سياسة

وثائق الصفقات واستمرار الاعتقال يشعلان جلسة محاكمة مبديع.. والدفاع: بريء حتى تثبت إدانته

محمد مبديع

شهدت جلسة محاكمة الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح، محمد مبديع، اليوم الخميس، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مرافعة قوية من طرف دفاعه، حيث شدّد المحامي إبراهيم أموسي على ضرورة تمتيع موكله بالوثائق الضرورية المرتبطة بالملفات المعروضة أمام القضاء.

وقررت هيئة الحكم برئاسة علي الطرشي البت في الملتمسات يوم الثلاثاء المقبل، مع تحديد يوم الخميس القادم موعدا لاستكمال جلسة محاكمة المتهم محمد مبديع ومن معه.

وخلال جلسة اليوم، اعتبر المحامي أموسي، في مداخلته أمام هيئة الحكم التي يرأسها المستشار علي الطرشي، أن مبديع يواجه اليوم مجموعة من القضايا ذات طابع مالي وإداري توصف بأنها “ملفات فساد”، غير أنه لا يمكن مناقشتها بشكل جدي وموضوعي في غياب الوثائق الرسمية المرتبطة بها، مبرزا أن هذه الوثائق سبق أن كانت موضوع جدل قانوني طويل.

وأوضح المحامي أن موكله، بصفته رئيسا للمجلس الجماعي لمدينة الفقيه بن صالح، لم يكن يتدخل تقنيا في تدبير الصفقات، بل كان دوره يقتصر على التأشير فقط، وهو ما يجعل ضرورة الاطلاع على الوثائق الأصلية أمرا أساسيا لإظهار حدود مسؤوليته القانونية والإدارية.

وأشار المتحدث إلى أنه اصطدم شخصيا، يوم أمس، مع أحد حراس سجن عكاشة بسبب رفض هذا الأخير تمكينه من استكمال جلسته مع مبديع، معتبرا أن مثل هذه العراقيل تمس بحقوق الدفاع وتعرقل مسار المحاكمة العادلة التي يضمنها القانون.

كما التمس أموسي من محكمة الاستئناف ومن الوكيل العام للملك السماح بتمكين موكله من الوثائق المطلوبة والمتعلقة بعدد من الصفقات العمومية التي تناقَش أمام المحكمة، موضحا أن “هذا الطلب ليس امتيازا أو استثناء، بل حق أصيل للمتهم في إطار ضمانات المحاكمة العادلة”.

ولم يخف المحامي استياءه من التعقيدات التي رافقت هذا الملف، قائلا: “لأول مرة في مسيرتي المهنية لم أتمكن من قضاء عطلتي الصيفية بسبب هذا الإشكال القانوني، لأن تمتيع المتهم بالوثائق التي تخص ملفه هو أمر بديهي وحق قانوني لا نقاش فيه”.

وشدد أموسي على أن دفاعه لا يسعى إلى المماطلة أو تعطيل مسار العدالة، وإنما يطالب فقط بتطبيق القانون وتكريس مبادئ الإنصاف، مضيفا: “نحن ندافع فقط عن المحاكمة العادلة، مع التذكير بأن موكلي ليس شخصا عاديا، بل وزير سابق ومسؤول وطني تقلد العديد من المناصب المهمة، وهو ما يستدعي أن تتم محاكمته في ظروف قانونية سليمة تحفظ له حقوقه وتضمن ثقة الرأي العام في القضاء”.

وأكد المحامي عمر حلوي، عضو هيئة دفاع المتهم (لحسن.ز) المتابع في الملف القضائي المرتبط بمحمد مبديع ومن معه، أن موكله يعيش وضعية استثنائية وصعبة جراء استمرار اعتقاله الاحتياطي لما يزيد عن سنتين، رغم أن الأصل في كل القوانين الوطنية والدولية هو أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.

وأوضح حلوي، في مرافعته أمام هيئة الحكم، أن هذا المبدأ لا يعد مجرد قاعدة أخلاقية أو خطابا إنشائيا، بل هو مبدأ دستوري منصوص عليه في الفصل 23 من الدستور المغربي، كما أنه مكرس في قانون المسطرة الجنائية، بل ويتجاوز ذلك ليعتبر من أبرز ركائز العدالة الجنائية الحديثة على الصعيد الدولي، وهو ما أكدت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب.

وشدد المحامي على أن الاعتقال الاحتياطي، وإن كان وسيلة قانونية استثنائية تلجأ إليها النيابة العامة وقاضي التحقيق في حالات محددة، إلا أنه تحول في هذا الملف إلى ما يشبه “عقوبة سالبة للحرية سابقة لأوانها”، وهو ما يتنافى مع روح العدالة التي تفترض أن العقوبة لا تفرض إلا بعد صدور حكم قضائي نهائي يقضي بالإدانة.

وأضاف المتحدث أن استمرار اعتقال المتهمين لفترات طويلة دون حسم قضيتهم لا يضر فقط بحقوقهم الأساسية، بل يمس أيضا بثقة المواطنين في نزاهة وفعالية العدالة، ويطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ التناسب بين التدبير الاحتياطي وحقوق الأفراد.

والتمس دفاع (لحسن.ز) من المحكمة تمتيع موكله بالسراح المؤقت، مؤكدا أن جميع الضمانات القانونية والقضائية متوفرة لضمان حضوره في جلسات المحاكمة، سواء من خلال التزامه بعدم مغادرة التراب الوطني أو اتخاذ إجراءات أخرى كإيداع كفالة مالية.

وختم حلوي مداخلته بالتشديد على أن العدالة الجنائية العادلة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر الموازنة بين حماية المجتمع وضمان حقوق الأفراد، معتبرا أن إطلاق سراح المتهم مؤقتا سيكون خطوة إيجابية لاحترام سيادة القانون وتكريس المحاكمة العادلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *