آباء يحملون أبنائهم لعبور الوادي.. مطالب ببناء قناطر على وادي دادس نواحي ورزازات

ما إن تداعب قطرات المطر سماء جماعة سكورة التي تقبع على مشارف إقليم ورزازات، حتى يحمل حسن الفرحاني صغيره بين ذراعيه، وهو يخطو بحذر فوق مياه وادي دادس، كأنه في حقل ألغام، في محاولة لعبور هذا المجرى المائي إلى ضفته الثانية، حيث تتواجد مركزية إماسين التي يتابع فيها ابنه عبدالواحد، البالغ من العمر عشر سنوات، دراسته في مستوى الرابع ابتدائي.
مشهد يبدو بسيطا للوهلة الأولى، لكنه يحمل في طياته قصة كفاح يومية لعشرات الأسر التي تصارع صعوبات الحياة في دواوير إماسين، حيث يصبح عبور هذا الوادي الذي يخترق المنطقة مغامرة غير محسوبة العواقب، وسط غياب منشآت فنية تُسهّل تنقل السكان وتخفف من الصعوبات التي يواجهونها في قضاء أغراضهم.
حسن الفرحاني، المنحدر من دوار تميريخت بجماعة سكورة، قال إن “الدوار سالف الذكر هو الأكثر تضررا بالمنطقة، إذ لم يستفد حتى الآن من أي خدمة لتسهيل عبور الأودية، ما يجعله معزولا نسبيا عن باقي الدواوير والجماعات المجاورة، وهو ما يؤثر سلبا على حياة السكان اليومية وفرص التنمية المحلية”.
وأوضح الفرحاني، في تصريح لجريدة “العمق”، أن “المجتمع المدني وجّه منذ سنوات أكثر من 20 طلبا للجهات المعنية، بما فيها العمالة والجماعة والدائرة والغرفة الفلاحية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، مبرزا في الوقت ذاته أن “إنجاز قنطرة على واد دادس بين دوار تمسراوت ودوار تميريخت من شأنه تسهيل تنقل السكان وتحسين ظروف حياتهم اليومية”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “الوضع يتفاقم في فصل الشتاء، وتكبر التحديات في المواسم الممطرة، حيث تتحول الأودية إلى عائق حقيقي أمام حركة السكان، ويصبح التنقل محفوفا بالمخاطر، مما يزيد من إحساس السكان بالعزلة والانقطاع عن باقي المناطق”.
ولفت الفرحاني ضمن التصريح ذاته إلى أن “معاناة سكان المنطقة لا تتعلق بالتنقل فقط، بل تمتد لتشمل فرص التعليم والتجارة والصحة، إذ يؤدي الانقطاع الدائم للطرق إلى تعطيل الدراسة، وتأخر وصول الخدمات الطبية، وصعوبة نقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق، ما ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة”.
من جهته، قال محمد البدلالي، الكاتب العام لجمعية نور بويقبى للتنمية والتضامن، إن “دواوير بويقبى، تميريخت، تمسراوت، أيت كندو وتغزوت تواجه صعوبات مستمرة بسبب غياب القناطر والجسور الآمنة”، مؤكدا أن “على الرغم من بعض المبادرات المحلية لبناء قناطر تقليدية، إلا أن هذه الحلول الجزئية تبقى غير كافية لتلبية الاحتياجات اليومية للسكان، خصوصا في مواسم الأمطار أو عند ارتفاع منسوب الأودية”.
وأوضح البدلالي في تصريح لـ”العمق” أن “التأخر في تشييد المنشآت الفنية يزيد من معاناة سكان منطقة إماسين، خصوصا التلاميذ الذين يقطعون مسافات طويلة يوميا للوصول إلى مدارسهم، والنساء اللواتي يتنقلن لتحصيل المياه والمواد الغذائية، وكذا المرضى والمسنين الذين يحتاجون إلى خدمات طبية عاجلة”.
وأضاف أن “مطالبهم تأتي في إطار الالتزام بالعدالة المجالية التي شدد عليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش الأخير، والذي أكد فيه عاهل البلاد على ضرورة توفير البنية التحتية الأساسية لكل مناطق المملكة، بما في ذلك المناطق القروية النائية، لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق التنمية الشاملة”.
وسجل المصدر ذاته أن “فك العزلة عن منطقة إماسين ليس مجرد مطلب بُنِي تحت ضغط الحاجة، بل هو حق دستوري واجتماعي، يهدف إلى ضمان كرامة السكان وفتح المجال أمام فرص التنمية والتعليم والصحة، وذلك من أجل تعزيز العدالة المجالية وتحقيق التنمية المتوازنة في المنطقة، سواء على مستوى الإقليم أو الجهة”.
من جهة أخرى، لم يخف المتحدثان أملهما في أن تتجاوب السلطات العمومية، ومعها المنتخبون على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية وحتى المركزية، مع هذه المطالب، وأن يتم تنفيذ مشاريع قناطر وجسور تسهم في فك العزلة وتحسين ظروف الحياة اليومية، فضلا عن توطين برامج تنموية شاملة تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدواوير إماسين الكبرى.
اترك تعليقاً