وجهة نظر

فاتورة السلام

في خضم النقاشات العمومية التي تهم قضيتنا الوطنية، برز مصطلح جديد اسمه “اقتسام فاتورة السلام ” في ما يشبه بادرة “حسن نية” من جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر لإنهاء صراع مفتعل كلف الجزائر ملايير الدولارات دون أن يتحقق لها هدف الوصول إلى المحيط الأطلسي على حساب الوحدة الترابية لبلد جار إسمه المملكة المغربية.

لكن الذي لم ينتبه إليه المشرفون على مختبر المرادية العسكري أن في السياسة، كما في الحروب، لا شيء يمنح مجانا، فحتى السلام له فاتورته التي تكون جد باهظة حين تتشابك الأمور وتتعدد التهديدات الأمنية ضد بلد جار (menaces)،سواء بتسليح مليشيات واحتضانها وايواءها وتمويلها وتدريبها… أو بعمليات إرهابية…(فندق اسني)،،،(كديم إزيك) ، لضرب السياحة المغربية لتختلط دماء الأبرياء من المغاربة الأوفياء لشجرة الأوفياء وضيوفهم من السياح الآمنين في الفنادق بصوت التصفيق في قاعات نادي الصنوبر أطراف العاصمة الجزائرية.

إن مدلول ودلالات تقاسم فاتورة السلام، ليس شعارا دبلوماسيا يقال بعدما فشلت جميع المناورات والمؤامرات وانفقت على استهداف المغرب الملايير من الدولارات، “مال قارون حسب تعبير الرئيس تبون”،،،

بل هي معادلة مؤلمة بين من دفع الثمن بدماء الشهداء الأبرياء، ومن يريد أن يبحث له عن ضربة جزاء في نهاية “الماتش” عن ضربة جزاء، لكي يجني الربح بالكلمات….لتجنب ما تقرر وما هو آت .

لذلك على إخواننا في الجزائر الشقيقة أن يعرفوا أن السلام في جوهره، ليس ورقة توقع، وليست شعارا يرفع، بل هو مسؤولية دولة، تلزم الجميع بأن يتحملوا نصيبهم من الخسارة كما من أمل العيش المشترك في أمن وأمان داخل فضاء اتحاد مغاربي يوفر التنمية والرافهية لشعوب الإتحاد،لإن الشعوب المتحضرة، حين تنهكها الحروب، لا تبحث عن المنتصر أو المنهزم، بل عن من يمتلك شجاعة تحمل مسؤولية تقاسم فاتورة السلام التي تدل وتعني أن يعترف كل الخصوم بأخطائهم، وبدماء الأبرياء التي سقطت بسببهم وأموال الناس التي ضاعت بسبب تهورهم واخطاء حساباتهم، وأن يتشاركوا في إصلاح ما أفسدته القرارات العشوائية الفاقدة لأي منطق او شرعية أو البنادق والقاذفات وراجمات صواريخ مرتزقة ومليشيات متعددة الجنسيات استهدفت جنودنا البواسل ووحدتنا الترابية، وما بعثرته الأيديولوجيا وعقيدة العداء الراسخة في الذهينة العسكريةالجزائرية.

إن تقاسم فاتورة السلام في معناها النبيل هو أن يتحمل الظالم المعتدي كافة الخسائر ويدفع الفاتورة بالعقل أولا وبالمال ثانيا وبالاعتراف بأخطائه ثالثا وبالصدق رابعا وأخيرا،،، حتى يسجل ويكتب في ذاكرة وكتب الجغرافيا والتاريخ صدقا وبرهانا عن لحظات وعي سياسي وأخلاقي، يؤرخ فيها لحكمة الزعماء أكثر مما تختبر فيها دسائس السياسة والساسة ومناورات المفاوضين حتى لا يكون السلام المنشود مجرد نهاية معركة فقط، بل بداية وعي جديد بأن الأوطان لا تبنى على جثث الأبرياء والخصومات وعقيدة العداء، بل على التعاون والتكامل بين الشعوب وحسن الجوار والمحبة والإخاء، وأن جميع الظروف صارت مجتمعة اليوم أكثر من أي وقت مضى لطي هذا النزاع المفتعل خصوصا، بعد الاعترافات الدولية المتتالية بسيادة بلادنا على كافة اقاليمنا الجنوبية من طرف كافة بلدان المعمور وخاصة إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرهم من الدول لينضاف اليهم منذ اسبوع الموقف الروسي والذي أكد أن روسيا مستعدة لدعم الحكم الذاتي لأنه شكل من أشكال تقرير المصير في القانون الدولي، بالإضافة طبعا إلى جميع الدول العربية والإسلامية والسواد الأعظم من دول بلدان الإتحاد الإفريقي الشيء الذي جعل الجزائر تعيش عزلة دولية، وتوترات اقليمية مع محيطها المباشر مالي والنيجر وليبيا، وانكشاف وافتضاح أمر حكامها أمام العالم، أن من يحكم ويتحكم في الجزائر، نظام عسكري محض ليس إلا،نظام يختفي ويتخفى في قناع مدني أكدت الأيام أنه يعيش منهار داخليا ومن أبرز مظاهر انهياره وتجلياتها وجود العشرات من جنيرالاته في دهاليز السجون العسكرية الجزائرية في الوقت الذي فضل بعضهم الهروب نحو أوروبا وعلى رأسهم قائد الدرك الوطني الجزائري اولحاج ومدير المخابرات الداخلية المدعو ناصر الجن، الشيء الذي جعل العالم يدرك بما لا يدع مجالا للشك،،، أن نظام العسكر في الجزائر هو الطرف المباشر في نزاع الصحراء المفتعل والممول الرئيسي والداعم الأول والأخير والمصدر للارهاب ضد دول الجوار.

لذلك وجب التنبيه على.. ألا تقبل كل الأنفاس الحرة من شرفاء هذا الوطن بأي اتفاق سريع يعطي الأوكسجين لنظام عسكري يختنق يوما عن يوم، بل علينا كمغاربة، أن نضع شروط واضحة تنتج مصالحة حقيقية وفعلية مع الجارة الجزائر، مصالحة ترتكز على أسس متينة لأنه، لاثقة في نظام وبلد يغلق مجاله الجوي في وجه طائرات تحمل ضيوف الرحمن إلى الديار المقدسة، وأخرى تحمل رياضيين مغاربة للمشاركة في منتديات أو مباريات افريقية ودولية.

دون أن ننسى، حقوق وما تعرض إخواننا واخواتنا، ضحايا الطرد التعسفي والقسري سنة 1975،الذين تم طردهم ومصادرة جميع بيوتهم وممتلكاتهم واموالهم وارصدتهم ومجوهرات نسائهم دون وجه حق،،، فقط،،، لأنهم مغاربة.

عيشي يا بلادي الغالية يا حبي لكبير.