خبير اجتماعي: احتجاجات “جيل زد” تعكس حيوية المجتمع المغربي وسعيه للتطور

أكد علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، أن الاحتجاجات الأخيرة التي قادها جيل زد في المغرب للمطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم تمثل انعكاسًا طبيعيًا لحيوية المجتمع المغربي وسعيه المستمر نحو التطور وتحسين الظروف المعيشية.
وأوضح الشعباني، أن هذه التحركات يجب قراءتها من منظور اجتماعي ونفسي إيجابي، بعيدًا عن التهويل أو التشكيك في أهدافها، مشيرا إلى أن هذه مسألة طبيعية قد تخرج عن السطر في بعض الأحيان.
وقال الشعباني خلال استضافته في حوار خاص مع جريدة “العمق”: “ما يجب أن ندركه هو أن هذه التحولات الاجتماعية تعكس مجتمعًا حيًا يتطور، وأن كل حركة احتجاجية أو خروج عن المألوف ليست سوى جزء من هذا المسار الطبيعي. في كل مجتمع يسعى إلى تحسين أوضاعه، لابد من وجود حركيات احتجاجية، سواء كانت مظاهرات أو وقفات أو أي شكل آخر من التعبير عن الرغبة في التغيير”.
وأشار الباحث إلى أن المغرب شهد على مر التاريخ تحركات احتجاجية متواصلة، منذ فترة الاستعمار، مرورًا بمطالب الاستقلال، وحتى الحركات الحديثة المطالبة بتحسين الخدمات الاجتماعية.
وأضاف: “هذه الاحتجاجات ليست وليدة اللحظة الراهنة فقط، بل هي امتداد لسلسلة من التحركات التي تهدف إلى تحسين أوضاع المواطنين. فهي تعبر عن رغبة المجتمع في الحصول على خدمات صحية وتعليمية أفضل، وخلق فرص عمل، وتحسين العلاقات الاجتماعية، وضمان نمو اقتصادي مستدام”.
وأكد الشعباني أن الاحتجاجات الحالية لفتت الانتباه بسبب مشاركة جيل زد، وهو جيل شاب واعٍ ومثقف، لكنه يواجه تحديات كبيرة في سوق العمل والتعليم والخدمات الاجتماعية، حيث قال: “هذا الجيل يعبر عن مطالب مشروعة، كون العديد من الشباب حاصلون على شهادات عليا، لكنهم يجدون صعوبة في الحصول على فرص عمل مناسبة. وبالتالي، فإن احتجاجاتهم ليست مجرد رفض للروتين اليومي، بل دفاع عن حقهم في مستقبل أفضل”.
ولفت الباحث إلى أن حجم التضامن الشعبي مع هذه الاحتجاجات كان كبيرًا، إذ شمل جميع فئات المجتمع، من أولياء الأمور إلى الطلبة والموظفين. وأوضح: “التعاطف الشعبي يعكس إدراك المجتمع بأسره بأن تحسين الخدمات العامة يفيد الجميع، سواء المتضرر مباشرة أو غير المتضرر، لأن الهدف هو خدمة المجتمع ككل”.
وأضاف الشعباني أن قراءة الاحتجاجات يجب أن تكون ذكية ومتوازنة، إذ قد تحمل نتائج إيجابية كبيرة، وفي بعض الأحيان قد تتضمن تناقضات أو خوض في الدفاع عن مواقف خاطئة. مشددا أن التغير الاجتماعي والتحولات العميقة مرتبطة بالاقتصاد والثقافة والديموغرافيا وأحيانًا باصطدام الحضارات، وأن هذه الديناميات طبيعية وضرورية لتطور المجتمع.
واختتم حديثه بالقول: “من المهم أن نستفيد من هذه التحركات بطريقة إيجابية، وأن نقرأها كفرص لتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية وضمان العدالة الاجتماعية. الاحتجاجات هي جزء من نسيج المجتمع، ويجب أن تدار ضمن القانون والتشريعات القائمة، لتبقى وسيلة فعالة للتغيير والإصلاح”.
اترك تعليقاً