أثار مقطع فيديو أظهر تجمع العشرات من القاصرين والأطفال بمناسبة عيد الفطر في أحد الساحات بمدينة طنجة وترديدهم لأغاني “هابطة” لا تناسب مع أعمارهم جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهر مقطع فيديو منتشر عبر المنصات الإلكترونية مغني شعبي يعتلي منصة أمام عشرات القاصرين ويؤدي أغاني تحرض على شرب الخمر والرذيلة، ويتفاعل معه عشرات الأطفال عبر ترديدهم لكلمات مثل “بوسة وتعنيكة وطيحة فالبحر.. أنا نشرب الطاسة أنا نسكر وننسى”.
وخلف شريط الفديو غضبا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين تساءلوا عن دور المسؤولين عن الحي في الترخيص لمثل هذه التجمعات، ودور أولياء الأمور في مراقبة أنشطة أبنائهم، داعين إلى ضرورة التدخل بصرامة في حق المروجين للممارسات التي تهدد قيم المجتمع المغربي وتؤثر بشكل سلبي على الجيل الصاعد.
وفي هذا الصدد قال القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية عزيز رباح في رسالة وجهها عبر حسابه على موقع “فيسبوك”: “إلى العقلاء ومسؤولي الدولة، هذا لا يليق بالوطن أنقذوا المجتمع من شر الخلق، إنهم يخربون القيم والأسرة والأجيال الصاعدة كنز الوطن”.
ودعا عزيز رباح في تدوينته إلى “فتح تحقيق في الأمر ومعاقبة من ساهم في ذلك، لأن القوانين موجودة وواضحة وصارمة في ذلك”، وفق تعبيره.
من جهته قال الناشط التربوي عبد الوهاب السحيمي في تدوينة على “فيسبوك”: “سير قري ودير مجهود فالأخير يجي واحد بحال هذا يقولهم نضرب الطاسة ونشرب وننسى، من بعد يقول ليك سبب الإجرام هو أن المدرسة لم تعد تضطلع بأدوارها”.
واعتبر الناشط جلال اعويطة، أن الدستور المغربي في فصليه 32 و33 يُحمّل الدولة مسؤولية الحماية القانونية والمعنوية للأطفال، الفصل 483 من القانون الجنائي يجرّم الإخلال العلني بالحياء، خاصة إذا تم ذلك في حضور قاصرين، مشيرا إلى أن المغرب صادق على اتفاقية حقوق الطفل التي تُلزم الدول بحماية الأطفال من كل ما قد يُؤذي نموهم النفسي والأخلاقي، أو يُعرّضهم لتشويه مبكر في وعيهم وتصورهم للعالم.
وقال اعويطا إن ما حدث بطنجة “ليس مجرد مغنٍّ صعد فوق المنصة ما وقع أبعد من ذلك بكثير، لم يكن زلة ذوقية، ولا تجاوزًا معزولاً، بل كان عنوانًا صارخًا لفقدان البوصلة كلمات مشبعة بإيحاءات منحطة، تُؤدى أمام جمهور غالبيته أطفال، وكأن هذا الجيل لا يستحق سوى هذا القاع”.
وأضاف: “علميًا حين يسمع الطفل هذه الكلمات، فهو يُخزّنها، يُطبّع معها، ويعيد إنتاجها، وتُصبح جزءًا من وعيه الناشئ وجزءً من لغته، من سلوكياته ومن رؤيته للعالم.. في ألمانيا في سنة 2019 في مهرجان مفتوح حضره أطفال، أدت فرقة Rammstein أغنية فيها إيحاءات عن المخدرات بعدها تم توقيف العرض فوراً من طرف المنظمين وفَرضت بلدية المدينة غرامة مالية على الشركة المنظمة وتم إصدار توجيهات جديدة تمنع بث أي محتوى غير مناسب خلال الفعاليات المفتوحة للعائلات”.
وتابع: “وكذلك في إنجلترا سنة 2021 في إحدى المدارس الابتدائية، تم تقديم عرض موسيقي فيه رقصات غير لائقة لمجموعة من الأطفال أمام ذويهم بعدها قامت وزارة التعليم بفتح تحقيق فوري وتم توقيف المعنيين بالتنظيم وخرجت وزيرة التعليم بتصريح تُدين فيه ما وقع، مؤكدة على ضرورة احترام خصوصية المرحلة العمرية.. هادشي للي خاص يتدار إن كنا فعلاً نُحب هذا الوطن ونخشى على أغلى ما نملك وليداتنا جميعاً.. وثقتي أن تتحرك المساطر لذلك”.
وكتب مدون آخر يدعى زكرياء حسني “هذا قمة الانحطاط والانفلات الأخلاقي! أيّ جريمة تُرتكب في حق هؤلاء الأطفال عندما يُجبرون على سماع هذا الإسفاف والانحلال دون رقيب أو حسيب؟ كيف وصل بنا الحال إلى التطبيع مع القذارة وجعلها جزءًا من المشهد العام؟! أين الدولة؟ أين المسؤولون؟ أين الآباء الذين تركوا أبناءهم فريسة لهذا التلوث الأخلاقي؟ إن كان هذا هو المستقبل الذي يُعدّ لجيل الغد، فأبشروا بكارثة قادمة لا محالة! السكوت عن هذا العار خيانة لا تُغتفر”.
وعلق ناشط آخر يدعى محمد أبو طالب على الموضوع قائلا: “أصبحت المدرسة تواجه صعوبة كبيرة في أداء مسؤوليتها المتمثلة في تربية النشأ وتكوين مواطنين صالحين بالشكل المطلوب. فهناك مؤثّرات أخرى في البيئة تعمل في الاتّجاه المعاكس، ومن بينها مانراه اليوم من مثل هذه النماذج.لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”.
وعبر مدون يدعى منير نعمي عن حزنه لواقعة طنجة داعية إلى محاسبة المسؤولين عنها، حيث كتب قائلا : “لاحول ولا قوة إلا بالله، محزن جدا أن نرى أبناء وطننا يضيعون أمام أعيننا، يجب متابعة المسؤولين عن هذه الفضيحة، لا يعقل أن المدرسة تبني القيم والأخلاق وفي النهاية يأتي منحط يخرب كل شىء”.