وجهة نظر

الحزب والجماعة وضاحي خلفان

على مر السنوات الخمس، لم يطف للسطح حرب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان كما طفا اليوم، حملة انتقادات متبادلة، الحزب يوجه أصابع الإتهام للجماعة في تأجيج أحداث إنزكان وقبلها احتجاجات الكهرباء في بعض مدن الشمال.

لماذا الآن؟ ليس فقط صراع الإخوة الإسلاميين فيما بينهم، أمور كثيرة حدثت مع بدايات السنة؟ كيف استقدمت و استحدثت الآن، من زيادات في أسعار بعض المواد الأساسية و من تدخل عنيف ضد الأساتذة المتدربين و من قانون رفع سن التقاعد و قانون إصلاحه، كيف لرئيس الحكومة أن يقدم على مثل هذه القرارات الصعبة هذه و هو في نهاية فترته وعلى أبواب انتخابات تشريعية جديدة؟
ما نلاحظه اليوم، و ما بدا من توتر و مشادات و جرده إنجازاته و تبريراته لما قام به من إجراءات في جلسة المستشارين الماضية أن الرجل في محنة هو خالقها، أو خلقت له كما يقول البعض لتوريطه و إفشاله و إبعاد الناس عنها، وهذا كله وارد، و في خضم الردود والتداعيات، توجهت أقلام و أطراف تابعة للمصباح إلى توجيه أصابع الإتهام لجماعة العدل والإحسان علاوة على النقابات والعفاريت والظلاميين … في توجيه و تأجيج حملات الإحتجاج و التظاهرضده، أجواء احتجاجية تعلن بداية حملات انتخابية قبل آجالها، هذا ما تريده أحزاب المعارضة و ما تنتظره لتعزيز موقعها ضد حزب العدالة و لاستثمار الغضب الشعبي ضد قرارات رئيس الحكومة.

لنقف قليلا عند كلام بنكيران ورده على المسؤول الأمني الإماراتي ضاحي خلفان حين هاجم حزب العدالة و التنمية المغربي و توقع له السقوط، والمعروف أن ضاحي خلفان بخرجاته الإعلامية المتكررة يمثل توجهات السلطة في أبوظبي، والرجل يبالغ في كرهه للإخوان وقد كان توقع سقوط مرسي و جماعته في مصر قبل الإنقلاب العسكري بأشهر، مما دفع بكثيرين للحديث عن علاقة نظامه بوقائع الإنقلاب العسكري ودعم أذرعه الإعلامية، من هذا القبيل، هل يبدو المشهد كما سنة مرسي حين هيأ له معارضوه و رجال الأعمال والدولة القديمة أجواء الإنقلاب بمباركة فئات لا بأس بها من المجتمع المصري؟ ليس بنكيران مرسي و ليس الحزب كما الجماعة ولا حتى المعارضون نسبيا، هذا ماقاله بنكيران، الذي اتهم معارضيه بالاستعانة بالخارج و الخليجي في خضم رده على ضاحي.

سنوات الحكم في أزمات الربيع أسقطت إسلاميي تونس و هزمتهم لصالح التيار الجمهوري و حلفاءه، مع أن النهضة أعادت التموقع لتصبح مع تشرذم النداء لاعبا محوريا في تحالف السلطة الحالية، و هي في تحالفها الأخير تماثل تحالف بنكيران مع أحزاب إدارية كان ينتقدها غالبا، تجربة الحكم في وضعية اجتماعية و اقتصادية و سياسية صعبة تجربة لا تحظى بكل عوامل النجاح، خاصة إن كانت الحكومة مكبلة أو مؤطرة بشكل لا تكون فيه سيدة قرارتها، و لا تملك مطلق الصلاحيات كحكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب.