اقتصاد

فتاح: المغرب يضع الشباب والتعليم في قلب إصلاحاته وهناك فجوة بين التكوين ومتطلبات السوق

أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن المغرب يضع ملفي الشباب والتعليم في صميم استراتيجيته الإصلاحية، معترفة في الوقت نفسه بوجود “فجوة واضحة” بين المهارات التي يتلقاها الطلاب في الجامعات والمعاهد ومتطلبات سوق الشغل الفعلية.

وفي حوار مطول أجرته مع مركز “ستيمسون” للأبحاث في واشنطن، استعرضت الوزيرة رؤية الحكومة لمواجهة البطالة وتحسين جودة التعليم، مشيرة إلى أن خطة شاملة انطلقت منذ أوائل عام 2025 لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على تحقيق نتائج ملموسة وعاجلة للشباب.

وأوضحت فتاح أن هذه الفجوة تتجلى في مفارقة واضحة، حيث أن بعض التخصصات الأكاديمية مثل الجغرافيا والبيولوجيا لا توفر فرص عمل كافية لخريجيها، بينما يعاني القطاع الخاص في المقابل من نقص حاد في الكفاءات التقنية والمهنية اللازمة لنموه.

وكشفت الوزيرة عن إجراء حكومي رئيسي لمعالجة هذه الإشكالية، يتمثل في ربط التمويل العام بخلق فرص العمل. وقالت: “لقد أعدنا هيكلة مؤشرات الأداء لكل الوزارات، بحيث لا يعتمد أي برنامج حكومي على التمويل إلا إذا تضمن أهدافا واضحة لخلق فرص العمل”.

وفي سياق متصل، شددت الوزيرة على أن جهود الحكومة تتركز على ربط التعليم العالي بالاقتصاد، وذلك عبر التعاون مع الجامعات الأجنبية وإعادة هيكلة المناهج الدراسية لتصبح أكثر تلاؤما مع احتياجات السوق.

كما أكدت على أهمية تحفيز الكادر التعليمي، قائلة: “إذا لم نعد المعلمين جيدا ونحافظ على حوافزهم، فلن نتمكن من تدريب الكفاءات المطلوبة”، مشيرة إلى وجود خطط لرفع أجور الأساتذة لتحفيزهم على الابتكار.

كما أبرزت فتاح الدور المحوري للمرأة في هذه المعادلة، مشيرة إلى أن النساء يشكلن 50% من خريجي الجامعات في المغرب، مبرزة أن تدريب النساء وتوجيههن نحو مهن واعدة في قطاعي الصحة والهندسة سيضمن تواجدا قويا لهن في سوق العمل، ويعزز الإنتاجية ويساهم في التنمية المستدامة.

وتطرقت الوزيرة أيضا إلى التحديات الأخرى التي تواجه الاقتصاد المغربي، وعلى رأسها تداعيات الجفاف المستمر الذي أدى إلى فقدان مليون وظيفة في القطاع الفلاحي خلال السنوات الماضية، مؤكدة أن الحلول لهذه الأزمة تتطلب “ابتكارا سريعا وتبني التكنولوجيا الحديثة لتجنب الاستثمار في القطاعات غير المنتجة للوظائف”.

واختتمت نادية فتاح العلوي حديثها بالتأكيد على أن تحقيق التوازن بين الإصلاحات طويلة المدى التي تستهدف بناء رأس المال البشري، وتحقيق نتائج عاجلة للشباب، يمثل محور السياسة الاقتصادية الحالية للحكومة، مشددة على أن الاستثمار في الشباب وتمكين المرأة “ليس خيارا بل ضرورة” لتحقيق التنمية الشاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *