منتدى العمق

أيها الشباب توقفوا الآن.. لنحمي الوطن

انخرط الشباب المغربي بعفوية في طرح مطالب اجتماعية وحقوقية مشروعة تمس حياة كل مواطن. والأكيد أن الصوت وصل بوضوح إلى كل المؤسسات، وهناك يقين بأن مطالبكم العادلة بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير فرص العمل اللائق هي اليوم في صلب الاهتمام، فالتجاوب مع الشارع كان دائما سمة للمؤسسة الملكية.

ومن المؤسف أن الاحتجاجات شهدت تطورات مرعبة تخرج بها عن إطارها السلمي، وتهدد سلامة الشباب أنفسهم والمجتمع بأسره. هنا، تصبح الأولوية المطلقة لحفظ النفس، وهو مبدأ تعلو قيمته على أي مكسب آخر. لم يعد الأمر يتعلق بحوار اجتماعي، بل بخطر أمني داهم يهدد بنقل الحراك من مطالب حقوقية واضحة إلى فوضى لا قيادة لها، تخدم أجندات المتصيدين الذين يسعون لجر البلاد نحو المجهول.

لذلك من الضروري جدا رسم خط فاصل وواضح بين الشباب الوطني الذي عبر عن مطالبه بسلام، وبين فئة خطيرة من الذين يحلمون بأجواء الفوضى لتكون غطاء لجرائمهم. هؤلاء مجرمون يستغلون التجمعات كدرع بشري لارتكاب جرائم السرقة والاعتداء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وقد يتطور الأمر بسرعة مخيفة إلى جرائم أشد فتكا ووحشية كالاختطاف والاغتصاب والقتل في ظل الفوضى الجماعية، الأمر الذي يشوه قضيتكم ويبرر أي رد أمني حاد، ويمنح المؤسسات ذريعة لتأجيل الاستجابة لمطالبكم بحجة استعادة الأمن أولا.

أيها الشباب الواعي، صوتكم وصل، وحاجتنا إليكم كبيرة. لقد أديتم دوركم الوطني بصدق وشجاعة. لكن الآن، ومن منطلق الروح الوطنية العالية ذاتها، يجب التوقف. قراركم بوقف الاحتجاج الآن ليس تراجعا، بل هو قمة المسؤولية لحماية أنفسكم وحماية الوطن من الانزلاق إلى مستنقع الفتنة. توقفوا الآن، حتى لا تمنحوا المتربصين فرصة لتشويه حراككم، ولتفسحوا المجال للحوار البناء الذي لا يمكن أن يتم تحت ضغط الفوضى والتهديد.

إن الوقت الحالي ليس للتحليل أو تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية لجهة أو أخرى، فسيكون هناك متسع من الوقت للباحثين والمختصين لتقييم ما حدث وتحديد الخلل. الأولوية القصوى الآن هي للوطن وسلامة أبنائه والتهدئة الفورية هي الشرط الأساسي لترجمة مطالبكم إلى قرارات وإجراءات ملموسة.

كذلك، يجب تفعيل قنوات تواصل ودي ومستعجل مع الشباب، بعيدا عن أي تعقيد بيروقراطي. على الأسر وعقلاء الأحياء والأزقة فتح حوار مباشر لاحتواء أبنائهم وتوضيح المخاطر الأمنية المحدقة بهم. وعلى المؤسسات التعليمية والتكوينية عقد جلسات استماع فورية لترجمة الاحتقان إلى ورشات نقاش منظمة. كما يقع على عاتق الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني لعب دور الوسيط الأمين للمساعدة في التهدئة وإعادة بناء الثقة.

الوطن هو الخيمة الجامعة، وحياة أبنائه هي الأغلى. والآن، وقد وصل الصوت، يجب إعطاء لغة العقل والمؤسسات فرصة للتفاعل في أجواء آمنة وهادئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *