مصطفى كرين
وجهة نظر

مؤشرات مقلقة حول تجديد الحماية على المغرب

يبدو أن عملية تجديد الحماية على المغرب، تجري على قدم وساق، وتجري بسرعة ودقة متناهيتين إلى درجة ألا أحد تقريبا انتبه لهذا الأمر.

منذ سنوات قلتُ إن شمال إفريقيا مرشحٌ بقوة لـ “احتضان” حرب بين الجبابرة على ملعب بعيد من عواصمهم، وقبل شهورٍ قلتُ إن هذه الحرب في شمال إفريقيا قادمة لا محالة، كما قلت بأن غباء النظام الجزائري البئيس يسهل كثيرا حدوث هذا السيناريو، واليوم أضحى جليًا بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يهيء الظروف لإشعال المنطقة من أجل تحقيق مبتغاه في استعادة تواجده بها وهيمنته عليها، كيف؟ …

بعد مشروعه المعلن حديثا حول سعيه لتمديد مظلته العسكرية كي تشمل سبتة ومليلية، ها هو حلف الناتو يقرر في اجتماعه الحالي بأن من حقه الهجوم على الجزائر، من خلال تصنيف عملية قطع الغاز الجزائري المحتملة عن إسبانيا عدوانا عسكريا، يبرر تدخله طبقا للمادة الخامسة من ميثاقه وفي إطار ما يعتبره حقا تكفله المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وبغض النظر عن أن النظام الجزائري يستحق فعلا لعملية تفكيك قسري، فإن حدوث أمر كهذا يعني بالنسبة لنا شيئين أساسيين بالغي الخطورة والتعقيد:

أولا: إن موافقتنا أو حتى سكوتنا على هذا الأمر يعني بأنه إذا قرر المغرب غدا مثلا، لسبب من الأسباب، تعليق اتفاق الصيد البحري أو تعليق تصدير الفوسفاط لأي دولة منضوية تحت الحلف الأطلسي فإنه سيكون من “حق” الحلف، بناء على هذه السابقة، التدخل عسكريا لإرغام المغرب على فعل ما يريد، وهذا أمر كما قلنا في غاية الخطورة، خصوصا بعدما وضع المغرب كل بيضه في سلة الغرب وبالتالي قد لا يجد من يسانده في حالة حدوث أمر كهذا، خصوصا بعدما اعتبر الحلف أن الاستعمال السياسي لمسألة الهجرة أو قطع الكهرباء في نفس مستوى قطع الغاز، مع الاحتفاظ لنفسه بحق تفسير معنى “الاستعمال السياسي للهجرة غير الشرعية”.

ثانيا وهذا هو الأسوء: إذا تدخل الحلف في الجزائر، بناءً على ما ورد آنفا، فإن تدخل روسيا عسكريا للدفاع عن الجزائر سيكون تحصيل حاصل، وهذا ما سيجعل المغرب قاعدة خلفية لطائرات وصواريخ الحلف وبالتالي فإن كل الضربات الروسية وربما الصينية المحتملة ستحل بأرضنا وليس بأوروبا أو أمريكا، مع احتمال كبير بأن يتم استعمال أسلحة نووية في هذه المواجهة.

وفي الحالتين السابقتين معا فإن الأمر مرادف لعودة التواجد الغربي الطويل الأمد تحت مبرر الحماية إن لم نقل عودة الاستعمار.

إذا ما الذي يجري ياسادة، هل نحن في غيبوبة أم ماذا؟

تعليقات الزوار