وجهة نظر

الدجل التربوي

يتداول على نطاق واسعٍ فيديو للأستاذٌ معجزة، يعتمد على تقنية الحفظ لدعم متعلمين، المعجزُ و الخارق فيما يفعله “الأستاذ” قدرته على انتشال متعلمين، كانوا على شفا الفشل، اختلفنا أو اتفقنا مع المنهجية التي يعتمدُ عليها صاحبنًا، استطاع أن يروجُ تجَارتهُ ويوسع من قاعدة رأسماله، لقب المعجزة، وهي التسمية المستفزة الطارحة لتساؤلات جوهريّة حول مكُامن و مواطن الإعجاز لدى هذا الأستاذ، و التي جعلته مختلفا ومتفردا عن غيرهِ، وثقت مؤسسات المَعْنيَّةُ بكفاءتهم والذين يؤثثون مختلف المدارس العموميّة بربوع الوطن في المدينة و القرى و في الجبال.

الإجابة عن هذا السؤال، يدفعنا إلى استحضار القولة الشعبية التي يرددها المغاربة” الله يجعل الغفلة بين البايع و الشَّاري”، الغفلة هي السر، هي يستغلها الأستاذ الحاصل على بكالوريَا و بمعدلات متدنية، من أجل الإيقاع بضحايا تلاميذ باحثين عن النجاح و بأي طريقة، مهما كانت تداعيات ذلك على مستقبلهم.

ثمة من يمتطي الدين، أو يمتطي السياسية، أو يمتطي الصحافة… اختلفت الوسيلة و الغاية واحدة وهي الوصول إلى الهدف المقصود و المنشود؛ منصبًا أو شهرةً أو مالًا، و إننا أمام أستاذ يجعل من المعرفة تجارة رابحة، يستغل لهطة و لهفة المتعلمين الباحثين عن النجاح ليسَ إلا.

إن تخصيص مقال للحالة هذه، نابعٌ من غيرة متوقدة حول مهنة التدريس التي تعرضت للحيف و الإجحاف، و التي انتزعت منها صفة القداسة و التقدير الفائقين، و أن ثمة من كانت له المصلحة و النية المبيتة في جعل الأستاذ كائنا فولكلوريًّا مثيرا للسخرية و كان له ذلك، فهنيئا.

طرق التقويم التي تشجع على الحفظ، و طرق التدريس المتمسكة بتلابيب الماضي، كل الظروف مهيأة لانتعاش أصحاب الشكارة و المال؛ ، تحول قطاع التربية و التعليم إلى قطاع مربح و مدر للدخل لفئات لها “جبهة عريضة” تسطو على أحلام التلاميذ و أوليائهم، في وقت أصبح النجاح هو المبتغى، مهما كانت الخسائرُ في القادم من الأيامِ، شخصيًا أراهن على كسَاد تجارته، إذا غيّرت الوزارة من منهجيتها في وضع الامتحانات و “لي عطاتو وليام بصحتو”.

حتى مهنة الأستاذ تعرضت للتشويه و الخدش و غارقة في الفوضى، فلا داعي للاستغراب و الحيرة، فطاع التربية الوطنية فاقد للبوصلة، أن تعمد الوزارة الوصيَّة على زج بالأساتذة المتعاقدين في الأقسام دون تدريب أو تكوين بيداغوجي يؤهلهم للمهمة.

لقد صار التعليم وشؤون التربية، يناقشها كل من هبَّ ودبَّ، أصبح الجميع يفتي في الديداكتيك و البيداغوجيا و المقاربات، وخبِرَ الكلُّ قضايا المنظومة التربوية الفاشلة، هناك من يعزو فشل التعليم إلى لغة التدريس، و أخر يعزو الفشل إلى أطر التدريس، و أخر يعلق مشجب الفشل بالابتعاد عن التعليم القديم الذي أنجب النخبَ… هذا في حد ذاته معجزة تستحق التأمل.

أوقفوا المهزلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • تتريت
    منذ 6 سنوات

    مقال رائع جدا صديقي، لكن أليس هناك من يطرح سبل و آليات للخروج بالتعليم من أزمته.