سياسة

واشنطن تضغط على الجزائر لإقرار الحكم الذاتي بالصحراء والتطبيع مع تل أبيب

كشفت مجلة “جون أفريك”  الفرنسية عن تفاصيل لقاء سري جرى أواخر شهر يوليو 2025، حمل خلاله المبعوث الأمريكي لإفريقيا مساد بولس رسالتين محوريتين إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تتعلقان بملف الصحراء والعلاقات مع تل أبيب.

وأوضحت المجلة، نقلا عما وصفتها بتسريبات من واشنطن أوردتها قناة “الحرة” الأمريكية، أن المبعوث الأمريكي طلب من الرئيس الجزائري بشكل لا لبس فيه أن تعمل الجزائر على إقناع قيادة جبهة البوليساريو بقبول خطة الحكم الذاتي المغربية، وأن تهيئ البلاد لعملية تطبيع للعلاقات مع إسرائيل. وأضاف تقرير “جون أفريك” أن بولس أكد خلال المحادثات أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية ترى أن استمرار النزاع حول الصحراء والقطيعة بين الجزائر والمغرب يقوض استقرار المنطقة ويضعف التعاون في منطقة الساحل ويعرقل آفاق التكامل الاقتصادي لشمال إفريقيا.

وأكدت المجلة أن الرئيس تبون أظهر تشبثا بمواقفه المعتادة، حيث رفض رفضا قاطعا التطبيع قبل قيام دولة فلسطينية، ورفض أي تنازل بشأن قضية الصحراء التي وصفها بأنها “خط أحمر”. وتابع المصدر ذاته أن الرئيس الجزائري جدد هذا الموقف علنا بعد أيام قليلة، خلال مقابلة مع وسائل إعلام محلية في 19 يوليو، صرح فيها “لن أتخلى عن الصحراويين لإرضاء البعض فأصبح بذلك إمبرياليا (…) مبادئنا لم تتغير”، واصفا الدول التي تدعم الموقف المغربي بـ “الإمبريالية”.

وأشار التقرير إلى أن هذا التصلب الجزائري يأتي في وقت تتزايد فيه عزلة البلاد، حيث اعترفت ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بسيادة المغرب على الصحراء، كما انضمت إسبانيا وألمانيا، ومن بعدهما هولندا، إلى قائمة الدول الأوروبية التي تعتبر أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد القابل للتطبيق. ونقلت “جون أفريك” عن الدبلوماسي المغربي السابق أحمد فوزي قوله إن “المجتمع الدولي سئم من هذه القضية” وإن القوى الكبرى تعتبر أن وقت التسوية قد حان لإنهاء صراع يمنع استقرار شمال إفريقيا ويثقل كاهل جنوب أوروبا.

وأورد المصدر ذاته أن العد التنازلي قد بدأ في الأمم المتحدة تمهيدا لشهر أكتوبر، الذي قد يشهد إعادة تعريف لولاية بعثة المينورسو بما يكرس عمليا التخلي عن خيار الاستفتاء، وذلك استنادا إلى تقرير سيقدمه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. ولفتت المجلة الانتباه إلى أن موقف الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن، يثير التكهنات، فرغم حيادها الرسمي، فإن استثماراتها المتنامية في المغرب وحساسيتها تجاه قضايا السلامة الإقليمية، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى بكين، قد تدفعها لدعم خطة الحكم الذاتي بشكل أوضح.

وخلصت “جون أفريك” إلى أن المعطيات الحالية تبدو مواتية للرباط التي تحظى بدعم أمريكي وأوروبي، بينما تواجه الجزائر احتمالية هزيمة استراتيجية يصعب تحملها في ظل تمسك الرئيس تبون بما وصفتها المجلة بـ “خطوط حمراء تتآكل تحت الضغط الدولي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *