سنة انتخابية على الأبواب.. خبير اقتصادي يحذر من التراخي في معالجة البطالة والتفاوتات بالمغرب

اعتبر محمد أمين سامي، المستشار الدولي في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للشركات، أن الحكومة تواجه سنة حاسمة تمثل اختبارا لقدرتها على معالجة الملفات الأساسية والملحة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية متشابكة، أبرزها البطالة والفقر متعدد الأبعاد والتفاوتات المجالية، فضلاً عن تداعيات التغير المناخي والثورة العالمية على الاقتصاد الوطني.
وأوضح أمين سامي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق”، أن “ملف التشغيل يظل من القضايا الأساسية، على الرغم من الانخفاض الطفيف لمعدل البطالة إلى حدود 12.8 في المائة، مؤكداً أن النسبة ما تزال مرتفعة وتشكل عائقاً حقيقياً أمام التنمية الاقتصادية”.
وبخصوص التفاوتات المجالية، ذكر المتحدث ذاته أن المغرب يضم مناطق ساحلية مندمجة في سلاسل القيمة العالمية وتسير نحو اندماج أكبر، مقابل مناطق داخلية ضعيفة، وهو ما يستدعي نقاشا موسعا حول ضرورة معالجة الفوارق بين المناطق، وفق تعبيره.
وشدد سامي على أن العام الحالي يتطلب متابعة دقيقة لكل الملفات الأساسية، خصوصاً التشغيل والفقر متعدد الأبعاد والتفاوتات المجالية، لضمان وضع استراتيجية متكاملة وفعالة قبل دخول المغرب غمار الانتخابات.
وتطرق سامي إلى الفقر، مؤكدا وجود نوعين منه، فقر مدقع يقاس نقديا وفقر متعدد الأبعاد مرتبط بنقص الخدمات العمومية مثل التعليم والصحة، حيث أوضح أن الفقر متعدد الأبعاد تراجع على المستوى الوطني من 11.9 في المائة سنة 2014 إلى 6.8 في المائة سنة 2024، لكنه يخفي تفاوتات مجالية كبيرة بين المدن الكبرى والجهات الداخلية، وفق تعبيره.
وشدد على أن معالجة الفقر متعدد الأبعاد يجب أن تكون معالجة ترابية تراعي الفوارق بين المناطق، مع استحضار المعطيات والبيانات وضبط القيم المرجعية، وتحديد الأهداف والمؤشرات الواقعية، والأدوات المستعملة والفئات المستهدفة والأولويات.
وأكد سامي على ضرورة اعتماد مقاربة سوسيو-اقتصادية متكاملة عند الحديث عن التنمية الترابية، بحيث لا يفصل الجانب الاقتصادي عن الاجتماعي، مشيرا إلى أن قراءة مؤشرات الفقر غير النقدي يجب أن ترتبط بالقطاع غير المهيكل، والعلاقة مع المؤسسات الاقتصادية، ومعطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى ومعدل التمدن لاستحضار الأولويات الحقيقية وتحديدها بدقة.
وأشار إلى أرقام عالمية صادرة عن تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أكتوبر 2024، والتي أظهرت أن الفقر متعدد الأبعاد على مستوى العالم تراجع من 30% إلى حوالي 18.3%، وهو معدل يقارب ما تحقق في المغرب، وفق تعبيره، لكنه شدد على أن هذا التراجع العالمي لا يقلل من أهمية الجهد الوطني، إذ إن المغرب اعتمد آليات محددة وعبأ الموارد الضرورية لتحقيق هذا الانخفاض داخلياً، على حد قوله.
وأضاف أن العمل الحقيقي يقاس بالمنجزات وبالآثار وليس بالأرقام المجردة، موضحا أن المؤشرات يمكن أن تكون كمية أو كيفية، وأن قراءة المؤشرات الكيفية تظهر صورة أدق للواقع، كما هو الحال مع الفقر متعدد الأبعاد، حيث تشير تقارير المندوبية السامية للتخطيط إلى أن مستوى الحرمان لم يتراجع بنفس الوتيرة، بل بنسبة نقطة واحدة تقريباً، على حد قوله.
وأكد المستشار الدولي على أهمية قبول الاختلاف في المقاربات وعدم تحويله إلى خلاف، سواء على مستوى الجماعات الترابية أو المجالس الإقليمية أو الجهات، مشدداً على ضرورة الفكر الإبداعي، واستشهد بمثال عن بيل غيتس، مؤسس شركة “مايكروسوفت”، الذي قال: “أجلب المواهب لتقول لي ما الذي ينبغي علينا فعله، لا لكي أُملي عليها ما يجب أن تفعله”، موضحاً أن المختلف قد يرى أزمات أو مؤشرات غائبة، أو يطرح أولويات لم تُؤخذ بعين الاعتبار، وهو ما يعزز قدرة الحكومة والمؤسسات على اتخاذ قرارات أكثر دقة وفاعلية.
اترك تعليقاً