضمان تطبيق القانون داخل فضاءات الإنتاج.
وكشفت رشيدة الكاس، المستشارة بجماعة أزمور، عن معطيات صادمة بخصوص أوضاع العمل داخل أحد مصانع تصبير الفواكه بالمدينة، مؤكدة أن المؤسسة المعنية لا تحترم أدنى شروط السلامة المهنية ولا تصون كرامة العمال، وهو ما أدى – حسب قولها – إلى وقوع حادث مأساوي أودى بحياة أحد المستخدمين وتسبب في إصابة آخر بجروح خطيرة استدعت نقله إلى المستشفى المحلي في حالة حرجة.
وأوضحت الكاس، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن هذا المصنع يشغل العشرات من الشباب في ظروف وصفتها بـ”السرية والمهينة”، حيث يعملون دون أي تغطية قانونية أو اجتماعية، وفي بيئة مهنية تفتقر لأبسط شروط السلامة والوقاية.
وأشارت إلى أن العمال لا يملكون الجرأة للبوح بمعاناتهم، خوفا من فقدان لقمة عيشهم بسبب تهديدات ضمنية أو صريحة بالطرد.
وقالت المستشارة الجماعية إن “العمال يشتغلون في صمت مر، لأنهم يعلمون أن الحديث عن هذه الأوضاع قد يكلفهم عملهم، وهم في الأصل يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة بسبب البطالة وغياب بدائل اقتصادية في المدينة”.
وأبرزت الكاس خطورة الوضع داخل المصنع، مشيرة إلى وجود أسلاك كهربائية مكشوفة، ومعدات مهترئة، وغياب كلي للتجهيزات الوقائية، وهو ما يجعل بيئة العمل بمثابة “فخ قاتل” حسب وصفها.
وتابعت: “ما يؤلم أكثر هو أن سيارة الإسعاف لم تصل إلا بعد مرور ساعة على وقوع الحادث، في مشهد مؤلم يعكس ضعف البنية التحتية الصحية في المدينة وتهاون الجهات المعنية في التدخل السريع”.
وأشارت المتحدثة إلى أن الحديث عن المصنع لا يقتصر فقط على حوادث الشغل أو خروقات شروط السلامة، بل يتعداه إلى شكاوى متكررة من السكان المجاورين، الذين يعانون من الروائح المنبعثة والضجيج المستمر، في ظل غياب مراقبة حقيقية من قبل الجهات الوصية.
وختمت المستشارة حديثها بالتأكيد على أن المصنع يمثل بالنسبة لعدد من شباب أزمور “المتنفس الوحيد” في ظل انسداد آفاق التشغيل، مشيرة إلى أن هؤلاء الشباب على استعداد لتقديم شهاداتهم وكشف ما يجري داخل أسوار المصنع، لكن الخوف من فقدان مورد رزقهم الوحيد يمنعهم من ذلك.
اترك تعليقاً