بن كيران vs جيل Z

قبل سنوات، امتدت نار البوعزيزي فأحرقت الكثير من الدول والأنظمة العربية إلا أنها لم تستطع أن تطال الجسد المغربي لأسباب ومسببات كثيرة ليس من بينها أسطورة “الاستثناء المغربي”.. لكن من بينها التفاعل الايجابي للملك مع احتجاجات 20 فبراير عبر خطاب التاسع من مارس الذي أسس لدستور جديد ومغرب جديد. هذا المغرب الجديد هو ما أوصل الاسلاميين ليترأسوا الحكومة في صورة السيد عبد الاله بن كيران الذي شكل نوعا من الصدمة لدى المغاربة من خلال الصدق الخطابي الذي ميز شخصه، وأيضا من خلال قدرته على المواجهة والجهر بكل قراراته اللاجتماعية التي أضرت بالمواطن المغربي وقدرته الشرائية والمعيشية. لم يكن تاجر دين كما حاول خصومه التسويق لكنه كان رجل نكتة يمرر كل قوانينه المجحفة وقراراته الكارثية عبر مبررات ساخرة كان المواطن البسيط يضحك لها/عليها دون أن ينتبه (المواطن) للأصوات القليلة التي تفهم عمق الكارثة التي كان بن كيران يضع حجر أساسها.
لقد استطاع بن كيران بسخريته ونكته أن ينوم الشارع المغربي في عملية سطو على سنوات من عمرنا. حتى في الحركات الاحتجاجية الهادئة التي كان يعرفها المغرب بين فينة وأخرى كنت تجد بن كيران يبدؤها بتأييد حماسي ومندفع، لكنه سرعان ما يغير موقفه لينقلب ويحذر من مآلاتها وتبعاتها. وهو نفس الأمر الذي يتكرر اليوم مع احتجاجات ثلة من الشباب الذين اختاروا لأنفسهم مسمى “جيل Gen Z “ والذين جابوا شوارع المملكة معبرين عن استيائهم من الواقع الصحي بالمغرب وأيضا من الواقع المعيشي السيء الذي نمر منه جميعا خلال السنوات التي تلت كوفيد 19. قلت أن هذا ما يحدث، فالسيد بن كيران سرعان ما خرج ليظهر دعمه وتأييده لهذه الاحتجاجات وأيضا مبديا رفضه للطريقة التي تعاملت بها حكومة أخنوش معها.
والحقيقة أن السيد بن كيران، من منطلق كونه رئيس حكومة سابق ورجل دولة، يعلم جيدا أنه لا علاقة لأخنوش بقمع احتجاجات الشباب المغرب السبت الماضي، لكنه لا يفوت الفرصة ليخرج بنبرة المنتقم ويحمل أخنوش تبعات كل صور التعنيف والاعتقال في صفوف شباب صغار، محاولا أن يشيطن رئيس الحكومة وهو العارف، المدرك أن ما يحدث هو موجه لإقصاء أخنوش من المشهد السياسي المغربي في ظل الاقتناع التام من طرف الدولة أنه ما عاد يصلح للمرحلة وأن الرهان عليه كان رهانا خاطئا جدا بل وكارثي. لذلك فما يحدث هو نوع من التعجيل بنهاية السيد أخنوش الذي نقول أنه لم يفشل فقط بل وكاد يقود المغرب إلى نكوص خطير ليس في التعليم والصحة فقطو بل في كل ما له علاقة بالمواطن في تناقض غريب عجيب مع البرنامج الاجتماعي الذي لطالما كرره على مسامعنا.
في الأخير نقول أنه بن كيران لن يدعم أية حرجة احتجاجية إلا ليصفي حسابات سياسية هامشية بالنسبة للمواطن المغربي. لاحقا سيعود السيد بن كيران ليمارس دوره الأساسي والذي يجيده باحترافية وهو أن يطفئ هذه الاحتجاجات مهما كانت الجهة التي دعت لها.
نتمنى من مسؤولينا الكرام أن يتم التعامل بعقلية سياسية وإدارية جديدة مع جيل Gen Z قبل أن يفاجئنا جيل Y Millennials..
اترك تعليقاً