فواتير “خيالية” للكهرباء تشعل غضب ساكنة فاس.. والشركة الجهوية في قفص الاتهام

تعيش مدينة فاس ونواحيها على وقع حالة من السخط والغليان الشعبي، بعد أن تفاجأت آلاف الأسر بفواتير كهرباء “ملتهبة” عن شهر يوليوز، الذي شهد بداية عمل “الشركة الجهوية متعددة الخدمات” المكلفة بتدبير قطاعي الماء والكهرباء بجهة فاس-مكناس، حيث تسببت هذه الزيادات غير المسبوقة في تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة للاحتجاج، ودفعت العشرات إلى التوجه لمكاتب الشركة بحثا عن تفسيرات لمبالغ اعتبروها “غير منطقية ومجحفة”.
ولم تكن الشكايات فردية أو معزولة، بل تحولت إلى ظاهرة عامة أثارت حيرة المواطنين. فبحسب ما تم تداوله على نطاق واسع، لاحظ العديد من السكان أن مبلغ الفاتورة، الذي استقر عند حدود 400 درهم لدى شريحة واسعة منهم، بدا وكأنه مبلغ شبه معمم، حتى بالنسبة للأسر التي تؤكد محدودية استهلاكها وعدم امتلاكها لأجهزة كهربائية ذات استهلاك عالٍ كالمكيفات، حيث هذا التطابق الغريب في المبالغ عزز الشكوك حول وجود خلل في نظام الفوترة الجديد الذي اعتمدته الشركة، أكثر من كونه انعكاسا للاستهلاك الفعلي.
وفي شهادة حية تلخص معاناة الكثيرين، روى عبد الرزاق التواتي، أحد سكان منطقة أولاد الطيب ضواحي فاس، تجربته المريرة لجريدة “العمق”، موضحا أنه صُدم بتلقي فاتورة إجمالية بقيمة 800 درهم عن شهري يوليوز وغشت، وهو مبلغ يفوق بكثير معدل استهلاكه المعتاد، مضيفا أنه عندما توجه لتقديم شكاية لدى وكالة الشركة، لم يجد في البداية التجاوب المطلوب، مما اضطره إلى التصعيد والتوجه مباشرة إلى مدير الوكالة.
وبعد عرض قضيته، أمر المدير بمراجعة العداد وفحص بيانات الاستهلاك، لتكون المفاجأة تخفيض المبلغ الإجمالي من 800 درهم إلى 398 درهم، أي بنسبة تخفيض تتجاوز 50%. هذه الواقعة، بحسب التواتي ومتتبعين، لا تشير فقط إلى خطأ فردي، بل قد تكشف عن خلل منهجي في قراءة العدادات أو في نظام الفوترة المعتمد من قبل الشركة الجديدة، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول دقة الفواتير التي توصل بها آلاف المواطنين الآخرين.
ولم يقتصر تأثير هذه الفواتير المرتفعة على مجرد تذمر عابر، بل شكل ضربة كبيرة للقدرة الشرائية لعدد كبير من الأسر في جهة تُعرف بتحدياتها الاقتصادية وتضم نسبة مهمة من الفئات الهشة وذوي الدخل المحدود، حيث اعتبر المتحدثون أن هذه الزيادات، التي تزامنت مع فترة العطلة الصيفية وما تتطلبه من مصاريف إضافية، جاءت لتزيد من أعبائهم المعيشية.
وتساءل مواطنون عن الأسباب الحقيقية وراء ما وصفوه بـ”الزيادات الصاروخية وغير المبررة”، متهمين الشركة المفوض لها حديثا باستغلال انتقال المسؤولية إليها لفرض واقع جديد، مستغلة ما اعتبروه “صمت المواطنين أو صعوبة مساطر الشكايات”، داعين إلى فتح تحقيق شفاف في الموضوع، ومراجعة شاملة لجميع الفواتير الصادرة عن شهر يوليوز، ووضع آلية تواصل فعالة لاستقبال ومعالجة شكايات المواطنين، حفاظا على حقوقهم وحماية لقدرتهم الشرائية المنهكة أصلا.
اترك تعليقاً