صدر حديثًا عن منشورات النورس كتاب جديد للناقد المغربي نور الدين طاهري بعنوان “أنماط الوجود: التجريد والتعبير في الفن المعاصر”، وهو عمل نقدي يتقاطع فيه البعد الفني مع العمق الفكري، ليشكّل تجربة متميزة في قراءة الفن التشكيلي بلغة تحليلية رصينة.
تأتي هذه التجربة النقدية، كما صاغها طاهري، في صيغة قراءات معمقة للوحاته المختارة من أعمال الفنان أحمد الهواري، حيث لا يكتفي المؤلف بالتأمل في جماليات التشكيل، بل ينفذ إلى ما تحمله الأعمال من أسئلة حول الذاكرة والهوية والفقد، إضافة إلى التداخل بين الأزمنة داخل الذات الإنسانية.
يرتكز الكتاب على منهج نقدي حديث ينفتح على مفاهيم علم النفس، الفينومينولوجيا، وسيميولوجيا التشكيل، وهو ما جعله يتجاوز الطابع الجمالي نحو قراءة تأويلية تعيد بناء معنى اللوحة من الداخل. بهذا المسار، يغدو العمل الفني خطابًا ثقافيًا متعدّد الأبعاد، تلتقي فيه الخطوط مع التأويلات والألوان مع المعاني، ليشكّل فضاءً مفتوحًا للحوار بين القارئ والنص البصري.
الكتاب موجَّه إلى جمهور متنوّع، فهو يخاطب الفنان والناقد والمتلقي العادي على حد سواء، ويتيح لهم جميعًا خوض تجربة جديدة في قراءة اللوحة، لا من زاوية البصر فقط، وإنما من منظور البصيرة. بهذا المعنى، يشكّل الإصدار أداة معرفية لفهم أعمق لعلاقة الفن بالذات والوجود، وكيف يمكن للناقد أن يكون شريكًا في إنتاج المعنى إلى جانب الفنان.
وتتميّز هذه الطبعة بجمعها بين المادة النقدية واللوحات المدروسة داخل المتن نفسه، ما يجعل الكتاب تجربة حسية وفكرية في آن واحد. القارئ يجد نفسه مدعوًا للتفاعل بين النص المكتوب والتجسيد البصري، ضمن ما يمكن وصفه بـ”النقد البصري الحي”.
بهذا العمل، يتقدّم نور الدين طاهري بمشروع نقدي يوازن بين التوثيق والتحليل، ويُقدّم قراءة للوحة التشكيلية باعتبارها مرآة للذاكرة والذات، ومساحة للتماس بين العالم الداخلي للفنان والبعد الإنساني العام. الكتاب ليس شرحًا للفن التشكيلي بقدر ما هو مساهمة موازية تلتقي مع إبداع الهواري، لتصنع لغة مشتركة تجمع بين الصورة والفكر، وبين البصر والتأمل.
تعليقات الزوار
هل تسمحون لنا بقول بعض الكلمات ودائما باللغة العربية لغة الفنون كلها الغنية بالنغمات الموسيقية التي تطرب بدل لغة أخرى أقول تحت ظل هد ا الموضوع الفني الثقافي التحليلي ان صح التعبير شكرا لكم وهي كدالك للقلم الفني الذي قام برسم الموضوع بلغة التحليل نحن نضع هده الكلمات على حسب الفهم فقط فليست لنا الثقافة الواسعة والفهم الجيد فقد نسقط في الخطأ ونحن لا نشعر وكما يعرف الجميع ونفصد المتتبعين لنشاط الفن في كل صوره المتميزة قديما وحديثا بأن التشكيل فن عظيم ودكي يحلل ويناقش ويرمز وكل هد ا بالالوان المتنوعة والمختلفة أيضا ولا يتكلم فهو دائما صامت بخلاف بين قوسين الفن العظيم بدوره الشعر وبلغة مختصرة بعيدة عن الفلسفة التشكيل سيظل يفاجئ بما يحير فهو لايكتفي بالوصف الخارجي شجرة نخلة على سبيل المثال بل يدخل وبعمق النفس لكي يصف الصورة التي عليها ثم يخرج وهو مقتنع .