وجهة نظر

تعليقا على رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في موضوع: «آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الاوروبي وتأثيرها على الصادرات المغربية»

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يكشف عن ضعف الاستعداد للتعاطي مع «آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الاوروبي»
بداية لابد من تقديم الشكر للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على اصداره هدا الراي بشان «آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الاوروبي وتأثيرها على الصادرات المغربية» ليكون اول راي استشاري رسمي يصدر في الموضوع وعلى نقله على المباشر لجلسة تقديمه مع نشر وثائقه.

وقد كنت قد كنت شخصيا انتظر ان يكون اصداره بطلب من الحكومة ولكن وجدناه قد تم وفق احالة ذاتية وهو ما ينوه به حتى وان جاء متأخرا بالنظر الى دنو موعد تفعيل الاتحاد الاوروبي لهذا الميكانيزم والذي سيدخل حيز التنفيذ الفعلي والتام فاتح يناير المقبل.

الرأي الذي جاء بمنهجية محكمة ومبسطة مكن بداية من تحقيق هدف بيداغوجي تعريفا بألية لم تنل حظها مع الاسف من التناول الاعلامي وفي النقاش العمومي تعريفا وتحسيسا حتى لدى الاطراف المعنية مباشرة وقد كانت كلمة السيد رئيس المجلس وعرض السيد المقرر دقيقة و وافية.

من حيث المضمون فقد كشف الراي بشكل صريح احيانا وضمني احيانا اخرى العديد من نواقص الاعداد القبلي والاستباقي لمجابهة هدا التحدي الجديد مؤكدا ما كنا نحذر منه مند مدة كمتابعين للموضوع وما جاء في توصيات التكوين الدي نظمناه بهذا الخصوص اطار جمعية الفتح للثقافة والتنمية الصيف الاخير وانخرط فيه اعلاميون وباحثون وجمعويون .

وللإشارة فالوزراء المعنيون في الحكومة ظلوا يهونون من الامر في كل مناسبة ويؤكدون على انه سيمثل فرصا هامة لبلادنا بخصوص مساعي خفض الكربون في الاقتصاد الوطني وذلك صحيح حقيقة ولكن شريطة ان يتم تحضير قواعد واسس استثمار تلك الفرص والواقع غير دلك اطلاقا كما اكده راي المجلس حيث كشف على انه في غياب الجاهزية ستتحول الالية الاوروبية الى عقبة امام الولوج الى السوق الاوروبية بسبب المتطلبات البيئية وما تفرضه من تعقيدات إدارية وأعباء مالية إضافية على المصدّرين والفاعلين الصناعيين المغاربة ومما سيتعمق اكثر في حالة توسيع محال تطبيق الميكانيزم ليشمل منتوجات اخرى لاحقا او يشمل الانبعاثات الغازية غير المباشرة وانبعاثات الانشطة البعدية التي تلي الانشطة المدرجة وتتصل بها بعديا في سلاسل الانتاج. كما

سيتعمق اكثر في حالة تبني دول او مجموعات اخرى لميكانزمات مماثلة وكل هده الافتراضات جد متوقعة و بعضعا معلن وقرر اصلا.
وقد اورد المجلس اوجها وتجليات لعدم الجاهزية الفعلية هذه منها التي تمثل عوامل محددة وحاسمة لا يمكن من دون تحقيقها وتوفيرها الحديث عن أي امكانية لمجابهة هده الالية ولا لاستثمار فرصها ومن ذلك :

-كون عملية احتساب الانبعاثات عملية تقنية معقدة تقنيا، تستلزم تجميع بيانات دقيقة حول مراحل سلسلة الإنتاج، وتحديد العوامل المتسببة في الانبعاثات ذات الصلة، مع مراعاة خصوصيات كل ُمنتَج وسلسلة إمداده هدا مع العلم ان الفاعلين الصناعين، الذين جرى الإنصات إليهم من طرف لجنة المجلس اكدوا غياب الموارد البشرية المؤهلة القادرة على الاستجابة للمعايير الاوروبية الخاصة باحتساب الانبعاثات.

– مع غياب هذه الموارد البشرية المؤهلة نجد ايضا ان كلفة إنجاز الحصيلة الكربونية تبقى مرتفعة حسب المقاولات الصناعية الوطنية، وتؤثر سلبًا على قدرتها التنافسية داخل السوق الأوروبية

-هذا وفي غياب حصيلة كربون معتمدة وتعذر على المستورد التصريح بالانبعاثات الكربونية المرتبطة بالواردات وإعداد تقرير آلية تعديل الكربون على الحدود، يعتمد المراقبون الأوروبيون قيما افتراضية يحددها الاتحاد الأوروبي بحسب نوع المنتج أو بلد المنشأ، استنادًا إلى معدلات الانبعاث في أكثر المنشآت الأوروبية تلويثا.

-ايضا كون الاستثمارات اللازمة لتأهيل البنية الصناعية لمتطلبات إزالة الكربون تشكل عبئًا ماليًا إضافيا على المقاولات الصناعية الوطنية ، مما سيكون له تأثير سلبي على المقاولات الصغيرة والمتوسطة .

– محدودية ولوج المقاولات الصناعية المعنية بآلية تعديل الكربون على الحدود إلى الكهرباء المنتَجة من مصادر متجددة أو إلى الغاز الطبيعي المصنف كوقود انتقالي من أبرز الإشكاليات المطروحة .

– كون المغرب لم يرس بعدُ نظاما وطنيا متكاملا خاصا بالقياس ، بما يتوافق مع المعايير الدولية، ويُتيح تتبع التقدم المحرز والتصريح والتحقق من الانبعاثات بدقة.

كل هده الملاحظات تؤكد خصوصا غياب الاساس التقني اللازم لمجابهة تداعيات الميكانيزم الاوروبي الجديد.
هدا وبالرغم من دلك فقد تحدث عن الجهود المؤسساتية والتشريعية التي تبنتها بلادنا في اطار سياسة المناخ عموما وايضا مع جرد مجموعة من الخطوات المتخذة فعليا بهذا الخصوص سواء من طرف المعهد المغربي للتقييس او من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب او فاعلين اخرين والتي تبقى محدودة رغم دلك.

ولكن في المقابل فان تقرير المجلس جاء بالعديد من التوصيات التي يمكن ان تم الأخذ بها مستقبلا من طرف الحكومة وباقي الفاعلين ان يتم التخفيف من وطء واثار غياب تخطيط استباقي محكم لمواجهة
هدا الوضع ومنها نسجل:
– إحداث آلية وطنية لمواكبة تنفيذ آلية تعديل الكربون على الحدود،
– إحداث صندوق خاص لدعم ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما تلك المصدّرة إلى الاتحاد الأوروبي،
-التخفيف من كلفة إنجاز حصيلة انبعاثاتها الكربونية وفقا لمتطلبات آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي.
– دعم استثماراتها الموجهة إلى إزالة الكربون من الأنماط الصناعية.
– إحداث مسارات تكوينية متخصصة لتطوير الكفاءات في قياس الحصيلة الكربونية، على المستوى الجامعي، والتكوين المهني، والتكوين المستمر.
– تسريع استخدام الطاقات المتجددة على الصعيد الوطني، وضمان ولوج جميع المقاولات إلى الكهرباء الخضراء مع تتبّع دقيق لمسار التزويد، لاسيما على مستوى الجهد المتوسط.
– تسريع الانتقال إلى الغاز الطبيعي لفائدة الصناعات المعنية بالآلية بهدف تقليص اعتمادها على الطاقات الأحفورية الأخرى عالية الانبعاثات.
– التعجيل بمباشرة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن الحصول على الاعتماد الأوروبي للنظام الوطني للتحقق من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بآلية تعديل الكربون،
– انجاز دراسات معمّقة، بتشاور مع جميع الأطراف المعنية، حول تأثيرات أدوات تسعير الكربون المختلفة (ضريبة الكربون أو نظام تداول حصص الانبعاثات)،
– على المدى المتوسط، دراسة إمكانية تطوير نظام وطني لتداول حصص الكربون بتشاور مع الأطراف المعنية،
– تعزيز التعاون المغربي-الإفريقي من أجل تطوير قدرة تفاوضية إقليمية مشتركة بخصوص آلية تعديل الكربون على الحدود،

احمد صدقي- مهتم بالسياسات البيئية والمناخية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *