منتدى العمق

المخيم بين التربية و الترفيه

لا شك أن المخيم محطة من المحطات السنوية المهمة في حياة الطفل ، و فضاء من الفضاءات التربوية التي يجب الاعتناء و الاهتمام بها فالمخيم حقيقة يمكن أن يتحقق فيه ما لا يتحقق داخل الفضاءات الأخرى مثل المنزل و المدرسة بحيث يمكن للتلميذ/الطفل أن يتعلم أشياء لا يمكن أن يتعلمها في المنزل مثل الاعتماد على النفس في إعداد فراشه ،مثل ترتيب ملابسه و ارتدائه لها ،مثل القيام ببعض المصالح مع الفرقة /الجماعة التي ينتمي إليها مثل إعداد و ترتيب الخيمة أو البيت ،مثل تنظيف المرافق الصحية و تزيين الساحة و إعداد الطعام ،كما يتعلم كيف يندمج اجتماعيا مع أقرانه ،كما يتربى على قيم المواطنة ،يتربى على قيم التضامن ،التسامح ، الإيثار ، التعاون ، الصبر، المشاركة ، الديموقراطية ، الصلاة ، تنظيم الوقت، المنافسة ، احتــرام و تقــدير الآخـــر ،… فـأغـلب هذا لا يمكن أن يتعلمه الطفـــل و خصوصا -طفل اليوم- لا في المنزل مع الوالدين و الإخوة و لا داخل المدرسة مع أصدقائه التلاميذ ، بحيث أنه يقضي مدة يسيرة بالمدرسة و يرجع إلى المنزل ناهيك عن كون مجموعة من الآباء اليوم يرافقون أبناءهم إلى المدرسة ذهابا و إيابا مما يجعل التلميذ/الطفل يتربى على الاتكالية و الاعتماد على الآخرين ، في حين أنه يقضي مدة عشرة أيام على الأقل بالمخيم بحلوها من فرح و متعة ، و مرها من صعوبة اندماج و فراق للأهل .. ثم أن التلميذ/الطفل يتعلم و يلقن أشياء ما كان أن يتلقاها في المدرسة مثل مجموعة من الأناشيد التربوية و الأخلاق الحميدة و الألعاب الذكية و ..و الجميل في هذه التربية أنه يتلقاها في قالب يطبعه المتعة و الترفيه الشيء الذي يجعل من التلميذ/الطفل يتلقاها بقبول و بسرعة و بدون تكلفة و عناء. .
المخيم للترفيه

المخيم لا يتوقف عند التربية فقط بل هو فضــاء كذلك للترفيه و الترويح على النفس بعيدا عن الأهل بعيدا عن المنزل لما يمكن أن يتمتع به التلميذ/الطفل و يمـــارسه من سبـــاحة و ألعــــاب و أنـــاشيد و خرجات استكشافية و زيارات لبعض المآثر التاريخية و المناظر الطبيعية كالجبال و الوديان و السهول مع فئة عمرية ينتمي إليها ما لا يمكن أن يتوفر له خلال السنة بأكملها مع الأسرة، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار زحمة الوقت لدى الأسر الميسورة و الانهماك في تكاليف الحياة و فتنها ، و قلة ذات اليد عند الأسر الفقيرة و التفكير في لقمة العيش و توفير أدنى الحــاجيـــات من مــأكل و ملبس و سكن و .. و .. و بالأحرى أن تفكر في تخييم الأبناء ،الشيء الذي يطرح نفسه كل عطلة صيفية على الوزارات المعنية بالرغم من الجهود المبذولة و على المجتمع المدني و الجمعيـــات حـــول عدد المستفيدين من المخيمـــات و نوعيتهم و كم تخصص الوزارة المعنية من منح للأطفال المفروض أن يشملهم برنامج و مخطط التخييم ، ناهيك عن الفضاءات المعدة لاستقبال هؤلاء الأطفال …

و خلاصة القــول فإن المخيم يجمع بين التربية في قــالب المتعة و الترفيه ، و الترفيه و الترويح في قالب من التربية و التعليم ..لذلك وجب على الدولة و الجهات الوصية المزيد من الاهتمام و العناية بالتخييم ، و توفير المزيد من المراكز و الفضاءات ، و توسيع فرص الاستفادة للأطفال و التلاميذ و خصوصا منهم المنحدرون من المناطق النائية و القرى و أبناء الطبقات الفقيرة ،و على الجمعيات المنظمة للتخييم تجويد الأهداف و البرامج و تجديد آليات التعامل مع الطفل لاستيعابه بشكل جيد ،كما على المؤطر الاجتهاد أكثر في اكتساب و تعلم مهارات التعامل مع الفئة المستهدفة _و هذا ما سأتطرق إليه بحول الله في المقال المقبل تحت عنوان “حاجيات التلميذ و كفاءة المؤطر”_ دون أن نغفل الدور الكبير الملقى على عاتق الأسرة من التحفيز و الاختيــار و الانتقاء ..